حمل التطبيق

      اخر الاخبار  القناة 11 الإسرائيلية: مباحثات متقدمة بين ‎واشنطن وتل إبيب بشأن توجيه إنذار نهائي لحماس   /   نائب الرئاسة الذاتية لشمال وشرق سوريا: لم نبلغ بموعد انسحاب القوات الأميركية   /   اندلاع حريق في منطقة زوق مصبح في موقع قريب جدا من الأبنية السكنيّة ما يشكّل تهديداً للسكّان   /   القناة 12 الإسرائيلية: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون وسط تل أبيب للضغط على الحكومة لإنجاز صفقة تبادل   /   57 شهيدا بنيران جيش الاحتلال منذ فجر اليوم بينهم 35 من منتظري المساعدات   /   قيادة الجيش: بتاريخ 2/8/2025 ما بين الساعة 18.30 والساعة 20.00 ستقوم وحدة من الجيش بتفجير ذخائر غير منفجرة في حقل عيناتا – بنت جبيل   /   مراد يستقبل شباب الجراحية ويؤكد على دورهم في التنمية والتغيير   /   الرئيس الجزائري: الجزائر لن تطبع مع إسرائيل قبل إقرار حل الدولتين   /   وزير خارجية إيران: وكالة الطاقة الدولية وافقت على آلية جديدة سترسل فريقاً إلى إيران للتفاوض وللتعاون معنا   /   التحكم المروري: حركة المرور كثيفة من نهر الكلب حتى مفرق غزير   /   الجديد: حتى اللحظة من المؤكد أن الوزراء ياسين جابر ومحمد حيدر وجو رجي سيتغيبون عن جلسة الثلاثاء بداعي السفر   /   مصدر مقرب من وزراء حركة أمل وحزب الله لـ "الجديد" : العمل جارٍ لسحب أيِّ فتيلٍ من شأنه تفجير الحكومة خلال جلسة الثلاثاء   /   أكثر من ألف موظف في الاتحاد الأوروبي: يجب على الاتحاد فرض عقوبات مالية وتجارية على المسؤولين الإسرائيليين   /   وزارة الخارجية الإيرانية: الأنباء عن إغلاق بعض السفارات في طهران شائعات تنشر في إطار حرب نفسية تشنها "إسرائيل"   /   "نيال أهل البقاع".. قبلاوي يُشيد بالنموذج المتكامل لمؤسسات "الغد الأفضل"   /   الجيش: تفجير ذخائر غير منفجرة بين الساعة 18.30 والساعة 20.00 في حقل عيناتا – بنت جبيل   /   عائلات الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين: قرار توسيع العملية البرية بدلا من إبرام صفقة شاملة هو حكم على أبنائنا بالموت   /   مفوض أونروا: ما يسمى بنظام المساعدات في غزة مسؤول عن مقتل نحو 1400 جائع   /   زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد: يجب الإفراج عن جميع الرهائن   /   الأسير الإسرائيلي لدى القسام أفيتار دافيد: أنا لم آكل منذ أيام على التوالي ولا أعلم ماذا سآكل   /   وزير الخارجية الإيراني: يمكن إعادة بناء المنشآت المدمرة لأن لدينا الكثير من العلماء النوويين   /   حماس تدعو الإدارة الأميركية للعمل على اتفاق لوقف النار يُفضي إلى وقف الحرب   /   السفير الأميركي في إسرائيل: لا خلاف بين ترامب ونتنياهو وعلاقتهما على الأرجح أوثق من أي وقت مضى   /   الأردن يعلن تنفيذ 5 إنزالات جوية لإيصال مساعدات إنسانية وغذائية إلى قطاع غزة بمشاركة دولة الإمارات وفرنسا وألمانيا   /   إذاعة الجيش الإسرائيلي: إطلاق نار نحو فلسطيني حاول تنفيذ عملية طعن عند مدخل مستوطنة "مدمتسر"   /   

إدمان "التَّسوُّق": هل يشتري الناس احتياجاتهم أم يهربون من الواقع؟

تلقى أبرز الأخبار عبر :


غدير عدنان نصرالدين-خاصّ الأفضل نيوز

 

…حقائب ممتلئة، دفاتر حسابات مثقلة، ووجوه يملؤها الحماس لحظة شراء قطعة أو أي شيء جديد يرغبون به، من ثمّ يخيم عليهم شعور القلق من المصاريف غير الضرورية، حيثُ بات السّؤال أساسياً، هل جزء كبير من الشعوب عموماً، واللبنانيين خصوصاً ضحايا العروض المُغرية التي تنزل الأسواق في كل موسم؟ أم أسرى لحاجات نفسية خفية يتم تفريغها من خلال شراء الأشياء؟

 

التسُّوق، أو تحديداً الإدمان على التسوق، تخطّى كونه فعلًا إستهلاكيًّا يرتبط بالحاجة أو الترف، بل تحول إلى ظاهرة إجتماعية تتفاقم مع اشتداد الأزمات سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو حتّى نفسية، بحثاً عن شعور مؤقت بالسعادة للهروب من ضغوط ومشاكل الحياة.

