غدير عدنان نصرالدين-خاص الأفضل نيوز
تلك المركبة الصّغيرة التي لطالما ربطت بين أذهان الناس والمدن الآسيوية المكتظة، وَجدت طريقها إلى لبنان مع بداية الأزمات المتتالية -الاقتصادية وغيرها- منذ مطلع العام ٢٠١٩، حاملةً معها قصصاً من الكفاح اليومي، والبحث عن لقمة العيش بكرامة…
وفي ظل الكمّ الهائل من المشاكل الاقتصادية التي أرخت بحبالها على المجتمع اللبناني، برز التوك توك كوسيلة نقل شعبية لا تقتصر فائدتها على التنقل فحسب، بل أصبحت مصدر رزق لعشرات العائلات التي وجدت فيه طوق نجاة من البطالة والفقر في مجتمعٍ أصبحت فيه مقومات الاستمرارية محدودة، خصوصاً لدى الفئات الشابة.
ومع تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، وارتفاع تكلفة النّقل العام ولا سيّما الخاص، أصبح التوك توك الخيار الأول للكثيرين، إلا أن انتشاره السريع منذ أربع سنوات وحتى يومنا هذا لم يخلُ من التساؤلات حول السلامة المرورية، التنظيم القانوني، التراخيص وغيرها ومن الأمور القانونية.
ومع ازدياد الكلام في الفترة الأخيرة عن احتمالية توقيف أعمال التوك توك وحظر هذه الوسيلة، بحجة الفوضى التي تتسبب بها على الطرقات أو غياب التراخيص، تصاعد القلق بين المواطنين وسائقي التوك توك على حدٍ سواء.
في سياق متصل، وخلال جولة ميدانية أجراها الـ "الأفضل نيوز" في عدد من شوارع مدينة النبطية وضواحيها، أكّد م.ع، وهو طالب جامعي يعمل على التوك توك في أوقات فراغه، أن هذه الوسيلة شكّلت له طوق نجاة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها عائلته، خاصة بعد أن أصبح والده عاجزاً عن العمل بسبب التقدم في السن. وأضاف أن التوك توك بات مصدر رزقه الوحيد في ظل غياب فرص العمل ضمن تخصصه الجامعي، مشدداً على أن أي محاولة لحظر هذه الوسيلة تعني حرمانه من لقمة العيش، متسائلاً: "لماذا لا يتم تنظيم عمل التوك توك بالتعاون مع الجهات المعنية بدل محاربته؟"
من جانبه، عبّر المواطن ج.ح، وهو سائق توك توك أيضاً، عن استيائه من ملاحقة السائقين، موضحاً أنهم لا يعارضون تطبيق القانون، بل يطالبون بالحصول على تراخيص رسمية تنظم عملهم وتحميهم من التوقيف المفاجئ. وأشار إلى أن التركيز على التوك توك وحده غير منطقي، خاصة أن هناك وسائل نقل أخرى تتسبب في مشاكل أكبر، ولكن لا يتم تسليط الضوء عليها، قائلاً إن "التوك توك أصبح كبش فداء".
أما السائق ح.ق، فاعتبر أن ما يجري بحق سائقي التوك توك هو "مهزلة"، مشيراً إلى أن الجهات المعنية بدلاً من معالجة الأزمة الاقتصادية وخلق فرص عمل، تهاجم التوك توك وتحمله مسؤولية الفوضى المنتشرة.
وأضاف أن هذا السلوك يصوّر للناس وجود نظام، لكنه في الحقيقة "نظام وهمي يُطبّق فقط على الفقراء"، حسب وصفه.
وعلى صعيد آراء المواطنين، انقسمت وجهات النظر بين مؤيدة ومعارضة لعمل التوك توك، فالمؤيدون اعتبروا أنّ التوك توك وسيلة أساسية وسريعة وغير مكلفة، تلبي احتياجاتهم اليومية وخاصة في الحالات الطارئة، رغم اعترافهم بأنه يسبب بعض الفوضى. أما المعارضون، فعبّروا عن قلقهم من أسلوب قيادة السائقين الذي وصفوه بـ"المتهور"، مؤكدين أن ذلك يشكل خطراً على حياة الناس ويتسبب في العديد من الحوادث، إذ فضّلوا إيقاف عمل التوك توك والتركيز على "السيرفيس" أو إيجاد سُبل قانونية تجبر سائقي التوك توك الالتزام بمعايير السلامة.