عماد مرمل - خاص الأفضل نيوز
الأكيد أن انعقاد الجلسة التشريعية الأخيرة كان يمكن أن يمرّ مرور الكرام، وأن يكون خبرًا عاديًا في نشرات الأخبار، باعتبار أن المجلس النيابي يؤدّي واجبه الطبيعي في دراسة القوانين وإقرارها، لكن سلوك القوات اللبنانية وحلفائها أخرج هذا الأمر عن مساره الطبيعي، وأعطاه طابع التحدّي السياسي الذي خسرته "القوات" في نهاية المطاف.
لقد استخدمت "القوات" في معركة تعطيل التشريع كلّ الأسلحة المتوافرة لديها، من سياسية وإعلامية، وحتى نفسية ومعنوية، وهي نجحت لفترة في إقناع عدد من الكتل والنواب بمجاراتها في تطيير نصاب الجلسات العامة التي سبق أن دعا إليها رئيس المجلس نبيه بري، وذلك سعيًا إلى الضغط عليه من أجل دفعه نحو إدراج مسألة تصويت المغتربين للنواب الـ128 على جدول الأعمال التشريعي.
ولأن "القوات" نزلت بكلّ ثقلها في هذه المعركة التي ربطت تحرير التشريع "المختطف" بعرض اقتراح القانون المعجّل المكرّر الخاص بالمغتربين على الهيئة العامة، فإن تأمين النصاب لجلسة الخميس من دون تضمين جدول أعمالها لا اقتراح القانون ولا المشروع المحال من الحكومة، إنما شكّل ضربة سياسية لمعراب التي بدت كأنها أطلقت النار على قدميها بسبب عنادها وإصرارها على الاستمرار في رفع لواء خيار المقاطعة الخاسر حتى الاصطدام بالحائط المسدود.
وبدل أن تكون خسارة حزب "القوات" الموقعة التشريعية دافعًا لرئيسه سمير جعجع إلى إجراء مراجعة لهذه التجربة واستخراج العبر منها، انبرى إلى شنّ هجوم انفعالي على الرؤساء الثلاثة الذين اتهمهم بالتواطؤ وإحياء الترويكا من أجل تأمين نصاب الجلسة العامة، وكأن التشريع بغرض إقرار قوانين حيوية تهمّ الناس والدولة أصبح تهمة وارتكابًا!
ولم تقتصر الحملة القواتية على الرؤساء، بل شملت أيضًا عددًا من النواب السنّة الذين هدّدهم النائب غسان حاصباني بأنهم سيدفعون في الانتخابات النيابية المقبلة ثمن عودتهم عن مقاطعة التشريع، فيما كان جعجع قد شيطن كلّ نائب يشارك في الجلسة واصفًا إيّاه بالشيطان الأخرس، ما استدعى ردًا حادًا من بعض المشمولين بالحملة، مثل عضو تكتل الاعتدال الوطني النائب أحمد الخير، الذي اعتبر أن الإناء ينضح بما فيه، ولا حرج على سياسة ليس فيها شيء "حكيم" بالإصرار على عدم احترام النواب السنّة وقرارهم ودورهم، مؤكدًا أن "قلّة الاحترام هذه ستدفعون أنتم ثمنها مع ناسنا، في الشمال وكلّ لبنان".
واستغربت أوساط سياسية كيف أن معراب تتعاطى مع النواب السنّة، الذين يتقاطعون معها أحيانًا، بفوقية نافرة وتعالٍ فجّ، محاولةً إخضاعهم إلى وصايتها الحزبية وترهيبها السياسي، لافتةً إلى أن هذا النهج يعكس حقيقة الطبيعة الدكتاتورية المتأصّلة لـ"القوات" التي ما زالت لا تتحمّل الرأي الآخر، مهما أوحت بأنها تغيّرت وصنعت نموذجًا مختلفًا في مرحلة ما بعد الحرب.
وأشارت الأوساط إلى أن الهجوم القواتي أعاد إحياء النفور السنّي من جعجع ونبش مجددًا ملفّ تراكمات الماضي المثقل بالسلبيات، بعدما كان رئيس "القوات" قد سعى طويلًا إلى محاولة تجميل صورته في البيئة السنّية وبناء تحالفات قوية مع ممثليها.

alafdal-news
