كمال ذبيان – خاص الأفضل نيوز
شارفت المرحلة الأولى من تنفيذ خطة الجيش بحصر السلاح بيد الدولة على نهايتها، ويدخلُ لبنان العام الجديد وقد انتشر الجيش في جنوب الليطاني، وباتت المنطقةُ خاليةً من السلاح والمسلّحين، بعدما تمّت مصادرةُ المخازن والأنفاق، عملًا باتفاقِ وقفِ إطلاقِ النارِ في 27 تشرين الثاني 2024، المستند إلى قرار مجلس الأمن 1701.
وأبلغ قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى مندوبي الولايات المتحدة الأميركية مورغان أورتاغوس، وفرنسا جان إيف لودريان، والمملكة العربية السعودية الأمير يزيد بن فرحان، خلال مؤتمر باريس الذي انعقد الأسبوع الماضي، بأنّ الجيش أنجز ما هو مطلوبٌ منه جنوب الليطاني، وأورد بالصور والوثائق ما حقّقه منذ أكثر من عامٍ.
وهذا ما شهدتْ له لجنة الميكانيزم المكلّفة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار، إضافةً إلى جولاتٍ نظّمها الجيش للإعلاميّين ولسفراء دول وملحقين عسكريّين، الذين رأوا بأمِّ العين وصوّروا أماكن انتشار الجيش وخلوَّ المنطقة من السلاح والمسلّحين. وبذلك أسقط الجيش كلَّ مزاعم العدوِّ الإسرائيليِّ وادّعاءات مسؤولين أميركيّين بأنّ الجيش لم يقمْ بمهمّته كاملةً.
وبدأَ في لبنان الحديث عن المرحلة الثانية، وهي شمال الليطاني حتى نهر الأوّلي، أي الجنوب كلُّه إداريًّا. وهو ما أكّد عليه رئيس الحكومة نواف سلام، الذي أعلن أنّ الحكومة ستنفّذ قرارها المتّخذ في 5 و7 آب بحصر السلاح بالقوى العسكرية فقط، وهذا يشمل كلَّ لبنان، ولا يرتبط بالقرار 1701، لأنّ موضوع السلاح شأنٌ لبنانيٌّ داخليٌّ، لا علاقةَ له بأيِّ صراعٍ مع العدوِّ الإسرائيليِّ، الذي يجب أن يتوقّف عسكريًّا، كما يقول سلام.
ويؤيّدُ هذا الموقف رئيس الجمهورية جوزيف عون، الذي يرى أنّ الحرب لم تأت إلّا بالدمار، وأنّ لبنان ليس قادرًا عليها، ولا بدَّ من اعتماد طرقٍ أخرى لاسترداد الحقوق، عبر العمل الدبلوماسيِّ وتطبيق اتفاق الهدنة.
غير أنّ هذا الموقف الرسميَّ لا يتّفق معه "حزب الله"، الذي يرى أنّ السلاح شمال الليطاني يخضعُ لحوارٍ ضمن مشروع استراتيجية أمنٍ وطنيٍّ، تحدّثَ عنها رئيسُ الجمهورية في خطاب القسم. ويؤكّدُ "حزبُ الله"، عبر أمينه العامِّ الشيخ نعيم قاسم، أنّ السلاحَ شمال الليطاني خطٌّ أحمر، وأنّ من يريد نزعه كأنّه ينزع روحنا، على حدِّ تعبيره.
ويُفهمُ من هذا الموقفِ أنّ السلاح جنوب الليطاني يختلفُ عن السلاحِ شماله بالنسبةِ إلى "حزبِ الله"، وهو ما يطرحُ تساؤلاتٍ لدى مناوئيه عمّا إذا كان هذا السلاحُ موجَّهًا لإسرائيل أم للداخلِ اللبنانيِّ، ويتَّهمُ الحزب من خلاله بالاستقواء على الداخل اللبنانيِّ.
من هنا، فإنّ المرحلة الثانية من نزع السلاح، والتي يُفترضُ أن تبدأ بداية العام القادم، تتزامن مع التقرير الرابع لقائد الجيش، الذي سيعرضه على الحكومة في الرابع من كانون الثاني المقبل، أو في السابع منه، كما تكشف المصادر الوزاريّة، التي ترى أنّ السلاح ما قبل جنوب الليطاني ليس كما في شماله، بل يشكّلُ أزمةً سياسيّةً داخليّةً. ويُشارُ إلى أنّ وزراءَ الثنائيِّ، حركةِ "أمل" و"حزبِ الله"، كانوا قد انسحبوا من ثلاث جلساتٍ للحكومة عندما أُدرجَ بندُ حصرِ السلاح، قبل أن تتمَّ التسوية في جلسة الخامس من أيلول، على أن يقتصر التنفيذ في جنوب الليطاني فقط، فيما لا يُطرحُ شماله للتنفيذ.
وسيكون مطلع العام الجديد ساخنًا، في ظلِّ التهديداتِ الإسرائيليةِ بضربةٍ عسكريةٍ واسعةٍ على لبنان، بعدما اتّخذَ العدوُّ الإسرائيليُّ قراره في هذا الإطار. ويبقى الانتظار لقمة الرئيسِ الأميركيِّ دونالد ترامب ورئيسِ حكومةِ العدوِّ الإسرائيليِّ بنيامين نتنياهو في نهايةِ العام، والتي سيظهرُ عنها قرار الحرب، التي لا يريدها نتنياهو على لبنان فقط، بل على سبعِ جبهات، بدءًا من إيران، التي تُعدُّ رأسَ ما يسمّيه محورَ الشرِّ الذي يجبُ قطعُه.
وعليه، فإنّ مطلع العام المقبل سيكون مصيريًّا بالنسبة إلى لبنان، في ظلِّ ضيق الوقت المتاح أمامه لنزع سلاح "حزب الله"، وسط مطالبة الجيش السلطة السياسيّة باتّخاذ قرارها في ما يخصُّ شمال الليطاني، وهو ملفٌّ بالغُ الكلفة، تخشى المؤسّسة العسكريّة أن يؤسّس لقتالٍ داخليٍّ.

alafdal-news



