د.أكرم حمدان - خاصّ الأفضل نيوز
كثرت القراءات والتحليلات والحسابات للنتائج التي خلصت إليها الجلسة النيابية التشريعية التي انعقدت يوم الخميس الماضي في 18 كانون الأول الحالي، إلا أن الثابت الوحيد الذي لا يمكن التكهن به أو تاويله، هو أن الجلسة قد عقدت وأنجزت ما كان مطلوباً منها لجهة إقرار عدد من مشاريع القوانين الملحة والمهمة والمطلوبة خارجياً ومحلياً على صعيد المسار الإصلاحي، كما جعلت من القوانين التي أقرت في جلسة شهر أيلول الماضي نافذة بعدما اختتم محضر الجلسة، حيث كانت تلك القوانين معلقة بانتظار اختتام محضر الجلسة وفقاً للأصول القانونية والدستورية، ومنها الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، وهو القانون الذي يسمح بالبدء بتلزيم مطار القليعات.
وفي الحسابات السياسية وغير السياسية، وبمعزل عن الرسائل بين بعبدا ومعراب، فإن "المايسترو"والخبير وصاحب الباع الطويل ومفكك الألغاز ومختلف أنواع الشيفرات المخضرم رئيس البرلمان نبيه بري، كان الرابح الأول في انعقاد الجلسة، وهو الذي يعرف كيف يحسب الأمور في توقيتها وإيقاعها، حيث يعلم جيداً ما يحصل بين معراب وبعبدا من علاقات غير صحية، وكذلك بين معراب والسرايا الحكومي والرئاسة الثالثة، وفوق هذا كله اللغة الفوقية التي استخدمت من قبل سمير جعجع تجاه النواب عشية الجلسة.
وبعيداً عن المزيد من التحليل، فإن من نتائج انعقاد مجلس النواب وتأمين نصاب الجلسة، إقفال الباب أمام كل المناورات التي جرت لتعديل قانون الانتخاب، والبحث الجدي خلف الكواليس والأبواب المغلقة عن مهلة التمديد التقني للمجلس الحالي الذي بات شبه محسوم تقريباً.
وليس بعيداً عن هذا المسار المعلومات المتداولة عن الإعجاب السعودي بحكمة الرئيس بري و"الكيمياء" المفاجئة بين بري والسفير الأميركي ميشال عيسى، الذي يبدي إعجابه برئيس المجلس أمام زواره، ويعتبر دوره مفصليا في السياسة اللبنانية، وجسر عبور ضروريًّا للوصول إلى تفاهمات داخلية، تواكب المتغييرات التي يجب أن يتأقلم معها الشيعة في لبنان والتي لها لمتداد في العراق وايران.
ومن الخلاصات الثابتة أن الرؤساء الثلاثة وقفوا وراء عدم تعطيل التشريع، خصوصا أن البنك الدولي سبق وحذر لبنان أنه سيخسر كل عقود القروض المقرة واللاحقة، وبينها قرضان لمكننة الإدارة وشبكة أمان، وقرض بقيمة 250 مليون دولار، من أجل إعادة إعمار البنى التحتية المتضررة جراء العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان، إذا لم تقر القوانين قبل نهاية العام الحالي، ولهذا لم يكن بالإمكان التساهل مع إفقاد النصاب.
كذلك أقرّ المجلس قانون تنظيم القضاء العدلي بعد الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات التي وجّهها رئيس الجمهورية جوزاف عون، وهكذا أدت الجلسة إلى إعادة خلط التوازنات في المجلس النيابي، بعدما افترض البعض أنّها استقرّت لمصلحته، كما نسفت نتائج الجلسة فرضية انقلاب موازين القوى في المجلس، إذ ثبت أنّ الغالبية متحركة وتعمل "على القطعة".
وبشكل واضح لا لبس فيه كان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الخاسر الأكبر مما حصل بدليل ما قاله في مؤتمره الصحافي في معراب بعد الجلسة، حيث اتهم الرؤساء الثلاثة بالتواطؤ لتأمين النصاب وتحدث عن وجود ترويكا وهاجم رئيس الحكومة لأنه حضر الجلسة وطلب من رئيس الجمهورية توجيه رسالة للمجلس.
تبقى الإشارة إلى أنه يجب أن تختار التوقيت المناسب لتحقيق الهدف خصوصاً إذا كنت تبارز شخصية كنبيه بري الذي يعرف كيف يحيك انعقاد جلسات مجلس النواب.

alafdal-news
