راما الجراح - خاص الأفضل نيوز
في مناطق تعاني من ضعف الخدمات الصحية وارتفاع كلفة الاستشفاء، يبرز الأطباء العاملون في الخطوط الأمامية كملاذ إنساني للناس، خصوصاً في البقاع، حيث تتحول العيادات البسيطة إلى مساحة ثقة بين الطبيب والمريض. غير أن هذا الدور الإنساني يصطدم أحياناً بجدار القوانين والإجراءات، ما يفتح الباب أمام إشكاليات شائكة بين النص القانوني والواقع الاجتماعي.
توقيف طبيب معروف بعمله الإنساني
في هذا السياق، أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي عن توقيف طبيب يُشار إليه بالحرفين (ر. ك)، بعد مداهمة عيادة في بلدة برالياس، بتهمة مزاولة مهنة الطب من دون حيازة ترخيص قانوني.
وبحسب البيان الرسمي، جرت المداهمة بحضور مندوبين عن مصلحة الصحة المختصة، حيث أُوقف الطبيب أثناء معاينته لعدد من المرضى، وتم ضبط الختم الخاص باسمه ودفتر وصفات طبية، قبل ختم العيادة بالشمع الأحمر وتسليمه مع المضبوطات إلى الجهة المعنية، بناءً على إشارة القضاء المختص.
الطبيب (ر. ك) معروف في المنطقة بعمله في مركز صحي للرعاية الصحية في برالياس في البقاع الأوسط، وهو مركز يقدم خدمات طبية أساسية وليس مستشفى بالمعنى التقليدي، ووفق معطيات متداولة، فإن الطبيب يحمل شهادة طب ويملك خبرة تمتد لأكثر من عشرين عاماً في المجال الطبي، إلا أن جنسيته الفلسطينية حالت دون حصوله على إذن مزاولة المهنة في لبنان، رغم ممارسته الطويلة وارتباطه اليومي بالمرضى.
القانون وشروط مزاولة المهنة لغير اللبنانيين
ينصّ القانون اللبناني على شروط صارمة لمزاولة مهنة الطب من قبل غير اللبنانيين، أبرزها مبدأ المعاملة بالمثل، أي أن يسمح بلد الطبيب للأطباء اللبنانيين بالممارسة فيه، إضافة إلى حيازة شهادات معترف بها، وتأمين إقامة وعمل قانونيين في لبنان.
كما يفرض القانون شروطاً خاصة على فئات محددة، كأساتذة التعليم الطبي الأجانب، الذين يُسمح لهم بالممارسة ضمن إطار أكاديمي محدد ووفق نسب وشروط زمنية واضحة، على أن تكون الإجازة مرتبطة بمدة التعاقد وتخضع لموافقة وزارة الصحة ونقابة الأطباء.
إجماع محلي: إنسانية الطبيب قبل أي اعتبار
في المقابل، تُجمع شريحة واسعة من أهالي المنطقة ومرضى الطبيب على الإشادة بإنسانيته والتزامه المهني، معتبرين أن معالجته لم تكن يوماً مرتبطة بمقابل مادي، بل بحالة إنسانية وعلاقة ثقة.
ويؤكد عدد من المرضى أنهم يرفضون التوقف عن مراجعة الطبيب، لما وجدوه فيه من راحة واهتمام، معتبرين أن التعاطي مع ملفه بهذه الطريقة لا يراعي الواقع الصحي والاجتماعي في المنطقة من جهة، والوضع الاقتصادي للمواطن وعدم قدرته على دفع مبالغ كبيرة في عيادات أخرى.
مصدر أمني: تطبيق القانون
وفي متابعة للملف، أفاد مصدر أمني أن المقتضى القانوني سيُستكمل بحق الطبيب، وأن عيادته أُقفلت بالشمع الأحمر، وهو ممنوع من فتحها أو فتح أي عيادة أخرى، التزاماً بإشارة القضاء المختص.
إذاً، تفتح هذه القضية باب النقاش مجدداً حول كيفية التعامل مع حالات مماثلة، حيث يتقاطع القانون مع الحاجة الصحية والبعد الإنساني.
ويبقى السؤال مطروحاً: هل من إمكانية لإيجاد حلول قانونية مرنة تحفظ كرامة الطبيب وتراعي حاجة الناس، من دون المساس بالقانون، أم أن هذه الملفات ستبقى عالقة بين الشمع الأحمر ووجع المرضى؟

alafdal-news
