طارق ترشيشي - خاصّ الأفضل نيوز
"قرأ المكتوب من عنوانه"...
الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين جاء الى لبنان من طريق لندن وليس من طريق تل أبيب التي لم يزرها خلافًا لما شاع قبيل وصوله إلى بيروت من أنه زارها والتقى المسؤولين الكبار فيها باحثًا معهم في مهمته المتعلقة بالوضع على حدود لبنان الجنوبية.
هذا التطور فسرته مصادر اطلعت على مهمة سياسيين على مهمة هوكشتاين بأن الجانب الإسرائيلي رفض استقباله، أو بالحد الأدنى، لا يريد استقباله في هذه المرحلة وفي ظل استعداد تل أبيب للرد على ردود "محور المقاومة" المنتظرة على إسرائيل لاغتيالها قبل أسبوعين القائد العسكري لحزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في طهران حيث كان يحل ضيفًا على القيادة الإيرانية لمناسبة تنصيب الرئيس الجديد مسعود بزشكيان.
وتكشف المعلومات أن محطة هوكشتاين في لندن قبل المجيء إلى بيروت كانت الغاية منها التشاور مع الجانب البريطاني في الأفكار التي طرحها وزيرا الخارجية والدفاع البريطانيين لمعالجة الوضع في الجنوب في إطار التمهيد لتنفيذ القرار 1701 خلال زيارتهما الأخيرة للبنان واجتماعهما برئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومسؤولين آخرين. ويقال أن من ضمن الأفكار البريطانية المطروحة مساعدة الجيش اللبناني على إقامة "أبراج مراقبة" على الحدود اللبنانية الجنوبية أسوة بتلك التي أقاموها على الحدود اللبنانية السورية في البقاع والشمال.
وتكشف المعلومات أن مستشار الأمن القومي جيك سوليفان هو الذي طلب من هوكشتاين زيارة لبنان مباشرة بناءً على رغبة الرئيس جو بايدن الذي لا يحبذ نشوب حرب واسعة النطاق في لبنان والمنطقة عمومًا نظرًا لما يمكن أن تلحقه من ضرر بمصالح الولايات المتحدة الأميركية التي تشهد حاليا حملات انتخابية صاخبة بين المرشحين الجمهوري دونالد ترامب والديموقراطي نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس.
ويقول بعض الذين اطلعوا على زيارة هوكشتاين اللبنانية أن لا تفسير لزيارته إلا شيئًا واحدًا وهو أنه "جاء يبلغ إلى المسؤولين اللبنانيين رسالة مفادها أن إسرائيل تنوي شن حرب واسعة النطاق ضد لبنان فلا تعطوها الذريعة من خلال الرد الآن على اغتيال القائد العسكري لحزب الله أو غيره بل انتظروا قليلا إلى حين الاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى والمعتقلين بين إسرائيل وحركة "حماس" ليبدأ العمل بعدها على إيجاد حل دبلوماسي في شأن تنفيذ الدولي القرار 1701.
على أن البعض أعطى لزيارة هوكشتاين تفسيرًا آخر مفاده أن الرجل جاء حاملا مقترحات حلول للوضع على حدود لبنان الجنوبية ومن ضمنها تنفيذ القرار 1701 لكن هذا الأمر لم تثبت صحته بهذه الدقة لأنه عندما خرج من لقائيه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ونجيب ميقاتي لم يقل أنه استمع منهما إلى رأييهما بهذه العروض، وإنما تحدث في المطلق عن أن لا مصلحة لأحد في الحرب بين للبنان وإسرائيل وأنه يجب عدم تضييع الوقت والعمل لتحقيق وقف النار في غزة وإعطاء الفرصة للديبلوماسية كي تمنع نشوب حرب كبرى. ولذلك قال "أن الحل الديبلوماسي يمكن تحقيقه لأن ما من أحد يريد حربًا بين لبنان وإسرائيل، وأن الوقت ضروري لوقف إطلاق النار في غزة الذي يمهد لحل ديبلوماسي في لبنان.
