محمد علوش- خاصّ الأفضل نيوز
كانت لافتة كلمة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله يوم الإثنين بما يتعلق بملف النازحين السوريين، فالسيد كان الأوضح ربما بين كل السياسيين اللبنانيين عندما قارب هذه الأزمة من واقعها الحقيقي وصعوبة حلها دون اللجوء إلى خيارات صعبة، قد لا تكون متاحة أمام اللبنانيين للقيام بها.
بعيداً عن حلِّ فتح البحر أمام السوريين للتوجه إلى أوروبا بسفن وقوارب "محترمة"، تحدث السيد نصر الله أيضاً عن قانون قيصر وضرورة المطالبة بإلغائه لتمكين الحكومة السورية من استعادة النازحين، فهذا القانون الذي أقره مجلس النواب والشيوخ في الولايات المتحدة الأميركية نهاية العام 2019، ووقعه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يهدف بشكل أساسي لشلّ الحكومة السورية ومنع أي أحد من مساعدتها، فبنود القانون كُتبت لمنع الشركات والأفراد من الاستثمار في سوريا، والمشاركة في جهود إعادة الإعمار التي تقودها الحكومة السورية، أو تطوير أي قطاع اقتصادي في سوريا وتحديداً في مجالات الطاقة والغاز والنفط.
وضعت أميركا قانون قيصر لتهديد كل من تسول له نفسه فتح قنوات اتصال دبلوماسية واقتصادية مع سوريا، وبالتالي محاصرة الحكومة واستكمال الأزمة ومنع السوريين من انتشال بلدهم من قعر الحرب وآثارها، وكان موجهاً بشكل أساسي إلى روسيا وإيران والصين، ومن خلفهم أي دولة عربية تفكر بالاستثمار في إعادة الإعمار.
لذلك يمكن القول أن استمرار تطبيق قانون قيصر سيعني أن لا قيامة اقتصادية لسوريا ما يعني أيضاً صعوبة استقبال النازحين، ولذلك كانت مطالبة السيد نصر الله برفع العقوبات عن سوريا أمراً أساسيًّا لأي تفكير بحل أزمة النازحين في لبنان، خاصة أن نسبة كبيرة من النازحين الذين حضروا إلى لبنان منذ العام 2015 حتى اليوم هم من النازحين الاقتصاديين.
هذه المطالبة تطرح سؤالاً أساسيًّا حول قدرة الإدارة الأميركية الحالية برئاسة بايدن على إلغاء قانون قيصر، ولذلك يجب الإضاءة على أحد بنود القانون التي وردت فيه ونص على أنه لا يمكن للرئيس الأميركي تعليق القانون إلا وفق شروط وضوابط تؤكد امتثال الحكومة السورية لشروط ستة هي:
وقف قصف المدنيين ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة من قبل القوات الإيرانية والروسية والسورية،السماح بمرور المساعدات الإنسانية وتحرّك المدنيين بحرّية وإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين والسماح بدخول منظمات حقوق الإنسان إلى السجون والمعتقلات السورية، وقف قصف المراكز الطبية والمدارس والمناطق السكنية والتجمعات المدنية كالأسواق من قبل القوات السورية والإيرانية والروسية، والمجموعات التابعة لها. عودة المهجّرين السوريين بطريقة آمنة إرادية محترمة، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا، وإحقاق العدالة لضحايا جرائم الحرب.
يتبين من خلال هذه النقاط أن القانون يضع شروطاً تعجيزية لتعليقه، والقول أنها تعجيزية ليس لأن الحكومة السورية ستطبق أو لن تطبق هذه الشروط، بل لأن المشرع الأميركي لا يُريد أن يمنح الرئيس قدرة على التحكم بالقانون، وبالتالي فإن تعليقه أو إلغاءه يعود إلى الكونغرس الأميركي لا الإدارة الأميركية، ولكن يبقى للرئيس الأميركي قدرة على الالتفاف حول قانون قيصر من خلال الانسحاب من سوريا، فما تسيطر عليه أميركا من قدرات نفطية وغازية يمكن الحكومة السورية من النهوض، ولكن دائماً يبقى القرار سياسيًّا بالدرجة الأولى ولا يعلَّق بنازحين ولا مدنيين ولا بالسوريين جميعاً.
من هنا يمكن الإضاءة على حجم الصعوبات التي تواجه لبنان بملف النازحين، واستحالة إعادتهم إلى بلادهم دون قرار أميركي واضح، فهل يمكن لحلِّ فتح البحر أن يحلَّ الأزمة عبر الضغط على الأوروبيين؟