عماد مرمل - خاص الأفضل نيوز
بينما تقيم المنطقة فوق صفيح ساخن تُلهبه الحروب المتنقلة والمشاريع المشبوهة، لا يزال البعض في لبنان يلح على المطالبة بنزع سلاح المقـ.ـاومة واعتباره أولوية قصوى تتقدم كل الملفات الأخرى، كما تبين من مجريات الجلسة النيابية لمناقشة الحكومة حيث تعمد خصوم حـ.ـزب الله اختصار كل القضايا بمسألة تسليم السلاح فيما كان العدو الإسرائيلي يشنّ في الوقت نفسه غاراتٍ على البقاع ويزرع الرعب في صفوف الطلاب الذين كانوا يخوضون الامتحانات الرسمية.
وكان لافتًا أن أغلب دعاة نزع السلاح لم يتطرقوا خلال مداخلاتهم من على منبر مجلس النواب الى الاعتداءات الإسرائيلية وانتهاكات العدو المتراكمة لاتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701، أقله من باب التوازن الشكلي أو تسجيل موقف.
َوإذا كانت القوى الداخلية المعارِضة لسلاح حـ.ـزب الله تحاول في هذه المرحلة تكثيف ضغوطها على الدولة اللبنانية والحزب لحرق المراحل والتخلص من السلاح وفق روزنامة مكثفة، من دون الأخذ في الحسبان التهديدات العابرة للحدود الجنوبية والشرقية، إلا أن الأحداث المتلاحقة تبدو وكأنها تعزز موقف "الحزب" وتدفع حتى بعض الشرائح الشعبية غير الشيعية الى تفهم ضرورات عدم التخلي عن السلاح قبل إيجاد البدائل المقنعة والقادرة على حماية لبنان.
ويمكن في هذا السياق التوقف عند "هديتين" ثمينتين تلقاهما حـ.ـزب الله أخيرًا، الأولى من الموفد الأميركي توم برّاك الذي أيقظ الهواجس لدى جميع المكونات الداخلية عبر تصريحه المهدّد بضم لبنان الى بلاد الشام إذا لم يتحرك سريعًا لمعالجة ملف السلاح، إذ أن هذا التصريح الصادم اظهر أن لبنان هو في الحسابات الأميركية مجرد "مشاع" سائب وليس وطنًا نهائيًا، الأمر الذي عزز اقتناع البعض بأهمية الإبقاء على السلاح في هذه الفترة لمواجهة التهديد الوجودي الذي عكسه موقف الموفد الأميركي.
الهدية الأخرى التي تلقاها "الحزب" وصلت من الرئيس السوري أحمد الشرع الذي حرّك فالق القلق على المصير لدى "الأقليات" اللبنانية عبر الهجوم على السويداء وما رافقه من ارتكابات مهينة في حق الدروز شبيهة بتلك التي كان قد تعرض لها العلويون في الساحل، الأمر الذي دفع مناصري سلاح المقـ.ـاومة إلى الإصرار على التمسك به لمواجهة خطر القوى التكفيرية التي يبدو أن استلامها السلطة في سوريا وارتداءها ربطة عنق ورفعها عن لائحة العقوبات الأميركية عنها واحتضانها من قبل بعض الدول العربية.. كل ذلك لم يبدل بعد في جيناتها التكوينية غير المهيئة أو المؤهلة لقبول التنوع والاعتراف بحقوق الآخر.
وإزاء المخاطر التي يختزنها المضمر - المعلن عند برّاك، والأحداث الدموية في سوريا، هناك من يتساءل عما إذا كان التوقيت الحالي هو الأنسب لكي يتخلى لبنان عن عنصر قوته المتمثل في سلاح المقاومة، علما أن حـ.ـزب الله يبدي انفتاحا على البحث في استراتيجية دفاعية ترعاها الدولة بعد احترام العدو الإسرائيلي لمندرجات اتفاق وقف إطلاق النار.