مهدي عقيل- خاصّ الأفضل نيوز
ثمة تطورات دراماتيكية شهدتها الجبهة الشمالية في الأسابيع الأخيرة من الحرب القائمة بين "إسرائيل" و"حزب الله" منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لكن ما زال الطرفان يمتنعان عن الانتقال إلى حرب مفتوحة.
أولى تلك التطورات تمثلت باستهداف العدو لمنطقة ومدينة النبطية، حيث اقترف أكثر من مجزرة بحق المدنيين، وردّ عليها حزب الله باستهداف قيادة المنطقة الشمالية، وهدّد أمينه العام السيد حسن نصر الله بتوسيع الحرب إذا ما وسع العدو، والتصعيد إذا ما صعّد.
ومن ثم أغارت المقاتلات الإسرائيلية على مصنع للمولدات الكهربائية والطاقة الشمسية في الغازية، وردّت المقاومة بقصف معمل للمواد الغذائية في أصبع الجليل. لكن ما حصل يوم أمس، كان الأكثر تطوراً وله بعد عسكري استراتيجي، وذلك بإسقاط الحزب طائرة تجسس إسرائيلية "هيرمز 450"، المصنفة ثالث أهم طائرة تجسس يملكها الجيش الإسرائيلي. وأتى الردّ الإسرائيلي بخرق العمق اللبناني بنحو 100 كيلو متر، عند استهدافه في بعلبك مخزن أسلحة قديم للحزب وإحدى تعاونيات السجّاد وصهريج مازوت تابعين للحزب أيضاً. ولم يتأخر الأخير بالردّ، حيث استهدف قاعدة عسكرية في الجولان المحتل بصلية من صواريخ الكاتيوشا.
بماذا يمكن أن نخلص من هذه التطورات الثلاثة؟
1-في التطورين الأوليين، كان العدو هو المبادر، والذي أراد أن يظهر بأن بمقدوره كسر قواعد الردع وتسعير الجبهة، ويعطي جرعة قوة لجيشه، ويبدي كبير اهتمام بمستوطني الجليل المهجرين إلى الوسط، وبأنه على استعداد أن يوسّع الحرب لأجل عودتهم إلى المنطقة الشمالية.
2-تكفل حزب الله بالتطور الثالث، بإسقاطه طائرة التجسس في إقليم التفاح، إذ كشف الحزب عن أحد دفاعاته الجوية التي يُخبئ منها الكثير، وهذا ما سيشغل مراكز القرار والتقدير لدى الأجهزة العسكرية والأمنية في الكيان العبري، حيث أصيب العدو بإسقاط مسيرته مقتلاً. وثمة خشية بدأت تنتابه بأن يكون في حوزة الحزب ما هو أخطر من صاروخ أرض جو الذي أسقط المسيرة. وسوف يدرك بأن الحرب الواسعة على الجبهة الشمالية محفوفة بالمخاطر. والرد بقصف بعلبك لا يعدو أكثر من عرض عضلات، وخطف الأضواء من إنجاز الحزب.
3-بمجرد إصدار العدو بياناً يقول بأن قصفه بعلبك ما هو إلا رداً على إسقاط المسيرة، يعني ذلك بأن العدو لا يريد من هذا الخرق استفزاز الحزب لتوسيع الحرب. وأن ما حصل ما زال تحت سقف عتبة الحرب الواسعة.
4- بقدر ما يحرص الحزب على عدم اتساع رقعة الحرب لأسباب عديدة، ليست لها علاقة ببنيته وجهازيته العسكرية واللوجستية، إنما لتجنيب لبنان حرباً لا جدوى منها، يحرص على الحفاظ على توازن الردع مهما كلفته من خسائر بشرية ومادية. علماً أن القاصي والداني يعرف أن كلفة الحرب المفتوحة بالنسبة للحزب أقل بكثير من الحرب القائمة، وبالنسبة لإسرائيل العكس هو الصحيح.
5- صحيح أن الجمهور الإسرائيلي يريد شنّ حرب على لبنان، حيث أظهر استطلاع للرأي قامت به صحيفة "معاريف" العبرية الأسبوع الماضي، أن 71% يطالبون الجيش الإسرائيلي بشن حرب على الجبهة الشمالية. لكن القوى السياسية والجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعرف عواقب وويّلات تلك الحرب التي لا تقاس بحرب غزة. وعليه، لا يبدو أنها سوف تقدم على ارتكاب حماقة من هذا النوع، وتهديدات وزير الدفاع يوآف غالانت المتكررة (42 تهديد بشن حرب على لبنان منذ عملية طوفان الأقصى) سوى ثرثرة وبروباغندا إعلامية يصعب صرفها سوى داخل الكيان في إطار التنافس على من سيخلف بنيامين نتنياهو.
6-بصرف النظر عن سير الحرب في الميدان، حزب الله يستعد إلى أسوأ الاحتمالات، وهو في كامل جهوزيته لخوض حرب مفتوحة، وثمة معلومات تؤكد أنه مؤخراً تمّ تأمين المزيد من الأغذية والأدوية للاستعداد إلى تلك الحرب.

alafdal-news
