كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
ليست المرّة الأولى التي يتحرّك فيها الحزب التّقدمي الاشتراكي وكتلته النّيابيّة "اللّقاء الديمقراطي" في موضوع انتخابات رئاسة الجمهوريّة، أو أيّ ملفّ لبنانيّ آخر، حيث تصنّف "الجنبلاطيّة السياسيّة" بأنّها "بيضة القبّان" في مراحل ما، وكان مؤسّس الحزب التّقدمي الاشتراكي كمال جنبلاط، هو من يميل الكفّة في الانتخابات الرئاسيّة، وهذا ما حصل في أكثر من استحقاق رئاسي، لا سيّما في العام ١٩٧٠ عندما توزّعت أصوات "جبهة النّضال الوطني"، بين المرشّحين سليمان فرنجية والياس سركيس، وفاز فرنجيّة بفارق صوت واحد، فنال ٥٠ صوتًا ومنافسه ٤٩ صوتًا، وكان لأصوات جبهة النّضال القرار الحاسم لوصول فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، في وقت كان الصّراع على أوجه مع "الشهابية" التي حكمت في عهدي فؤاد شهاب وشارل حلو.
فما يقوم به "اللّقاء الديمقراطي" برئاسة النائب تيمور جنبلاط، هو تحريك الجمود الرئاسي، بعد ١٩ شهرًا على انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، ولم تحصل الانتخابات، لأن الفريقين النيابيين والسياسيين، لا يملكان الأصوات الكافية لوصول مرشّحهما، وكانت آخر جلسة انتخاب انعقدت في ١٤ حزيران ٢٠٢٣، وهي رقمها ١٢، وتنافس سليمان فرنجية الحفيد مع الوزير السّابق جهاد أزعور، فحصل الأول على ٥١ صوتًا والثاني على ٥٩ صوتًا.
ومنذ عام، لم يعقد مجلس النّواب الجلسة ١٣، وجرت محاولات داخليّة، من كتل نيابيّة وقوى سياسيّة وحزبية، لإجراء انتخابات، فكان ردُّ رئيس مجلس النّواب نبيه برّي، بإقامة حوار وانتخاب، لكن مبادرته رفضت، فحاولت "كتلة الاعتدال الوطني" نقلها من الحوار إلى التّشاور فالانتخاب، فلم توفّق، في وقت تحرّكت "اللّجنة الخماسيّة" المكوّنة من سفراء أميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، وتقدّمت باقتراحات منها حصول الانتخابات نهاية الشهر الماضي، سواء بالحوار أو التّشاور أو التّوافق، لكن أبواب مجلس النّواب مقفلة، لأنّ المعادلات الداخلية لم تتبدّل، وبقي تعداد الأصوات لكلّ مرشّح على ما هو عليه، بالرّغم من ابتعاد كتل نيابيّة عن ترشيح أزعور، مع بقاء الثنائي "أمل" و"حزب اللّه" على ثباتهما وموقفهما من ترشيح فرنجيّة.
"فالستاتيكو"، هو على حاله بالنّسبة للاستحقاق الرّئاسي، الذي فصله "حزب اللّه" عن حرب غزّة ومواجهات الجنوبِ بين المقاومةِ والعدوِّ الإسرائيليّ، وأن الرئيس برّي أبدى مرونة حول الحوار أو التّشاور، لكنه بقي متمسّكًا بممارسة صلاحياته في الدّعوة للتّشاور أو الحوار وترؤسه، وهذا ما يرفضه رئيس حزب "القوات اللبنانيّة" سمير جعجع، المتشبّث برأيه حول جلسة انتخاب فقط، مقفلًا الباب على أيّ حلّ، يرى أنه سيكون لصالح فرنجيّة.
في هذه الأجواء المعقّدة حول انتخاب رئيس الجمهورية، وتوقّف الدّعوة لعقد جلسة له، وانعدام وجود حوار جدّيّ وشبه رسميّ للتوافق، جاء تحرّك "اللقاء الديمقراطي" الذي يرفض وصفه بالمبادرة، بل تأمين قواسم مشتركة، مستندًا إلى تشجيع من "اللّجنة الخماسيّة" ومباركة الرئيس برّي، الذي يلقى تأييد الرئيس الحالي والسابق للحزب التقدمي الاشتراكي تيمور ووالده وليد، وأنّ "اللقاء الديمقراطي" الذي التقى الكتل النّيابيّة، لم يحمل معه أي اسم لمرشح، بل يدعو إلى تقريب المسافات بين الكتل النّيابيّة، حيث لا يمانع "اللقاء الديمقراطي"، الذهاب إلى الخيار الثالث، وهو مطروح من قبل "اللّجنة الخماسيّة".
وسبق للموفد الفرنسي جان إيف لودريان، أن تحدّث عن الخيار الثالث، الذي دونه عقبات، لأنّ "حزب اللّه" لن يتراجع عن دعمه لترشيح فرنجيّة ولا الرئيس برّي أيضًا، كما أنّ رئيس "تيّار المردة" أعلن أنّه لن ينسحب.
لذلك فإنّ حركة "اللّقاء الديمقراطي" تصبّ في إخراج الملفّ الرّئاسي من الجمود، لكنّه لا يطرح حلولًا سوى تقريب المسافات السّياسيّة، والوصول إلى ساحة قواسم مشتركة، هي التّفاهم أو التّسوية حول اسم الرّئيس، الذي إذا لم يكن صناعة لبنانيّة، فقد يُفرض على اللبنانيّين كما حصل في استحقاقات رئاسيّة سابقة، حيث يقول أحد نوّاب "اللّقاء الدّيمقراطي"، "نحن نتحرّك، واللّهم إنّي بلّغت".