حمل التطبيق

      اخر الاخبار  ‏وكالة الأنباء الأوكرانية: طائرات مسيرة أصابت خزانات النفط في ميناء تيمريوك بإقليم كراسنودار الروسي   /   وزير الداخلية أحمد الحجار: الحكومة مُلزمة بالقانون الانتخابي النافذ وأنا على ثقة بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها   /   قوة إسرائيلية تتوغّل إلى وسط كفركلا وتنسف منزلين   /   النائب سيمون أبي رميا لـmtv: هناك إرادة ونحن في مرحلة جديدة فبعض المحرمات في السابق كموضوع حصرية السلاح تطرح على الطاولة على أمل أن تكون هناك ولادة جديدة للبنان   /   النائب زياد الحواط لـmtv: نحن في مرحلة جديدة تتطلّب ظروفاً استثنائية وبالتالي موضوع السلاح والإصلاحات الاقتصادية هي محور المرحلة المقبلة وعلى الحكومة أن تتعاطى بجدية وحزم   /   فضل الله للداخل: اتقوا غضب الناس لأن هذا الغضب اذا انفجر بسبب الضغط لن يُبقي لكم شيئًا في الداخل   /   النائب حسن فضل الله: بعض من في الداخل يريد تأجيل الانتخابات لتعويله على الحصار والعدوان الإسرائيليين لإضعاف بيئة المقاومة حتى يتمكنوا من تحقيق خرق   /   إعلام سوري: قد يتم الإعلان عن الاتفاق بين "قسد" والحكومة السورية في دمشق بين 27 و30 كانون الأول الجاري   /   ‏جهاز الأمن الفيدرالي الروسي: احبطنا هجوم خططت له الاستخبارات الأوكرانية كان يستهدف منشأة تخزين للغاز بكالوغا   /   عراقجي: صمود الشعب الإيراني في العدوان الأخير أثبت أن إيران لن تستسلم ولن تخضع أبداً واليوم ستحبط الضغوط أيضاً   /   عراقجي: يبدو أن هناك مؤامرة جديدة تعد لإيران تستهدف اقتصادها لكنها ستفشل   /   تحليق للطيران المسير على علو منخفض فوق بيروت والضاحية الجنوبية   /   الراعي: الشعب تعب من الأزمات وينتظر فجراً جديداً ونؤمن أن الظلمة ليست قدراً وعيد الميلاد هو البداية الجديدة التي نقول فيها كفى حروباً وانقسامات وخوفاً من المستقبل   /   ‏الراعي: لبنان يبنى بالقرارات الشجاعة والحكمة وهذا الوطن مدعو ليكون وطن العيش معا وطن الرجاء لا الاحباط   /   الراعي: يمكن للبنان أن يقوم وأن يشفى وأن يكون وطن السلام ونرفع صلاة صامتة من أجل لبنان لأن يكون الميلاد بداية مرحلة جديدة يستعيد فيها هيبة الدولة والمؤسسات   /   الراعي: عيد الميلاد هو البداية الجديدة التي نقول فيها كفى حروباً وانقسامات وخوفاً من المستقبل   /   الراعي في قداس الميلاد: الشعب تعب من الأزمات وينتظر فجراً جديداً   /   رئيس مجلس القيادة اليمني: نثمن عاليا الموقف الثابت للأشقاء في السعودية إلى جانب شعب اليمن   /   ‏"القناة 12 الاسرائيلية": قبيل سفره إلى الولايات المتحدة سيعقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اجتماعا للكابينت مساء اليوم   /   عون ردًّا على سؤال بشأن سحب السلاح: القرار اتُّخذ والتطبيق وفقاً للظروف   /   عون: زيارة اليوم تقليدية لتقدمة التهاني للراعي وأعايد اللبنانيين جميعاً على أمل أن نشهد ولادة لبنان الجديد لبنان المؤسسات لا لبنان الطوائف والأحزاب   /   عون: أنا والرئيس بري والرئيس سلام مصممون على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها لكن على مجلس النواب مناقشة القانون الانتخابي   /   الرئيس عون: شبح الحرب بات بعيداً وأنا متفائل والأمور تتجه نحو الإيجابية واتصالاتنا لا تتوقف مع الدول المؤثرة خصوصا الولايات المتحدة الأميركية والدول العربية   /   الرئيس عون: هناك جرح في الجنوب فأهلنا لم يعودوا ولا تزال الاعتداءات مستمرّة وان شاء الله نشهد ولادة لبنان الجديد وتنتهي الحروب ونعيش السلام   /   الرئيس عون عقد خلوة مع البطريرك الراعي في مكتبه الخاص ببكركي   /   

