عماد مرمل _ خاصّ الأفضل نيوز
من الواضح أن أركان السلطة حاولوا خلال الزيارة الأخيرة للموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس لبيروت امتصاص الضغط الذي يتعرضون له لنزع سلاح حزب الله على توقيت "الساعة الأميركية" المختلف عن توقيت بيروت وحساباتها التي تستند إلى ركيزة أساسية وهي حماية السلم الأهلي، تفاديا لتكرار تجربة الحرب الداخلية التي نحيي في هذه الأيام ذكراها الخمسين.
صحيح أن أورتاغوس بدت خلال لقاءاتها أقل عدوانية في لهجتها عن الزيارة السابقة، لكن ذلك لا يعني أن أي تعديل قد طرأ على جوهر طرحها الداعي إلى نزع سلاح حزب الله بأسرع وقت ممكن، والذي ترجمته في مقابلة أجريت معها بعد مغادرتها بيروت بقولها إن الحزب هو سرطان يجب استئصاله!
ولئن كانت أورتاغوس لم تحدد مهلة زمنية لنزع السلاح ولم توجه تهديدات مباشرة إلى المسؤولين، إلا أنها أوصلت رسالة ابتزاز مفادها أنه في حال لم يتم سحب السلاح بلا إبطاء فإن لبنان سيخسر شراكة الولايات المتحدة.
وقد علقت إحدى الشخصيات اللبنانية التي واكبت التحرك الأميركي على هذا الموقف لأورتاغوس بالقول: "ربما تكون الخصومة مع الولايات المتحدة الأميركية مكلفة غير أن التحالف معها مكلف أكثر بالتاكيد. ويكفي عرض التجارب التي مر فيها كُثرٌ من حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط للتأكد من هذه الحقيقة."
وعلى وقع المدِّ والجزر في الضغوط الأميركية، تواصل بعض القوى اللبنانية تصعيد خطابها الذي لم يقتصر على استهداف حزب الله وحسب، بل إن "القنص السياسي" وصل إلى قصر بعبدا بسبب إصرار رئيس الجمهورية على معالجة ملف السلاح بالحوار وضمن استراتيجية الأمن الوطني التي تنبثق منها استراتيجية دفاعية.
وبدا لافتا في هذا السياق أن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وجه انتقادات إلى الرئيس جوزيف عون، خلال مقابلة أجراها مؤخرًا مع إحدى المنصات الإعلامية واعتبر فيها أنه "حتى الآن، لا يبدو أن هناك دولة"، مشيرا إلى: "إنهم يقولون على سبيل المثال إن السلاح في شمال الليطاني يتطلب حوارًا وطنيًا، والحوار الوطني هذا هو أداء غير جدي ولا يُشجع الدول على التعامل معنا بجدية."
ولفت إلى أن "الرئيس عون ذهب إلى السعودية، وكانت لديه مطالب عدة، لم يتم تلبية أي منها لأنهم لم يشعروا بعد بجدية حيال ما يحدث، فالسلطة هي سلطة، ولا يمكن أن تكون "أبو ملحم".
وتستغرب أوساط سياسية موقف جعجع حيال ما أسمته "حكمة" رئيس الجمهورية في التعاطي مع مصير سلاح حزب الله، معتبرة أن ما طرحه رئيس "القوات" يعكس نوعا من المزايدة والضغط على رئيس الجمهورية وقائد الجيش اللذين يرفضان استخدام السلاح لنزع السلاح، خصوصا أنهما يعرفان تداعيات مثل هذا الأمر على الاستقرار الداخلي والمؤسسة العسكرية.
وتشدد الأوساط على أن من يدفع نحو محاولة نزع السلاح قسرا إنما يأخذ البلد إلى الحرب الأهلية مجددا، عشية الذكرى الخمسين لاندلاعها والتي يجب أن تكون مناسبة لاستخراج العبر وليس لتكرار التجربة.
وتُلفت الأوساط إلى أنه حتى الحوار حول السلاح يجب أن يبقى مؤجلا إلى حين انسحاب العدو من التلال اللبنانية الخمس التي لا يزال يحتلها، والإفراج عن الأسرى اللبنانيين في سجونه، والتوقف عن الاعتداءات على الداخل اللبناني واحترام القرار 1701 ووقف إطلاق النار، لأنه من غير المقبول مناقشة مستقبل السلاح بينما العدو الإسرائيلي لا يزال ينتهك سيادة لبنان بأشكال مختلفة من دون أن تردعه لا قرارات دولية ولا مناشدات السلطة.