د. أكرم حمدان – خاص "الأفضل نيوز"
تعدّدت القراءات والتحليلات والمعلومات التي واكبت إقرار الحكومة لمشروع قانون "الفجوة المالية"، ما دفع إلى طرح السؤال: هل الولادة المتعثّرة التي واكبت ولادة المشروع من قبل الحكومة ستكون سهلة وميسّرة عندما يصل إلى مجلس النواب؟
الإجابة على هذا التساؤل مرهونة طبعًا بالأيام والأسابيع المقبلة، حيث هناك الكثير من المعلومات والمصادر التي تحدّثت عن تدخلات خارجية وضغوط دولية لإقرار المشروع، كونه من ضمن حزمة المشاريع والقوانين الإصلاحية المطلوبة، ليُضاف إلى قانون هيكلة المصارف والسرية المصرفية وغيرها.
وفي السياق، ذكرت مصادر وزارية أن اتصالات حصلت قبيل انعقاد جلسات مجلس الوزراء بين رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام وعدد من الوزراء والقوى السياسية، لتسهيل إقرار القانون وإدخال ما يمكن من التعديلات التي طلبها الوزراء، لكي يرضي أكبر عدد ممكن من الأطراف السياسية.
ولفتت المصادر إلى ضغوط دولية على الحكومة لإقرار المشروع، لعل ذلك يفتح الباب أمام لبنان لاستعادة الثقة الدولية وصناديق الاستثمار والمؤسسات المانحة، لا سيما صندوق النقد الدولي، لكي يفرج عن مبلغ الأربعة مليارات دولار وغيرها من القروض، لدعم الاقتصاد اللبناني وإعادة الودائع وإعادة تكوين رأس مال المصارف.
وعلى الرغم من مختلف القراءات والتحليلات، إلا أن الثابت هو أن الحكومة رمت كرة نار "الفجوة المالية" أمام المجلس النيابي بكل ما حمله من فجوات.
وتوقعت مصادر نيابية أن يعاني إقرار مشروع قانون الفجوة المالية في مجلس النواب من فجوة برلمانية، حيث إن الوزراء الذين يمثلون كتلًا برلمانية وازنة صوّتوا جميعهم ضد المشروع، الذي نال غالبية حكومية لا تملك تمثيلًا نيابيًّا كافيًا لتمريره في مجلس النواب. فالمشروع لن ينال تأييد نواب الثنائي "حركة أمل" و"حزب الله"، ولا نواب "القوات اللبنانية"، ولا نواب "التيار الوطني الحر"، وبالتالي لن يستطيع العبور نيابيًّا، خصوصًا أن نصف النواب المتبقين لن يخوضوا معركة إقراره، في ظل المعلومات التي تحدّثت عن عدم مبادرة رئيس الحكومة إلى التشاور حول المشروع مع وزراء الكتل النيابية ورؤساء هذه الكتل لأخذ ملاحظاتهم في الصيغة النهائية قبل إرسال المشروع إلى مجلس النواب، الذي سوف يناقش المشروع على إيقاع حملات انتخابية ينظمها المرشحون والكتل النيابية قبل أسابيع من الانتخابات، وتحتل قضية الودائع مكانة وازنة في الخطاب الانتخابي الموجّه للرأي العام.
ولا يفوت المصادر التذكير بأن أولوية مجلس النواب في عقده الاستثنائي، الذي فُتح منذ أيام، ستكون لمناقشة وإقرار مشروع قانون موازنة العام 2026، التي وعدت لجنة المال ورئيسها النائب إبراهيم كنعان بالانتهاء من دراستها قبل نهاية شهر كانون الثاني المقبل. كما أنه من الطبيعي أن يُحال مشروع "الفجوة المالية"، عندما يصل إلى مجلس النواب، إلى لجنة المال والموازنة بالدرجة الأولى، وربما يتجه نحو اللجان المشتركة نظرًا لأهميته وتداخل مواده ضمن اختصاص أكثر من لجنة.
وهكذا يمكن الاستنتاج بأن المشروع قد يتعرّض إلى "نكسة" برلمانية، قد تبدأ بإدخال تعديلات عليه، ولا تنتهي بجعله مادة انتخابية دسمة على أبواب الاستحقاق الانتخابي قد تطيح به.

alafdal-news