 

وبينما يبدو الإنفاق على شراء الأغراض وسيلة للمتعة، فإنه في بعض الحالات يتخذ منحى إدمانيًّا، حيث دفعت الأزمات المتلاحقة، على عكس المتوقع، بالكثيرين إلى الإنفاق المفرط، رغم ضيق الأحوال المالية.

 

وفي الإطار ذاته، أكدت المعالجة النفسية زينة زويل، في حديثٍ لــ"الأفضل نيوز"، أن الإدمان على الشراء، وفقاً لعلم النفس التحليلي، يُعد بمثابة آلية دفاعية غير واعية يلجأ إليها الفرد لحماية نفسه من مخاوف أو مشاعر معينة، أو للتعبير عن أمر ما بطريقة غير مباشرة. وأوضحت أن الأمر يتجاوز مجرد اقتناء الأغراض، بل هو أعمق من ذلك بكثير. 

 

الإدمان على "التسوق": بين الرغبة القهرية والانعكاسات النفسية

 

خلال كلامها عن ظاهرة إدمان التسوق، أوضحت زويل أن هذا السلوك يتمثل في شراء الأغراض دون الحاجة الفعلية إليها، وهو غالبًا ما يكون مدفوعًا برغبة لا يمكن السيطرة عليها. وأشارت إلى أن المدمن على التسوق غالبًا ما يعاني من مشاعر الذنب بعد الشراء، ويشعر بأنه فقد القدرة على التحكم في قراراته الاستهلاكية، مضيفةً أن بعض الأشخاص يلجأون إلى إخفاء مشترياتهم عن الأهل والأصدقاء لأنهم يتعرضون للملامة، ما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى خلق مشاكل "علائقية"، أي بعلاقاتهم معهم. كما ميَّزت زويل أن هذا السلوك يختلف عن التسوق الطبيعي، الذي ينبع من الحاجة الفعلية إلى الشراء، ويكون الشخص فيه قادرًا على التحكم في قراراته الاستهلاكية، مشددةً على أن إدمان التسوق لا يُعتبر اضطرابًا وسواسيًا، بل هو سلوك قهري يدفع الشخص إلى الشراء رغم إدراكه أنه لا يشعر برضى دائم، بل بالذنب. وغالبًا ما يرتبط هذا السلوك بحدث معين مثل الأزمات أو المشاكل الاجتماعية والعاطفية، حيث يتحول التسوق إلى رد فعل غير واعٍ تجاه هذه الضغوط.

 

إدمان التسوق: هل هو تعبير عن الفراغ العاطفي أم آلية هروب نفسية؟

 

فنَّدت المعالجة النفسية زينة زويل الأسباب المتعددة للإدمان على التسوق، والتي معظمها يبدأ أحيانًا من الطفولة، حيث قد يرسّخ الأهل لدى أطفالهم فكرة أن الحب والاهتمام يُعبَّر عنهما بالهدايا، ما يؤدي إلى تكوين ارتباط ذهني بين المشاعر والشراء. وهكذا، كلما شعر الفرد بالحاجة إلى الحب أو الاهتمام، يلجأ إلى التسوق كوسيلة لسد هذا الفراغ العاطفي. وفي كثير من الحالات، يصبح الشراء محاولة لــ"ملء فراغ معين"، سواء كان عاطفيًا أو نفسيًا... فالبعض يرى في التسوق وسيلة لتعزيز شعورهم بالأهمية الذاتية، وكأنهم عند اقتناء الأشياء يسدّون فجوة داخلية تعكس احتياجاتهم وتسدّ النقص لديهم.

 

علاوةً على ما رود سابقاً، أوضحت زويل أن بعض الحالات يتحول فيها التسوق إلى وسيلة دفاعية يلجأ إليها الفرد لحماية نفسه من مشاعر الحزن والقلق والاكتئاب،

 شارحةً أنه عند كل إحساس بالوحدة أو الضيق، يجد البعض في الشراء ملاذًا لتجاهل هذه المشاعر، حيث يمنحهم لحظة مؤقتة من الارتياح، وكأنهم يملؤون فراغًا داخليًا. غير أن هذا السلوك، وفقًا لعلم النفس، يُعرف بالــ acting out، حيث يتجنب الشخص مواجهة مشاعره السلبية والتعبير عنها بشكل صحي، ويستبدلها بأفعال مثل التسوق لإخمادها أو كبتها. بهذه الطريقة، لا يعيش الفرد إحساسه بالحزن كما هو، بل يسعى للهروب منه من خلال الإنفاق، مما يجعله عالقًا في دورة غير واعية من التخفيف المؤقت دون معالجة السبب الحقيقي وراء هذه المشاعر.

