كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
كلّ الحروب التي خاضها العدوُّ الإسرائيليُّ، منذ اغتصابه لفلسطين، كانت بقرار أميركي، إلى الحرب التّدميريّة على غزّة منذ ٧ تشرين الأول الماضي، بعد عملية "طوفان الأقصى"، التي نفّذتها "كتائب القسام" في حركة "حماس" في غلاف غزة، والتي اعتبرتها أميركا بأنّها حقٌّ مشروعٌ "لإسرائيل" في الدّفاع عن نفسها.
فحضر الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الكيان الصهيوني وأعطى الضوء الأخضر للحكومة الإسرائيليّةِ برئاسة بنيامين نتانياهو أن يقوم جيش الاحتلال بعملية عسكريّة ضدَّ حركة "حماس" والقضاء عليها واستعادة الأسرى الصهاينة، الذين أتت بهم "حماس" إلى القطاع لمبادلتهم بمعتقلين فلسطينيين في السّجون الإسرائيليّةِ.
ظنَّ بايدن ومعاونوه في الإدارة الأميركيّة، بأنَّ العمليّة العسكريّة الإسرائيليّة، لن تستغرق كثيرًا من الوقت، وأن الجيش الإسرائيليّ وخلال شهر وأقصى حد ثلاثة أشهر، يكون قد أنهى وجود "حماس" وكل فصيل فلسطيني مقاوم، لكن ما حدث، أن نتنياهو فشل في تحقيق أهدافه في القضاء على "حماس" واستعادة الأسرى، بل كلّ ما فعله هو تدمير غزّة، وقتل الأطفال والنساء وتجويع المواطنين، وقطع الإمداداتِ الغذائيّة عن الأهالي ممّا حرّك الشارع الأميركي في رفض الإبادة الجماعيّةِ، وأصدرت محكمة العدل الدوليّة قرارات تُدين إسرائيل وتطالبها بوقف أعمالها الإجراميّة، وكذلك فعلت الأمم المتحدة، في وقت كان البيت الأبيض يمدّد الحرب كي تحقق أهدافها، وفي الوقت الذي كان يدعو إلى حلٍّ دبلوماسي وسياسيٍّ، لكن العدوَّ الإسرائيليَّ لم يمتثل للدعوات الدوليّة الأميركية، التي لم تحسم قرارها بوقف إمداد الجيش الإسرائيليّ بالسلاح والذخيرة، ولا في تأمين المال، فظهرت أميركا بوجهها الحقيقي اللإنساني، وأنّ إسرائيل باقية ومستمرة في الحرب بسبب الدعم الأميركي أولاً، ثم تواطؤ الغرب مع إسرائيل، لا سيما بريطانيا التي زرعت هذا الكيان بوعد بلفور ١٩١٧.
والزيارة الأخيرة لنتنياهو إلى أميركا، وإلقاء كلمة أمام الكونغرس طالباً المزيد من المال والسلاح، وهو كفيل بإنهاء وجود ليس "حماس" فقط بل إيران العدو الأول لأميركا، وهي التي أوجدت الأذرع لها ومنها "حزب الله" والحوثيون والحشد الشّيعي.
وبعد خطاب أمام الكونغرس، لم يلق نتنياهو موافقة بايدن ونائبته كاميلا هاريس المرشّحة المحتملة للرئاسة الأميركية من قبل الحزب الديمقراطي، استمرار الحرب، أو توسيعها، لا سيما المواجهة العسكرية في الجنوب بين "حزب الله" والعدوِّ الإسرائيليِّ الذي تقلقه الجبهة الشمالية من فلسطين المحتلة التي هجرها المستوطنون وشل الاقتصاد فيها، فاستنزفها "حزب الله" مساندًا غزة، وحقّق الهدف من فتح الجبهة، فلم يبق أمام العدوِّ الإسرائيليِّ إلّا اللّجوء إلى الفتنة، فقام بقصف بلدة مجدل شمس في الجولان المحتلّ، وهي من أربع بلدات رفضت الهويّة الإسرائيليّة، وتمسّكت بالجنسيّة السوريّة، وخرج منها مقاومون، بالرغم من خرق إسرائيلي خفيف، فجاء القصف الإسرائيليّ وتوجيه الاتهام إلى "حزب الله"، بأنّه هو من تسبّب بالمجزرة، وقتل ١٢ طفلاً وجرح العشرات، لكن الهدف الإسرائيلي، لم يتحقق، بخلق صراع درزي - شيعي، وقيام بيئة معادية من طائفة يمتد وجودها في لبنان وسوريا وفلسطين والأردن، فكان الرّد سريعًا من النائب السابق وليد جنبلاط وهو الزعيم الأقوى في الطائفة الدرزية، التي سبق لها وقبل قصف مجدل شمس، أن أصدرت بيانات تؤيد فلسطين، وحق المقاومة، فكان اللقاء الذي جمع جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان وكانت لهما مواقف، أكّدت على الهوية العربية للدروز وتاريخهم في الدّفاع عن القضايا العربية ومنها قضية فلسطين.
فالموقف الدّرزي في لبنان، ومثله في سوريا من مشايخ العقل، أظهر أن الدروز ليسوا "حرس حدود" لإسرائيل كما جاء في بيان للمجلس المذهبي الدرزي الذي تحدث عن رفض الدروز للحماية كأقلّيّة، بل هم مع الأكثرية القومية.
واستغلَّ العدوُّ الإسرائيليُّ، ما حصل في مجدل شمس، وتوعّد بردٍّ على "حزب الله" الذي سبق لأمينه العام السيد حسن نصر الله أن حذّر العدوَّ الإسرائيليَّ بتغيير قواعد الاشتباك والذي نفى قصفه لمجدل شمس وأن مجلس الحرب الإسرائيليّ الذي انعقد استثنائيًّا، بعد أن أوقف نتنياهو رحلته اغلى أميركا، أو جرى وضع سيناريوهات لحرب على لبنان، منها الاجتياح، وهو ما يطالب به الوزراء المتطرفون، وصولاً إلى بيروت التي دعا ايثمار بن غفير إلى تدميرها أو القيام بعمليات عسكرية محدودة.
كلّ هذه السيناريوهات، وضع "حزب اللّه" خططًا عسكريّةً لمواجهتها ويعلم قادة العدوِّ، بأنَّ السيد نصر الله، عندما يَعدُ فإنه صادق بوعده، بأن تكون أيُّ حرب واسعة، نهاية إسرائيل وخرابها الثالث، كما يقول نتنياهو، الذي إذا غامر بحرب واسعة ضدَّ لبنان، فإنّه سيخسرها، كما خسر إيهود أولمرت حرب ٢٠٠٦.
والرّد الإسرائيليّ سيحصل، لكن ما هو حجمه ومساحته الجغرافية؟
ويبقى القرار الأميركي، فهل توافق إدارة بايدن على حرب واسعة على لبنان؟.