على أن زيارة هوكشتاين للبنان جاءت قبل يوم من اللقاء المقرّر في في الدوحة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس في شأن وقف النار وتبادل الأسرى والمعتقلين في غزة وذلك بناءً على المبادرة التي أطلقها الأسبوع الماضي الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مؤكدين فيها أنه بعد عشرة أشهر من الحرب آن الأوان لوقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى والمعتقلين قد حان. وفي هذا السياق يكشف مصدر دبلوماسي مطلع أن لقاء الدوحة فرض على إيران التريث لفترة إضافية في ردها على اغتيال هنية. لأنها تعتبر أن لقاء الدوحة سيكون محطة مفصلية بالنسبة إلى ردها المحتوم على إسرائيل إذ لا يمكن صرف النظر عنه تحت أي اعتبار ومهما كلف الأمر، ولكن طبيعة هذا الرد وحجمه يتوقف على نتائج اجتماع الدوحة فإذا تم الاتفاق على وقف النار وفي الاتجاه الذي يحقق لحماس ما تصبو إليه من "انتصار" فسيكون الرد في حجمه وشكله داعما لها في الحفاظ على هذا الانتصار وتطويره. أما إذا فشل الاجتماع ولم يتفق على وقف النار فسيكون الرد الإيراني مدويًا في شكله وحجمه واستهدافاته، بمعنى أنه في حالة الاتفاق سيكون الرد بمستوى الجريمة أيا كانت التداعيات والتبعات وأيا كان حجم الرد الإسرائيلي عليه.
علما أن حزب الله قرر هو الآخر التريث في رده على اغتيال شكر، وقد نسق هذا التريث مع القيادة الإيرانية على أثر إعلان المبادرة الثلاثية الأميركية المصرية القطرية الأسبوع الماضي التي دعت إسرائيل و"حماس" الى اجتماع الدوحة. وكان الدافع الى هذا التريث هو منع إسرائيل من اتخاذ رديهما إن حصلا قبله وذلك ذريعة لنسف الاجتماع أو للتهرب من الاتفاق على وقف إطلاق النار والذهاب إلى حرب آملة أن تحرف الأنظار عن الحرب التدميرية التي تشنها على قطاع غزة منذ أكثر من عشرة أشهر.
ولذلك يقول المصدر أن الردين الإيراني وحزب الله إذا حصلا بعد اجتماع الدوحة فإن حجمهما وطيبعتهما واستهدافاتهما ستتحدد بعد أن يتبين لطهران والحزب الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر مستقبل قطاع غزة، فإذا جاءت نتائج هذا الاجتماع وقفا فعليًا لإطلاق النار وانسحابًا اسرائيليًا من القطاع فسيشكل هذا الامر مكسبًا أساسيًا لحماس في أنها صمدت وانتصرت وأعادت للقضية الفلسطينية حضورها وحيويتها على رغم الخسائر الجسيمة في الأرواح والممتلكات، وهزيمة مدوية لإسرائيل لأنها فشلت في تحقيق هدفها القضاء على حماس وإعادة احتلال القطاع عندما أعلنت حربها عليها إثر عملية "طوفان الأقصى".
ويؤكد المصدر أنه في حال تهربت إسرائيل من الاتفاق على وقف النار فإن ردود "محور المقاومة" عليها ستكون كبيرة وموجعة وقد تدفع المنطقة الى حرب كبرى لأن إسرائيل لم تتخل عن خطتها لتدمير القطاع والقضية الفلسطينية على طريقة إقامة "الدولة اليهودية الخالصة من النهر إلى البحر" بعد الإجهاز في مرحلة لاحقة على الضفة الغربية وتهجير أهلها الى الأردن ليكون وطنا بديلا لهم.

alafdal-news



