في أمسيةٍ طغت عليها لغة التقدير والوفاء، وبدعوةٍ من رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى، المؤلفة الموسيقية هبة القواس، استضاف وسط بيروت حفل عشاء تكريمياً جامعاً تحت شعار "مايسترو الكلمة". الحفل الذي أقيم في مطعم "قمر" جاء احتفاءً بفرسان الصحافة والإعلام، وتقديراً لدورهم الريادي في صون الرسالة الثقافية وإعلاء شأن الموسيقى الراقية في لبنان.
ازدان الحفل بحضور قامات رسمية وإعلامية وازنة، تقدمهم معالي وزير الإعلام الأستاذ بول مرقص، ونقيب محرري الصحافة اللبنانية الأستاذ جوزف القصيفي، والمستشار في رئاسة الجمهورية الأستاذ رفيق شلالا. وقد عكس هذا الحضور حجم الاهتمام الرسمي والنقابي بالدور الذي يؤديه الكونسرفاتوار الوطني كواجهة حضارية للبنان.
كان اللقاء تظاهرة إعلامية ثقافية ضمت حشداً من رؤساء ومدراء التحرير، وكبار الصحافيين، والكتّاب، والإعلاميين من مختلف الوسائل المرئية والمسموعة والمكتوبة. وقد أشرفت على تنظيم هذا اللقاء الاستثنائي المستشارة الإعلامية في المعهد الوطني العالي للموسيقى، الإعلامية ماجدة داغر، التي واكبت الحضور في أمسية سادها الحوار الفكري الرفيع، وأكدت في كلمتها للصحافيين تكريس مفهوم الشراكة العميقة بين صُنّاع القرار الثقافي وصُنّاع الرأي العام. وفي سردية تاريخية، أضاءت داغر على النهضة الكبيرة التي قادتها القواس منذ توليها رئاسة الكونسرفتوار حتى اليوم، بدءاً بإعادته إلى الحياة بعد إقفال دام سنوات، وما تضمنت هذه النهضة من نجاحات وإنجازات على المستوى العالمي وعلى صعيد تطوير الصرح الوطني من استعادة الأوركسترات إلى تأدية دورها، واستحداث أوركسترات جديدة وتطوير المناهج واستعادة حقوق الموظفين والأساتذة والموسيقيين، والمشاريع الموسيقية الأخرى والحفلات التي تعم المناطق اللبنانية واستقدام كبار قادة الأوركسترا والموسيقيين من العالم. وختمت داغر بشكر الصحافة اللبنانية على وقوفها إلى جانب المؤسسة الوطنية طيلة هذه السنوات، متوجهة لهم بالقول: "أنتم أبطال هذا الوطن وحراس الحرية والذاكرة والثقافة".
وفي كلمة وجدانية، أكدت الدكتورة هبة القواس أن هذا التكريم هو اعتراف بالجميل للصحافة اللبنانية التي لم تتخلَّ يوماً عن دورها في حماية الإبداع. وقالت: "إذا كانت الموسيقى هي لغة الروح، فإن الكلمة هي بوصلة الوعي. أنتم ’مايسترو الكلمة‘ الذين يقودون الرأي العام نحو الجمال والحق ونحن نعتز بهذه الشراكة معكم لأنها هي من تصنع النجاح، وهذه الشراكة هي تاريخية ومستقبلية لأنها طويلة الأمد." وأضافت: "لقد كنتم إلى جانب المؤسسة الوطنية دائماً، وهذا الاتحاد بين الثقافة والصحافة هو ما يصنع مستقبلاً زاهراً لبلدنا. وهذا هو دور الصحافة، الذي أدته الصحافة اللبنانية على مر التاريخ، فكانت أحد وجوه لبنان المضيئة في العالم. ونحن مستمرون في مشاريعنا الثقافية والنهضوية معكم ومع معالي وزير الإعلام الذي يقود هذا القطاع بمسؤولية ونجاح." وشكرت القواس الصحافيين كل في موقعه على كل ما قدموه للمعهد الوطني العالي للموسيقى طيلة هذه السنوات بوفاء وإخلاص."
وقدم النقيب القصيفي للقواس بورتريه زيتية من أعمال الفنانة خيرات الزين، تقديراً لدورها الثقافي، مؤكداً على استمرار التعاون الوثيق مع الدكتورة القواس والمعهد، لتظل الموسيقى اللبنانية عابرة للحدود، محمولةً بأقلام الإعلاميين وأصواتهم الحرة.
وفي كلمته هنأ الدكتورة القواس على الجهود الجبارة التي بذلتها وتبذلها في أصعب الظروف ليتألق المعهد الوطني العالي للموسيقى ويعطي صورة عن لبنان الذي نحلم به. لافتاً إلى أن المهرجان التالي سيكون بعنوان "نغني للحرية" حيث سيتم تنظيمه مع الكونسرفتوار وسيشهد حضوراً إعلامياً وصحفياً كبيراً، وشكرها على دعوتها أهل الصحافة والإعلام، الذين هم دائماً إلى جانب لبنان الفرح، لبنان الحرية ولبنان الفن والكرامة ولبنان الصحافة القوية الحرة المتجددة التي تتخطى كل الصعاب.
ثم تحدث الوزير مرقص، ومما جاء في كلمته: "كم يشعر كل منا بالفخر والاعتزاز بهذا اللقاء، لأنه يمثل التكاملية بين الثقافة والإعلام والفن الراقي الذي نفتقده، والقيم المشتركة التي تجمعنا، وما أحوجنا إليها في هذه الأيام، خصوصا في زمن الغزو التكنولوجي الذي هو أيضاً جيد وحميد في جوانب منه ولكن مساوئه في بعض الأحيان تطغى على الثقافة وعلى الفن وعلى بعض الإعلام، ولا نقول الإعلام لأننا نربأ بأن تدخل هذه الغزوات على الإعلام.
ولكن نحن لدينا هموم وتحديات مشتركة، وأعتقد أن هذا اللقاء المحب، الصادق والعفوي، ينبغي أن يقدم في منتديات فكرية استراتيجية للتفكر بقضايانا المشتركة وهو أمر أهنئكم عليه بالفعل".
وأضاف: "الدكتورة القواس وأنا كنَّا نتحدث عن بعض الأفكار التي يمكننا التطرق إليها في إطار هذه التكاملية للوصول إلى الأفكار المبدعة الخلاقة، حتى نستمر في رفع شأن الإعلام -الرسالة، وشأن الثقافة والفن الملتزم والراقي الذي يصقل النفس، بدل الذي نراه في بعض الأحيان من شطط وذهول في مجتمعاتنا، بحيث أن مساوئ التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي يساء استخدامها في مرات كثيرة بما يمس بالقيم المشتركة التي نحملها. وأعتقد أننا حراس بهذا المعنى وأمناء على هذه القيم من أجل الحفاظ عليها.
والتحدي يكمن في وجوب البحث عن كيفية مكافحة هذه المخاطر التقنية والتكنولوجية التي تلبس لبوس التقدم والتطور والحداثة ولكنها تمس بهذه القيم المشتركة التي نحملها. وهذا ما اقترحه عنواناً أول لجلستنا المقبلة بمودة جامعة أبدًا."
تخلل الحفل برنامج موسيقي خاص مع فرقة موسيقية من عازفي المعهد، أحياه المغنيان جوزف عيسى وشربل سعادة. واختتم اللقاء بقطع قالب الحلوى احتفاءً بالمناسبة.

alafdal-news
