طارق ترشيشي - خاص الأفضل نيوز
جملةُ أحداثٍ يمكن توقّع حدوثها في منطقة الشرق الأوسط في ضوء منشور الرئيس الأميركي دونالد ترامب الغامض والمفاجئ على منصّته "تروث سوشال"، والذي قال فيه: "لدينا فرصة حقيقية لتحقيق إنجازات عظيمة في الشرق الأوسط، الجميع على أهبة الاستعداد لحدث استثنائي، لأول مرة على الإطلاق. سنحقّقه!"
ومن الأحداث التي يمكن التكهّن أو توقّع حدوثها:
ــ أوّلًا، السيطرة الإسرائيلية على غزّة وضمّها إلى إسرائيل، أو نجاح خطة الـ21 بندًا لوقف الحرب على غزّة، التي كُشف عنها قبل أيّام، والتي سيناقشها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقائهما المرتقب. في حين أنّ الوقائع على الأرض في قطاع غزّة لا تشير إلى أنّ إسرائيل قادرة على احتلالها بسهولة، إذ إنّ قوّاتها لا تستطيع أن تستقرّ في أيّ منطقة غزّاوية تتقدّم إليها، ما يشير إلى أنّ معركتها مع حركة "حماس" وأخواتها هناك ستكون أشبه بمعركة ستالينغراد بين الروس والغزاة الألمان في الحرب العالمية الثانية، والتي انتهت بهزيمة فادحة للألمان.
ــ ثانيًا، توقيع اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل يمهّد لاتفاقية تطبيع أو سلام بين الجانبين، ورعاية لقاء في البيت الأبيض بين الرئيس السوري أحمد الشرع ونتنياهو، الذي كَثُر الحديث عنه الأسبوع الماضي أثناء حضور الثلاثة اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة المنعقدة هذه الأيّام في نيويورك. ويُعزّز هذا الاحتمال الاهتمام الأميركي والغربي الذي حظي به الشرع خلال اجتماعات نيويورك.
ــ ثالثًا، شنّ إسرائيل حربًا جديدة على لبنان بهدف القضاء على حزب الله نهائيًّا، خصوصًا أنّها والولايات المتحدة الأميركية لا تُخفيان مشروعهما هذا، الذي لم تتمكّنا من إنجازه في حرب الشهرين التي امتدّت من 23 أيلول إلى 27 تشرين الثاني من العام 2024 الماضي. ويمكن الاستدلال إلى هذا الأمر من خلال جمود المساعي الدبلوماسية الأميركية والفرنسية بين لبنان وإسرائيل، لإلزام الدولة العبرية باتفاق وقف النار الذي لم تلتزم به منذ صدوره في 27 تشرين الثاني الماضي، حيث تواصل اعتداءاتها اليومية على لبنان من الجنوب إلى البقاع، ولم تنسحب إلى خلف الحدود تنفيذًا للقرار الدولي 1701، وتبرّر هذه الاعتداءات بادّعائها أنّ لبنان لم يلتزم الاتفاقات ولم ينزع سلاح حزب الله. في حين أنّ لبنان والمقاومة نفّذا التزاماتهما كاملة في منطقة جنوب نهر الليطاني، التي لم يتمكّن الجيش اللبناني من الانتشار كلّيًا فيها بسبب استمرار إسرائيل في احتلال تلالٍ وأجزاء من هذه المنطقة.
وهناك مخاوف جدّية من أن تمارس إسرائيل خديعة جديدة وتشنّ هذه الحرب، في ظلّ ما يُسرَّب حاليًا على لسان أكثر من مسؤول إسرائيلي ووسائل إعلام إسرائيلية وغربية من أنّ إسرائيل لن تهاجم لبنان إلّا بعد إنهاء حربها على غزّة. وذلك تمامًا كخديعتها قبل الحرب السابقة، حيث أوحت أنّها لا تستطيع شنّ حرب في وقت واحد على الجبهتين الجنوبية في غزّة والشمالية انطلاقًا من حدود لبنان، ولكنّها فعلتها وانكشفت خديعتها. وهذه المرّة، الخوف كلّ الخوف هو من أن تستغلّ إسرائيل اتفاقها الأمنيّ المتوقّع مع سوريا لمهاجمة حزب الله في منطقة البقاع عبر الأجواء والحدود السورية، حيث تعتقد أنّ الحزب يحتفظ بسلاحه الصاروخي الثقيل والاستراتيجي في تلك المنطقة.
ــ رابعًا، شنّ جولة جديدة من الحرب على إيران بعد القرار بتجديد العقوبات الغربية عليها، وكذلك في ضوء فشل كلّ المحاولات لاستئناف المفاوضات بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية حول الملف النووي الإيراني، والتي توقّفت نتيجة حرب الـ12 يومًا الأميركية ـ الإسرائيلية، التي شُنّت عليها قبل يومين من موعد جولة تفاوض في سلطنة عُمان، كان متفقًا عليها بين الجانبين، وتبيّن أنّها كانت خدعة لتغطية الهجوم الإسرائيلي ثم الأميركي المباغت على المنشآت النووية والعسكرية الاستراتيجية الإيرانية، في إطار خطة كانت معدّة بإحكام لإسقاط النظام.
وقد أعلنت مجموعة "الترويكا" الأوروبية، التي تضمّ بريطانيا وفرنسا وألمانيا، أمس إعادة فرض العقوبات على إيران في مجلس الأمن الدولي بعد عشر سنوات على رفعها، بسبب اتهامات لطهران بانتهاك الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي كان يهدف إلى منع إيران من صنع قنبلة نووية. وهو ما اعتبره البعض ضربة اقتصادية لإيران توازي الضربة العسكرية الأخيرة التي تعرّضت لها. فيما اعتبرته إسرائيل "تطوّرًا مهمًّا"، علمًا أنّ إيران تنفي هذه المزاعم، مؤكّدة أنّها لا تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية.
يبقى أنّ ترامب، هذه الشخصية المثيرة للجدل والمخادعة والمقامرة، التي تختلف كليًّا عن كثير من الرؤساء الذين سبقوه إلى البيت الأبيض، لا يمكن توقّع رسوّها على أيّ قرار أو خيار، بل يمكن توقّع كلّ شيء منها بعقلها "البزنسي" والمتقلّب، طالما أنّ المصالح هي التي تحكم قراراتها لا المبادئ، وهي مستعدّة لتقبّل فناء شعوب كما يحصل للشعب الفلسطيني في قطاع غزّة، الذي يُباد بهدف إقامة "ريفييرا الشرق الأوسط"، ومثلما يُباد الشعب اللبناني في الجنوب تمهيدًا لتنفيذ مشروع "منطقة ترامب الاقتصادية" على حدود لبنان الجنوبية.