محمد علوش - خاص الأفضل نيوز
تتجه الأنظار مجددًا إلى بيروت مع تواتر الحديث عن زيارة مؤجلة لنائبة المبعوث الأميركي إلى المنطقة، مورغان أورتاغوس، التي غالبًا ما ترتبط تحركاتها في المنطقة بتسريبات عن مبادرات غير تقليدية أو عروض ضاغطة.
فهل تأجيل زيارتها يعكس صراعاً داخل الدوائر الأميركية حول التعامل مع لبنان، أم هو مجرد تكتيك سياسي في توقيت إقليمي بالغ الحساسية، والأهم من ذلك ماذا قد تحمل في جعبتها للبنان، وهل يستطيع بلد يعاني من الانهيار الاقتصادي والسياسي أن يتحمل "عرضًا متكاملاً" قد يفرض عليه تسويات صعبة؟ وهل نحن على أعتاب حرب جديدة، أم تسوية تلوح في الأفق؟
منذ توليها مهامها في متابعة الملف اللبناني، اكتسبت مورغان أورتاغوس سمعة بوصفها واجهة للسياسات الأميركية الأكثر حدة، لا سيما في الملفات الحساسة مثل لبنان، إيران، وحزب الله، ما جعل تحركاتها في المنطقة تُقرأ غالبًا كمقدمة لتحولات أو كجسّ نبض للواقع السياسي والأمني، علماً أن الكثير مما يُقال أو يُكتب حول زياراتها يشمل تمنيات قائله أو كاتبه.
كلما ارتبط اسم أورتاغوس بزيارة إلى بيروت، يتم التداول بمصطلحات مثل "عرض أميركي شامل"، "إعادة ترسيم"، أو حتى "صفقة كبرى"، ما يجعل الزيارة بحد ذاتها حدثاً إعلامياً وسياسياً، حتى قبل أن تحدث، وهذا الأمر تكرر في كل مرة جاءت بها المسؤولة الأميركية إلى بيروت، فهل تحمل فعلاً عرضًا متكاملاً؟
تشير التسريبات الدبلوماسية إلى أن أورتاغوس قد تكون في صدد نقل "رؤية أميركية جديدة" تجاه لبنان، تتضمن حوافز اقتصادية مقابل ترتيبات سياسية وأمنية، خاصة في ظل التصعيد المستمر جنوبًا، وهذا العرض -إن وُجد– قد يشمل بحسب مصادر سياسية متابعة، حلًا نهائيًا لترسيم الحدود البرية بعد البحرية، وهنا الحديث أيضاً عن مصير مزارع شبعا التي بات بحوزة لبنان كما سوريا خرائط فرنسية بشأنها، رغم أنه لم يُكشف عن محتوى هذه الخرائط، تعهدًا بدعم مالي ومشاريع بنية تحتية مشروطة بتركيبة سياسية مستقرة ونزع سلاح حزب الله بشكل كامل، ضمانات أمنية لاحتواء أي تصعيد إقليمي بين حزب الله وإسرائيل، وإعادة ربط لبنان بمسارات التطبيع الإقليمي أو على الأقل تحييده في هذه المرحلة.
وتُشير المصادر إلى أن السؤال الأهم بحال وُجد هذا العرض سيكون هل يستطيع لبنان تحمّله، مشددة على أن الجواب يرتبط بتوازنات الداخل اللبناني التي تمنع اتخاذ قرارات جذرية دون توافق طائفي إقليمي ودولي، وهو أمر شبه مستحيل في الوقت الحالي.
هذا الموقف اللبناني المتمسك أولاً بانسحاب العدو الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، ووقف الخروقات والاعتداءات، لن يُرضي إسرائيل، ولكنه قد يُرضي أميركا بحال تمكنا من إقناعها بعد جدوى الخيارات الأخرى في تحقيق ما تصبو إليه، وهذا ما أكد عليه أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم في كلمته الأخيرة، متمسكاً بالمقاومة كفكرة وخيار وعمل بحسب الظروف المتاحة، لذلك تؤكد المصادر أن المنطقة، لا سيما الحدود الجنوبية للبنان، تقف على فوهة بركان، قد يشتعل وقد يبقى خامداً لفترة طويلة، فالحرب برأيها ليست مستبعدة، وهي لم تكن مستبعدة منذ اليوم الأول لسريان وقف إطلاق النار في تشرين الثاني الماضي، لكنها بنفس الوقت ليست مرجحة بالكامل، طالما أن الضغوط تُستخدم كورقة تفاوض، فالتصعيد اليوم يبدو محكومًا بسقف مرسوم بعناية من كل الأطراف، لكن أي خطأ في الحسابات قد يؤدي إلى انفجار واسع.

alafdal-news
