مارينا عندس - خاصّ الأفضل نيوز
على أثر الفوضى الحاصلة في البلاد، من ارتفاع أسعار الإيجارات الشهرية من دون أن تلوح في الأفق أي إمكانية لبلورة حلول ترضي الطرفين المستأجر والمالك معًا، ونتيجة عدم إعطاء قروض للإسكان حتّى الساعة، لا يزال الشغل الشاغل للمواطن اللبناني تأمين منزل يليق به وبعائلته في هذه الظروف الصعبة.
ولكن للأسف، قيمة الراتب الشهري للمواطن، لم يعد يكفيه لتأمين حاجياته الأساسية مثل المأكل والمشرب والمسكن.
فكيف سيتحقق ذلك، ما دام الراتب لدى معظم اللبنانيين لا يتخطى الـ600 دولار في حالاتها القصوى؟
شراء المنازل يزداد صعوبة في لبنان
خلال سنوات ما قبل الأزمة، أي ما بين عامي 2010 و2018، كان متوسط عدد الشقق التي يتم شراؤها، بحسب معلومات "الدولية للمعلومات" حوالي 27 ألف شقة سنويًا. وكان معظمها بقروض، سواء من مصارف مباشرة أو المؤسسة العامة للإسكان عبر المصارف.
لذلك، أي مواطن لبناني يعتبر من ذوي الدخل المتوسط، أو المرتفع، بإمكانه شراء منزل بالتقسيط يوازي المبلغ الذي يدفعه اليوم للإيجار، لكنّ الفرق أنّه بغضون 20 عامًا، سيمتلك منزلًا.
وكانت القروض تقدّر بالآلاف، سنويًا، تحديدًا قبل أن تتوقف في عام 2020 مع توقف القروض بشكل نهائي نتيجة الأزمة المالية وتوقف تمويلها من الصندوق العربي.
وفي السياق، يؤكّد نقيب خبراء التخمين العقاري في لبنان فوزي شاكر ضو للـ" الأفضل نيوز"، أنّه من تاريخ توقف القروض الإسكانية، تحديدًا منذ منتصف عام 2018 مع بداية الأزمة، توقّف السوق العقاري على كافّة الأصعدة، وبالأخص على الشقق العائدة للطبقة الوسطى والطبقة العاملة، ممّا أدّى إلى انخفاض السوق البيعي للشقق بحدود العشرين بالمئة.
ولفت إلى أنّ ما حصل بعد أزمة المصارف زاد الطين بلة وأصبحت الأسواق بحالة ركود كامل.
وأردف: وتحسنت الأسواق البيعية على صعيد شكّات المصارف بالدولار. وهذا يعتبر تحسّن مصطنع الرغبة ليس للحاجة إنّما لسحب الودائع من المصارف. وهذا ما ساهم بإنعاش الحركة للتجار الملتزمين بديون للمصارف.
وتابع: أمّا التجار الذين لم يكن لديهم التزامات مصرفية، تمنّعوا عن البيع إلا بالدولار النقدي وأصبح السوق مدولر وبالتالي انخفضت الأسعار بالبداية لحدود الخمسين بالمئة.
انتعاش السوق التأجيري خلال الأزمة
انتعاش سوق التأجير، برأيه، أمر طبيعي في هذه الأزمة، كون المتواجدين في البلد من البلد ومداخيلهم لا تزال معظمها متدنية أو بالعملة اللبنانية. وهم أساسًا غير قادرين على شراء الشقق بالمطلق. مما ساهم بانتعاش السوق التأجيري. وما ساهم أيضًا بزيادة الطلب على الإيجارات، عدم قدرة الأجانب على شراء الشقق مثل بعض النازحين السوريين والعراقيين.
أمّا التجار القادرين وغير المحتاجين، فضّلوا أن يدخلوا في السوق التأجيري لحين استتباب الأوضاع، لأنّ الأسعار الرائجة والمتداولة بالسوق أقل من تكلفة التاجر.
من الضحية.. المالك أو المستأجر؟
يشير شاكر إلى أنّ الضحية اليوم هو المالك أكثر من المستأجر لأنّ المردود المادي أقل بكثير من تكلفة الشقة، بغض النظر عن القدرة المالية لدى المستأجر.
بالإضافة إلى أنّ الشقة تصبح مستهلكة في اليوم الأول الذي يدخل عليها المستأجر وبالتالي بينخفض سعرها بحدود العشرين بالمئة.
أمّا الأسعار المتداولة على الشقق الصغيرة، يكون المردود المالي فيها أفضل بكثير من الشقق الفخمة.
وبالرّغم من أنّ هناك فئة كبيرة من الناس، لا تؤمن بالإيجار، بسبب المخاوف من قانون الإيجارات التي لا تزال غير منتهية من المفاعيل التمديدية وصعوبة التحصيل في حال امتناع المستأجر عن التسديد نظرًا لتمنع وتسويف المحاكم عن الأحكام.
هي وجهة نظر.
الخبير العقاري أبو علي بيضون، في موقفٍ معارضٍ له. لأنّه اعتبر أنّ الضحية الأولى هو المستأجر لأنّ المالك يبقى مالكًا والمستأجر يبقى عاملًا أو موظفًا في شركة ومعظم اليد العاملة التي تتقاضى راتبها بالدولار لا يساوي راتبها بقيمة إيجار الشقة الواحدة. لذلك، المشكلة تقع بالدرجة الأولى على المالك، على حدّ تعبيره.

alafdal-news
