كمال ذبيان – خاص الأفضل نيوز
أبدى رئيسُ الجمهوريّة العماد جوزاف عون تفاؤله بأنّ الحرب الإسرائيليّة على لبنان مستبعدة، على الرغم من استمرار التهديدات الصادرة عن قادة العدوّ الإسرائيلي، وعلى رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بأنّ لبنان سيدفع ثمن تباطئه في نزع سلاح "حزب الله"، وبأنّ الجيش اللبناني قصّر في أداء مهمّته. وهو تشكيكٌ أخذ به مسؤولون في الإدارة الأميركيّة وأعضاء في الكونغرس الأميركي، الذين برّروا لإسرائيل القيام بحرب على لبنان تقضي فيها على "حزب الله" وتدمّر سلاحه.
والتفاؤل والارتياح اللذان بشّر بهما الرئيس عون اللبنانيين بعدم حصول حرب، لا يستبعدان التصعيدَ العسكريّ الإسرائيليّ خلال المفاوضات التي تجري بين لبنان وإسرائيل في لجنة مراقبة اتّفاق وقف إطلاق النار "الميكانيزم". ويستند رئيسُ الجمهوريّة إلى ما يشبه ضماناتٍ تلقّاها من جهاتٍ دوليّة، ولا سيّما أميركيّة وفرنسيّة، تطمئنه إلى أنّ العدوّ الإسرائيلي لن يُقدم على حربٍ شاملة، وأنّ مواصلة العدوّ الإسرائيلي اعتداءاته هي لعبةٌ معروفةٌ أثناء المفاوضات بين طرفين، فيما يُسمّى "المفاوضات تحت النار".
ويرى الرئيس عون أنّ لبنان سيتحمّل هذا الواقع إلى أن تنجلي المفاوضات، التي يريدها العدوّ الإسرائيلي طريقًا للتَّطبيع، وإقامة علاقات كاملة سياسيّة ودبلوماسيّة واقتصاديّة، وإنهاء الحرب وإقامة سلام بين البلدين. وهو ما يرفض لبنان الانزلاق إليه وحيدًا، من دون موقفٍ عربيٍّ موحّد، والذي يعتبره موجودًا في المبادرة العربيّة للسلام، التي أُطلقت من القمّة العربيّة في بيروت عام 2002، على يد العاهل السعودي الملك عبد الله، وطالب فيها بحلّ الصِّراع العربيِّ–الإسرائيليِّ عبر إقامة حلّ الدَّولتين، الفلسطينيّة والإسرائيليّة، على حدود الخامس من حزيران 1967.
ولبنان، المتمسّك بالمبادرة العربيّة، والذي يؤكّد منذ سنوات بعيدة أنّه آخر دولة عربيّة توقّع سلامًا مع إسرائيل، يرى أنّ هذا الشَّرط لم يعد مقبولًا إسرائيليًّا، إذ يطلب العدوّ الإسرائيلي عقدَ اتّفاق سلام معه على غرار ما كان سيحصل بعد الغزو الصهيوني للبنان عام 1982.
وقد وصل الطَّرفان اللُّبناني والإسرائيلي آنذاك إلى اتّفاق 17 أيّار، الذي شكّل معاهدة سلام مع الكيان الصهيوني، فيما يريد العدوّ اليوم استعادة تلك المرحلة، ولكن مع تطبيقٍ كاملٍ بعنوانٍ اقتصاديّ.
وهو ما عبّر عنه نتنياهو بالإشارة إلى أنّ مفاوضات الناقورة ستبحث في علاقات اقتصاديّة بين لبنان وإسرائيل، وأنّ إشراكَ مفاوضٍ مدنيٍّ لبنانيٍّ برتبة سفيرٍ سابق، هو سيمون كرم، يصبّ في هذا الهدف، والذي أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بإقامة منطقة اقتصاديّة تحمل اسمه عند الشَّريط الحدودي في جنوب لبنان، تُنهي حالةَ الحرب بين لبنان وإسرائيل.
ومن هنا، فإنّ لبنان أمام مرحلةٍ صعبةٍ من المفاوضات، يُمارَس خلالها الضغطُ عليه وتُكثَّف الاعتداءاتُ الإسرائيليّة، لدفعه إلى القبول بالشُّروط الإسرائيليّة وتسليم "حزب الله" سلاحه إلى الحكومة اللبنانيّة. وقد قال رئيس الحكومة نواف سلام إنّ المرحلة الثَّانية من قرار حصر السِّلاح بيد الشَّرعيّة اللُّبنانيّة سيبدأ تنفيذها مع مطلع العام الجديد، بعد أن أعلن قائد الجيش العماد رودولف هيكل إنجاز القسم الأكبر من المرحلة الأولى، عبر الانتشار جنوب الليطاني، باستثناء المناطق المحتلّة من إسرائيل، وتحويل المنطقة إلى منطقةٍ خاليةٍ من السِّلاح، باستثناء سلاح الجيش اللُّبناني.
وهو ما أبلغه قائدُ الجيش إلى ممثّلي الولايات المتحدة الأميركيّة وفرنسا والمملكة العربيّة السعوديّة، خلال انعقاد مؤتمر باريس لدعم الجيش، مؤكّدًا في تقريره أنّه لا وجود لأيّ سلاحٍ سوى سلاح الجيش اللُّبناني.
فالأسبوعان المقبلان على لبنان، بعد رأس السنة، سيكونان مصيريّين، في ظلّ القمّة المنتظرة في 29 كانون الحالي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو، حيث سيبحثان في أربعة مواضيع هي: إيران، وسوريا، ولبنان، وفلسطين، وهي دول تعتبرها إسرائيل ضمن ما تسمّيه «محور الشَّر»، وترى ضرورة إنهاء الوجود المقاوم فيها، لصالح شرقٍ أوسطَ جديدٍ مزدهرٍ ومنفتحٍ على السَّلام.

alafdal-news



