بكر حجازي - خاصّ الأفضل نيوز
في عصر الدولة العباسية وبعد وفاة أشهر وأقوى حكامها آنذاك الخليفة هارون الرشيد ، تصارع ولداه على الحكم -الأمين والمأمون ، حيث كانت هذه الدولة عاصمتها بغداد التي شهدت على صراع الأخوين على الحكم، وعلى ما يبدو أن ابني السيدة نضال البستاني العراقية الأصل والزوجة الأولى للرئيس رفيق الحريري يتصارعان على إرث رفيق الحريري في بيروت اليوم كما كان الأمين والمأمون ، مع الفارق أن سعد الدين وبهاء أخوان شقيقان من نفس الأم ، بينما الأمين والمأمون كلٌ منهما من أم.
فالحملات التي نشهدها اليوم بين بهاء وسعد ، تصور الشارع السني على أنه ملكٌ يتنازع عليه الشقيقان، وخاصة بعد ما أوردت جريدة الأخبار اللبنانية عن لسان بهاء ،" أن لبنان لا يتسع لي ولسعد "، وأنه هو الوريث للحريري الأب .
فهل قارب مستشارو بهاء وسعد إقناع الاثنين بالصراع على ملكية الشارع السني ، وكأن هناك كاتب بالعدل في مكان ما نقل ملكية هذا الشارع لهما ، وهما الآن بصدد تنفيذ حصر الإرث وفرز الحصص التي تركها لهما الرئيس الشهيد رفيق الحريري .
لا يا إبنا رفيق الحريري، ما هكذا تورد الإبل بصراعكما ، أو بتعاطيكما مع الشارع السني ، هذا الشارع الذي أحب الحريرية السياسية وأعطاها الكثير من الثقة والمبايعة في السنوات الماضية ، ولا أعتقد أن الشارع السني الذي تتصارعان عليه من خلال خطابات الفنادق ، وبيانات المنسقيات، يعلم حقيقة الصراع بينكما، فكل ما يهم هذا الشارع كما معظم اللبنانيين الأمور الحياتية اليومية ، والتي أهملتها الدولة اللبنانية من طرابلس إلى عرسال والبقاع الغربي.
نعم يا إبنا الحريري لا يمكنكما تسخيف الطائفة السنية الكبيرة والعريقة بأبنائها ، ولا يمكنكما تمزيقها أكثر بالصراع بينكما ، فهذه الطائفة الولّادة والتي تحوي الكوادر الذين ينتشرون في أصقاع الأرض والعائلات السياسية التي لا زالت في خدمة مجتمعها، لا يمكنكما اختزالها بصراعكما الإعلامي .
يا إبنا الحريري إن أقل واجب عليكما هو في ترك هذا الصراع بينكما ، والتخلي عن ممارسة شد غطاء دم الرئيس الشهيد بينكما للسيطرة بطريقة العاطفة الديكتاتورية على طائفة لبنانية جعلتماها تشعر بالغبن من خلال ممارسات كل منكما وتريدان التملص منها .
يا أيها الشقيقان، إنَّ غزة والجنوب يتألمان، وهما من صلب جسد الطائفة السنية ، فإذا كان عندكما بعض الدواء لهذا الألم، فتفضلا به ، ولا تحولا أو تحورا الصراع الكبير الدائر اليوم إلى صراع بينكما، فالصراع في المنطقة هو أكبر منا جميعاً ، وليكن صراعكما في سبيل إعداد الناس لأي عدوان صهيوني غادر ، لا في تجنب الكلام عن غزة والمقاومة.
اتركا رفيق الحريري في وجدان الناس بصورته البهية ولا تلوثا الذكرى بصراعات "دونكوشيتية" على ملك لم يكن ولن يكون من حق أحدٍ من الناس ، هؤلاء الناس الذين ينظرون باحثين عن القائد ويحنون لعبد الناصر ، ياسر عرفات ، ورفيق الحريري..