أماني النّجار - خاصّ الأفضل نيوز
حمل السيجارة العاديّة والإلكترونيّة ونفخ الدّخان في الهواء ظاهرة متفشيّة بين المراهقين، لا ينجو منها سوى قوي الإرادة والذي تلقّى تربيةً صارمة.
العوامل التي تدفع المراهقين إلى التّدخين
هناك العديد من الأسباب التي تدفع المراهقين للتّدخين منها: اعتبار أنه يزيد من الرجولة عند الشّباب أو الأنوثة عند البنات، أو تعبيرًا للحالة النّفسيّة التي يمرّون بها في هذه المرحلة أو تقليد غيرهم أو الشّعور بأنه نوع من التّحرر والانفتاح.
في هذا السّياق، تحدّث موقع الأفضل نيوز مع أحمد الخطيب (شاب مراهق) وقال: "بدأتُ بالتّدخين في عمر ١٥ سنة أي منذ سنتين، بدافع الرغبة في تجربة شيء جديد وتقليد أصدقائي في المدرسة، واعتبرتُ أنه يعزّز ثقتي بنفسي، ويشعرني بالرضا، لكنه أصبح مشكلة حقيقيّة لي؛ لأنني أدمنت عليه، وتسبّب لي برائحة فم كريهة، وسُعال مستمر، وأصبحَت مشاعري متقلّبة".
أضرار التّدخين على الجسم
يؤدّي تدخين التّبغ إلى الإصابة بنوبات القلب وسرطان الرئة، والمُراهقين في مرحلة البلوغ هم الأكثر عرضةً للإصابة، ورُبما يقودهم إدمان التّدخين إلى تخطّيه للوصول إلى مراحل أسوأ مثل المخدّرات بأنواعها كافّة.
في هذا الصدّد، تحدّث موقعنا مع متخصّص في الرئة والأمراض الجرثوميّة الدّكتور سليمان سعيد وقال: "هناك أضرار صحيّة تتمثّل بالإساءة إلى أداء الرئتين عند التّنفس، وقد تتسبٌب بمرض السرطان وكما هو معلوم أنّ معظم حالات السرطان عصية على العلاج، كما يسبّب التّدخين ضررًا بعمل عضلة القلب من خلال انسداد الشرايين وتصلّبها، ما يؤدّي إلى إضعاف عضلة القلب مع الوقت، ومع استمرار التّدخين لمدّة طويلة سيُصاب المدخّن بالخرف المبكر والإصابة بالجلطات الدماغية".
وأضاف في ما يخصّ السجائر الإلكترونيّة: "تحتوي إلى سموم إضافيّة تزيد من احتمالات تصلّب الشّرايين، وعلى المستوى النّفسي يؤثّر في شخصية المدخّن وعلى تفاعله مع المجتمع، إضافةً إلى الكلفة الماديّة؛ لأنّ التّدخين يكون متواصلًا وبالتّالي الكلفة مستمرة وكأنها جزء من المصاريف الرئيسة التي يحتاجها".
وتابع قائلًا: "أنا كطبيب فقد أقمت ندواتٍ عديدة بشأن مضار التّدخين ولم تلق تجاوبًا كما تمنيت؛ لأنّ النّاس تأخذ هذه الأمور بالسخرية ووضع كل ما يُصاب به الإنسان على أنه قضاء وقدر، من الأنسب حاليًّا العمل على حملة توعية ونشرها على مواقع التّواصل الاجتماعي".
الأهل قدوة لأبنائهم
المسؤول الأوّل عن هذه الظاهرة، هم الأهل، فيجب عليهم النّظر للأسباب وراء تدخين ولدهم، فقد يكون السّبب ليس خارج المنزل فقط، بل داخله أيضًا.
وهذا ما أكدّه لنا السّيد سهيل الأعور وقال: "إبني عمره ١٧ سنة، كان يدّخن السجائر الإلكترونيّة سرًّا وعندما علمْت بالأمر، عاقبته وشرحتُ له مدى الخطورة التي قد يتعرّض إليها، والتي تلحق بجسمه لكن دون جدوى؛ لأنه لا يقوم بالتّدخين لمجرد تجريب بل وصل لمرحلة الإدمان، وأدركتُ أنه يقلّدني لأنني مدخّن، ؤانّني بحاجة لمعالجته والتّوصل إلى خطّة للإقلاع عنها أكثر من الصّراخ عليه".
دور المدرسة في علاج هذه الظاهرة
للمدرسة أيضًا دور بارز في علاج ظاهرة التّدخين عن طريق توعية الطلّاب بأضرار التّدخين وآثاره المدمّرة من خلال لقاءات وندوات وحملات دعائيّة للوقاية منه، وأن يكون الإداريون في المدارس حازمون تجاه أيّ مدخّن في المدرسة.
في هذا الإطار، تحدّث موقعنا مع مدير ثانوية قب الياس الأستاذ فادي حلّاق وقال: "خلال العام الدراسي السّابق ٢٠٢٢ - ٢٠٢٣، كان هناك حالات تدخين بين المراهقين في الثّانوية سرًّا، فقُمنا بوضع كاميرات مراقبة في الأمكنة التي يُمكن التّخفي للتدخين فيها، وواجهنا المدخّنين بإجراءات صارمة، أمّا خلال العام الدراسي الحالي ولغاية اليوم، لم نضبط ولا طالب يقوم بالتّدخين، وهنا نحنُ نعلم أنّ عددًا منهم يدخنّون في المنازل، وعند خروجهم من حرم الثّانوية وهنا ليس لدينا الحق في التدخل".
وأضاف: "في السّابق وقبل جائحة كورونا، قُمنا بندواتٍ عدّة؛ لتحذير الطلّاب عن مضار التّدخين، لكن الجائحة مع الوضع الاقتصادي السّيئ الذي نعيشه منذ العام ٢٠١٩، لم تمكنّنا من القيام بأي ندوة، سيّما أنّ هدفنا هو تأمين حاجات الثّانوية من تدفئة وكهرباء كونها أساسيّة لاستمرار عملنا كمدرّسين".
وللحدّ من هذه الظاهرة قال: "الدّور الأساسي للأهل؛ لأنّ الأسرة هي المدرسة الأولى والأخيرة، لذا على أرباب الأسر صرف نظر أولادهم عن التّدخين وسِواه من العادات السّيئة عبر تسجيلهم في نوادٍ رياضيّة وثقافيّة وجمعيّات إنسانيّة، عندها لن يفكّر في التّدخين ولا في سِواه من العادات الضّارة".
إنّ خطر التّدخين هو مسؤوليّة تقع على أفراد المجتمع كلّه، ولا تخصّ شخصًا دون غيره؛ لأنّ أبناءنا هم الذين سيدفعون الثّمن، والسّؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما هو الحلّ النّاجح لهذه الظاهرة الخطيرة المتفشّية بين المُراهقين، وكيف نساعدهم من الابتعاد عنها؟.

alafdal-news
