كمال ذبيان – خاص "الأفضل نيوز"
ليست الزيارة الأولى التي يقوم بها السفير السعودي في لبنان، وليد البخاري، إلى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ولقاؤه نائب رئيسه الشيخ علي الخطيب، بل إن ما أعلنه السفير البخاري بعد اللقاء هو ما توقّف عنده المراقبون والمتابعون السياسيون، عندما تحدث عن الشيعة كمكوّن لبناني أساسي، ورفض الاقتتال أو الصراع السني–الشيعي، ليس في لبنان فقط، بل على مستوى المنطقة كلها.
وقد أثار كلام السفير السعودي ارتياحًا وطنيًّا واسعًا في لبنان، إذ عكس موقف بلاده الثابت من دورها في دعم الأمن والاستقرار، والسعي إلى تحقيق الإصلاح والتعافي المالي والاقتصادي، ومحاربة الفساد الذي يُعَدّ أحد أسباب الانهيار المالي والأزمة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان.
وجاء موقف السفير البخاري بعد أيام على تصريح المفوّض الأميركي لدى لبنان، توم باراك، وهو سفير بلاده في تركيا والمكلّف بالوضع في سوريا، والذي تحدّث عن فتنة داخلية محتملة في لبنان وحدوث فوضى سياسية تتبعها توترات أمنية، مذكّرًا بما حدث في العام 2019، عندما اندلعت الثورة الشعبية ضد زيادة الرسم على تطبيق "واتساب"، فتدحرجت الحركة الاعتراضية إلى تظاهرات واعتصامات وقطع طرقات، ومطاردةِ المسؤولين في الشوارع والمقاهي، والاعتصامِ أمام منازلهم، والضغطِ على الحكومة للاستقالة، فتجاوب الرئيس سعد الحريري واستقال.
إلا أنّ المعارضة، التي باتت بلا رأسٍ أو قيادةٍ أو برنامج، طالبت باستقالة رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي عصفت الأزمات بالنصف الثاني من عهده، والذي انتهى إلى شهورٍ من انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيسًا للجمهورية.
وما يدعو إليه السفير السعودي من رفضٍ للاقتتال المذهبي، يقابله ما قاله الموفد الأميركي من تبشيرٍ بأيامٍ سوداء إذا لم يلبِّ المسؤولون طلب الإدارة الأميركية بنزع سلاح حزب الله، ولو أدى ذلك إلى اصطدام الجيش به، وهو ما قال براك إن تسليح الجيش إنما هو لأجل قتال حزب الله.
فالسعودية، التي لها تأثيرها في لبنان منذ عقود، ستلعب دورًا في منع انزلاق اللبنانيين نحو الاقتتال، الذي إن حصل فسيخدم مشروع تفتيت المنطقة، والذي بدأ يظهر في سوريا بعد تسلُّم "هيئة تحرير الشام" السلطة برئاسة أحمد الشارع، الذي يسعى إلى سوريا موحَّدة، لكنه يواجه محاولاتٍ لتقسيمها، ولو بعناوين الإدارة الذاتية كما يطرح الأكراد، أو الحكم الذاتي وفق ما يطالب به أحد المراجع الروحية الدرزية، الشيخ حكمت الهجري في محافظة السويداء، أو دعواتٍ لإقامة "كانتون علوي" في الساحل.
فهذه المشاريع التقسيمية تتزامن مع دعوة الموفد الأميركي لإعادة النظر في اتفاقية سايكس–بيكو التي شرّعت لقيام كياناتٍ سياسية، بعد أن كانت نسختها الأولى تقوم على إنشاء دويلاتٍ طائفيةٍ ومذهبية.
من هنا، فإنّ مقالة السفير البخاري حول الشيعة واستبعاده فتنةً سنية–شيعية تُعمَل لها دائمًا، وكان آخرها ما كانت ستولّده تداعيات إضاءة صخرة الروشة بذكرى استشهاد السيّدين حسن نصر الله وهاشم صفيّ الدين، والتي عملت السعودية على محاصرتها،
ولعب مبعوثها إلى لبنان الأمير يزيد بن فرحان دورًا أساسيًّا في تطويق أحداث الروشة، وهو الذي أشاد بدور الرئيس نبيه بري في العمل على إخراج لبنان من أزماته، وساهم في انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، والبقاء فيها رغم الاعتراضات على بعض القرارات.
فالسفير السعودي يُبلِغ الشيخ الخطيب ضرورةَ وحدة المسلمين، فيما يُخيف براك اللبنانيين بالحرب.

alafdal-news