الشرق الأوسط على شفير التحوّل: لبنان بين الانكشاف والصمود

تلقى أبرز الأخبار عبر :


إلياس المرّ - خاصّ الأفضل نيوز

 

تتشكل خرائط جديدة في الإقليم، وتتراجع أخرى كانت ثابتة لعقود. ليس في السياسة شيء دائم، لكن ما يجري اليوم في الشرق الأوسط لا يُقاس بالمواسم السياسية العابرة، بل بالزلازل الجيوسياسية التي تُعيد صياغة موازين القوة، وتفرز محاور، وتُسقط أخرى. في قلب هذا المشهد المتحرك، يقف لبنان كعادته، وسط العاصفة، لا يملك ترف الحياد، ولا رفاهية العزلة.

 

الولايات المتحدة لم تغادر المنطقة رسميًا، لكنها تراجعت فعليًا. منذ عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض مطلع العام 2025، تسير واشنطن في مسار مختلف: لا حروب جديدة، ولا التزامات ثقيلة، بل تحالفات تجارية، وصفقات نفطية، وإعادة توزيع للأولويات نحو المحيط الهادئ. في هذا السياق، تحوّل الشرق الأوسط إلى ساحة “إدارة مصالح” بدل “مشروع نفوذ”، وهو ما فتح الباب أمام قوى إقليمية أخرى لتوسيع أدوارها.

 

إسرائيل، شهدت فترة ولاية دونالد ترامب الثانية بداية عام 2025 تحولًا جذريًا في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، حيث برز توجه جديد يضع المصالح الاقتصادية في المقام الأول على حساب التحالفات التقليدية، بما في ذلك العلاقة مع إسرائيل. رغم الدعم العسكري الضخم لإسرائيل، شهدت العلاقة بين الطرفين توترًا ملحوظًا بسبب قرارات أميركية تركز على صفقات النفط والتجارة مع دول إقليمية أخرى، مثل السعودية وقطر، دون التنسيق الكامل مع تل أبيب. هذا النهج أدى إلى إحباط في الأوساط الإسرائيلية التي شعرت بتراجع الدعم السياسي في بعض الملفات الحساسة، كالتعامل مع إيران والتوسع الاستيطاني، ما دفع إسرائيل إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الإقليمية في ظل سياسة أميركية باتت تُدار بمنطق “المصلحة أولاً” وليس الحليف أولًا.

 

إيران، على الرغم من العقوبات والضغوط، لا تزال لاعبًا أساسيًا في هذا التحول. ففي العراق، رسّخت طهران نفوذها من خلال دعم حكومة ائتلافية قوية منذ منتصف 2024، بينما استمرت فصائل الحشد الشعبي في تعزيز قدراتها، وهدنة أميركا مع الحوثيين كان لها أثر ايجابي على مستقبل دور إيران في المنطقة، وكذلك صمود حزب الله في لبنان بوجه العدوان الإسرائيلي الأخير وعدم قدرتها على تفيكه والقضاء عليه بالرغم من الضربات غير المسبوقة التي تعرض لها، أيضا تعطي إيران دون شك ورقة قوة إضافية. 

 

أما تركيا، فقد دخلت هي الأخرى مرحلة جديدة من الدور الإقليمي، خاصة بعد نجاح الانتخابات الرئاسية في مايو 2023، والتي منحت الرئيس رجب طيب أردوغان تفويضًا أقوى لإعادة هندسة السياسة الخارجية. انخرطت أنقرة في عمق المشهد العراقي، ووسعت وجودها العسكري شمال الموصل، كما أطلقت مبادرة جديدة للحوار مع طهران، وطرحت نفسها كضامن مشترك في معادلات غزة ولبنان. تركيا لم تعد تكتفي بدورها كتوازن بين الغرب والشرق، بل باتت تسعى لتشكيل قطب ثالث قادر على التفاوض من موقع القوة.