 

التسوق الفاخر: محاولة لتعزيز القيمة الذاتية أم تعويض للنقص الداخلي؟

 

أضافت زويل أن التسوق، غالباً ما يصبح وسيلة يسعى من خلالها البعض لتعزيز شعورهم بالقيمة الذاتية، خاصة عند التركيز على اقتناء السلع الفاخرة أو العلامات التجارية الشهيرة. وأشارت إلى أن الأشخاص الذين يعانون من تدني تقدير الذات أو الشعور بالدونية غالبًا ما يلجؤون إلى شراء الأشياء الثمينة كطريقة للتعبير عن القيمة الداخلية التي يفتقدونها.

 

وأوضحت أن هذا النمط من الإنفاق لا يعكس مجرد تفضيل للمنتجات الفاخرة، بل يعبر عن حاجة نفسية لتعويض الشعور بالنقص الداخلي. فمن خلال امتلاك مقتنيات خارجية ثمينة مثل الذهب أو الملابس ذات العلامات التجارية الفاخرة، يسعى الفرد إلى خلق إحساس بأهميته الذاتية، في محاولة لخلق شعور أنه مهم بينما في الأساس يشعر عكس ذلك.

 

…حين تتحول المشتريات إلى تعويض نفسي عن آثار طفولة "محرومة"!

 

ومن جهة ثانية، لفتت زويل إلى أنّ إدمان التسوق يرتبط بصراعات الطفولة المبكرة، حيث أكدت زويل أن السنوات الأولى، ولا سيما الأشهر الأولى من حياة الطفل، تلعب دورًا جوهريًا في تشكيل احتياجاته النفسية والعاطفية. فإذا تعرض الطفل للحرمان من الاهتمام العاطفي أو لم تُلبَّ احتياجاته الأساسية -سواء كانت نفسية أو غذائية- فإنه يكبر وهو يحمل شعورًا بالنقص وعدم الاكتفاء، ما يدفعه لاحقًا إلى البحث عن وسائل تعويضية.

 

وفي هذا السياق، يتحول التسوق إلى محاولة لسد هذا الفراغ، حيث يسعى الشخص إلى تعويض ما افتقده في الطفولة عبر شراء الأغراض، سواء كانت أطعمة، ملابس، أو مقتنيات فاخرة؛ فالماركات والعطور والملابس الثمينة تصبح رموزًا لهذا النقص العاطفي غير المشبع، وكأن الفرد يعوّض عن فقدان الاهتمام بحيازة الأشياء التي تمنحه شعورًا بالقيمة.

 

بعد الحرب: "التسوق" في محاولة لاستعادة السيطرة وإثبات القوة

أما فيما يتعلق بتفاقم إدمان التسوق في لبنان، لا سيما بعد الحرب الأخيرة، شرحت المعالجة النفسية زينة زويل أن الإنسان يجد صعوبة في تقبّل فقدان السيطرة على أمور حتمية مثل الحرب والموت، وهو ما يولّد لديه شعوراً ورغبة قوية في السيطرة.

 

خلال الحرب وما بعدها، يشعر الفرد بالوهن والضعف، حيث يرى نفسه فاقداً القدرة على التحكم بمجريات الأمور. وبما أن الحرب تبقى خارج نطاق سيطرته، يأتي رد الفعل بعد انتهائها بمحاولة استعادة الإحساس بالقوة عبر سلوكيات مختلفة، من بينها التسوق. فعملية الشراء تصبح آلية يسعى من خلالها الفرد إلى السيطرة على شيء معين تعويضاً عن العجز الذي واجهه مسبقاً. وهكذا، يتحول التسوق إلى وسيلة لإثبات القوة والتأكيد على أن الحياة مستمرة وكل شيء على ما يرام.

 

كيف يمكن للمُدمن على الشراء التخلص من هذا السلوك؟

 

وفي الختام، أكّدت زويل أن التسوق أو أي سلوك آخر يمكن أن يلجأ إليه الشخص كآلية دفاعية أمام مشاعر وتحديات حقيقية يعيشها ما هو إلا هروب من تلك المشاعر، فكلما استطاع الفرد التعامل مع مشاعره بطريقة صحيحة، قلّ اعتماده على تلك الوسائل الدفاعية.

 

كما أوصت الأشخاص الساعين للتخلص من إدمان التسوق بضرورة الاعتراف بوجود المشكلة، والبحث عن جذورها، سواء من خلال طلب المساعدة أو عبر تنمية الوعي الذاتي. وهذا يعني مواجهة الذات والغوص في أعماق النفس، بدلاً من الهروب إلى التسوق كحل مؤقت.

 

 

في المحصلة، لا يمكن غض النظر أن الإدمان على التسوق يتجاوز كونه مجرد رغبة في امتلاك الأشياء، ليصبح انعكاسًا لمشاعر داخلية معقدة. سواء كان ذلك تعويضًا عن نقص نفسي، أو محاولة لاستعادة السيطرة بعد الأزمات، ولكن يبقى السؤال: كيف يمكن للفرد تحقيق توازن صحي بين الحاجة الفعلية للشراء والتأثيرات النفسية غير الواعية؟