عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
حوار أو لا حوار.. تشاور أو لا تشاور.. ممثلو الكتل النيابية يتداعون للقاء بدعوة رسمية أو من دونها.. وهل يحصل اللقاء حول طاولة وفي ظل إدارة محددة أم يسبح خارج أي "جاذبية" ناظمة له؟
حول هذه التفاصيل المسكونة بالشيطان يدور الأخذ والرد بين القوى السياسية المتناحرة، بينما البلد يعاني من "نزيف حاد" في رأس الهرم نتيجة الشغور الرئاسي، ومن حرب تدور على حدوده الجنوبية وتبقى مرشحة لكل الاحتمالات.
وبدل أن يكون هذا الوضع الاستثنائي حافزا للتنازل عن الشكليات والقشور، إذا ببعض الجهات تصر على التمترس خلفها، في انعكاس لمكابرة سياسية غبر مبررة وغير مجدية، وكأن هناك من لا يريد أكل "العنب الرئاسي" وإنما قتل الناطور !
وفي مستنقع التفاصيل الإجرائية، غرق أيضا سفراء خمس دول وازنة، حاروا وداروا من دون أن يستطيعوا فتح كوة في الجدار، ما يوحي بأن التوقيت الإقليمي والدولي للتسوية الرئاسية لم يحن بعد،
ولأن المسرح الخارجي ليس جاهزا حتى الآن لفرض الحل، فهو ترك لـ"الكومبارس" اللبناني أن يؤدي دور البطولة في الوقت الضائع، وذلك عبر إطلاق مجموعة من المبادرات المحلية الصنع، الواحدة تلو الأخرى، لمحاولة كسر المرواحة في الملف الرئاسي وآخرها مبادرة المعارضة التي وُلدت وهي تعاني من تشوهات خلقية لن تسمح لها بالذهاب بعيدا.
وإذا كان الرئيس نبيه بري قد ألمح إلى أنه لا يقبل بالتئام أي نوع من أنواع الحوار أو التشاور بلا مشاركة القوات اللبنانية من خلال الإعلان عن رفضه عزل أي فريق، إلا أن سمير جعجع لم يرد على التحية بمثلها أو أحسن منها، بل واصل هجومه السياسي على بري واتهامه بأنه يريد فرض وصايته على رئاسة الجمهورية.
ويُنقل عن قطب سياسي قوله بلهجة لا تخلو من السخرية: يكاد يكون جمع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان والرئيس الأميركي جون بايدن أسهل من جمع "القوات" مع القوى الداخلية الأخرى في لقاء تشاوري لتسهيل انتخاب رئيس الجمهورية، "لأن جعجع لا يزال يعاند ويُغلّب الجزئيات الشكلية المتعلقة بآلية التشاور على لُب المسألة المتمثل في تأمين الظرف الملائم لانتخاب رئيس الجمهورية.
ويلفت القطب إلى أن التشاور ليس سوى وسيلة، أما الغاية فهي ملء الشغور في قصر بعبدا من خلال جلسات الانتخاب المتتالية التي ستُعقد إذا تعذر التوافق خلال مهلة التشاور، "وعوضا عن أن يستعجل جعجع الوصول إلى تلك الغاية التي يُفترض أن تكون الأولوية لديه، فإنه حشر نفسه في ممر الوسيلة وصار أسيرا لها."
ويعتبر القطب أنه صار من الواضح أن رئيس "القوات" لا يريد انتخاب الرئيس في هذه المرحلة لحسابات ورهانات معينة لديه، ولذلك هو يرفض حصول التشاور وفق الأصول.