 

في هذا المناخ المتحرك، يبدو لبنان مكشوفًا أكثر من أي وقت مضى. منذ نوفمبر 2022، والأزمة المالية التي التهمت أكثر من 90% من القدرة الشرائية للبنانيين، تعيش الدولة حالة شللًا تامًّا. ومع توقف الدعم الخليجي، وتراجع الانخراط الغربي، باتت بيروت في عين العاصفة بلا مظلة.

 

على الرغم من كل المتغيرات والتحولات الإقليمية، بقيت المقاومة في لبنان حجر الزاوية في معادلة التوازن الإقليمي. حزب الله وجناحاته العسكرية والسياسية استطاعوا الحفاظ على قوتهم التنظيمية والقتالية، مع تطوير قدراتهم الدفاعية والهجومية في مواجهة التحديات المتجددة. فقد برزت المقاومة خلال التصعيدات الأخيرة في الجنوب، وخاصة في مواجهات عدة مع إسرائيل، كقوة قادرة على الحفاظ على الاستقرار النسبي رغم الضغوط الدولية والإقليمية. كذلك، استمرت في تعزيز تحالفاتها مع القوى المقاومة في العراق وفلسطين واليمن، مما يعكس قدرتها على التكيف مع المشهد الجديد، والحفاظ على دورها المركزي كحامٍ للمقاومة والمشروع الوطني في وجه محاولات الإضعاف والتطبيع. هذا الحضور يؤكد أن المقاومة ليست مجرد قوة مسلحة، بل مشروع سياسي واجتماعي لا تزال تمثل خيارًا حيويًا لدى قطاعات واسعة من الشعب اللبناني.

 

 

هذا الحضور العسكري يتكامل مع بنية سياسية تعبّر عنها قوى متحالفة داخل البرلمان، ورصيد اجتماعي لا يزال قائمًا في البيئة المقاومة، رغم الأزمة الاقتصادية؛ فبحسب استطلاع أجراه “مركز الدراسات الوطنية” في مارس 2025، فإن 61% من سكان الجنوب والبقاع لا يزالون يعتبرون أن سلاح المقاومة “ضرورة في مواجهة إسرائيل”، مقابل 27% فقط يطالبون بتجريده دون ضمانات، وظهر ذلك جلياً من خلال الانتخابات المحلية في البقاع وتسونامي الجنوب، حيث فازت ٩٥ بلدية و ٧٧ مختاراً بالتزكية في محافظتي النبطية ولبنان الجنوبي،

 

لكن الأزمة لا تقتصر على المقاومة. القوى السيادية تعاني من انكشاف مماثل. مع تراجع الدعم الغربي، لم تعد تمتلك قدرة التفاوض أو التأثير، بل باتت أسيرة رهانات خارجية لم تعد قائمة. تيارات كانت تراهن على تدخل دولي أو مبادرة فرنسية أو غطاء خليجي، وجدت نفسها فجأة في العراء، تتنازع المواقف، دون مشروع جامع أو قدرة على الفعل.

 

هكذا، يعود السؤال الجوهري إلى الواجهة: من يحمي لبنان؟ هل المشروع هو بناء دولة تعتمد على ميزان قوى خارجي متبدل، أم إعادة إنتاج دولة مقاومة، تنبع من قدراتها الذاتية وتحالفاتها الحقيقية؟ في زمن الخرائط المتبدلة، لا مكان للفراغ، ولا مكان للضعفاء. وحدهم الذين يملكون رؤية متماسكة، وقدرة على الفعل، يستطيعون فرض وجودهم في معادلة لا تعرف الانتظار.

 

لبنان لا يحتاج إلى وهم الحياد، بل إلى وضوح التموضع. فالمعركة اليوم لم تعد بين محورين فقط، بل بين من يملك قراره وبين من ينتظر أن تُكتب له الأدوار من الخارج. وفي هذا الشرق، من لا يكون فاعلًا يُصبح مفعولاً به… أو خارج المعادلة.