عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
مرة أخرى، القضاء اللبناني تحت المجهر، لمعرفة خطوته التالية بعد توقيف الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة على ذمة التحقيق، وما إذا كان سيتم إصدار مذكرة توقيف وجاهيّة في حقه بعد استجوابه من قِبل قاضي التحقيق الأول بلال حلاوي أم سيجري إطلاق سراحه بكفالة مالية وربما "سياسية."
وتفيد المعلومات أن بعض القريبين من سلامة ممن تحوم حولهم شبهات باحتمال تورطهم معه غادروا لبنان خلال الأيام الماضية، خشية من أن تصيبهم شظايا ملفاته واعترافاته.
وإلى حين تبيان المسار الذي ستتخذه هذه القضية، لا بد من الإشارة الى أن مجرد توقيف سلامة كسر "تابو" عمره من عمر تولّي الرجل حاكمية البنك المركزي. والمفارقة أن مفاعيل هذا "التابو" بقيت سارية حتى بعد رحيله عن منصبه، إذ ظل بعيدا من قبضة الاجهزة الأمنية بحجة أنه مجهول الإقامة - المعلومة، على الرغم من الملفات والاتهامات المتعددة التي حاصرته، ليس فقط لبنانيًا وإنما دوليًا أيضا.
وبناءً عليه، لم يكن الكثيرون يتهيأ لهم، حتى في المنام، أن بالإمكان يومًا ما اعتقال سلامة الذي لطالما ارتفعت فوق رأسه مظلة من الحصانات الداخلية والخارجية التي حولته عصيًا على الملاحقة والمحاسبة، الى أن بدأت الثقوب تقضم تلك المظلة تباعًا مع وقوع الانهيار المالي الكبير عام 2019 حيث انهارت مع الليرة الهالة المصطنعة التي احاطت به، وانكشفت كذبة ال"سوبرمان" أو "الرجل الخارق".
وهكذا، تدحرج سلامة من قمة الحاكم الأفضل والأقوى في العالم وفق الجوائز والألقاب التي مُنحت له خلال سنوات "الخدعة الكبرى"، الى قعر السجن الذي دخله كمتَّهم بالفساد وبارتكابات مالية.
وبهذا المعنى، فإن صورته مكبّلاً ومنقولاً الى السجن لن تُمحى بكل دلالاتها ورمزيتها، حتى لو تقرّر الإفراج عنه لاحقًا لهذا السبب أو ذاك، علمًا أن القضاء سيكون أمام امتحان دقيق عندما يبت بمصير سلامة، استمرارًا لتوقيفه أو إطلاقًا لسراحه.
وبمعزل عن طبيعة القرار الذي سيتخذه القضاء، فإن المهم أن يكون مقنِعا لا مقنّعا، بحيث لا يتأثر بأي محاباة أو مداخلات، خصوصًا أن هناك أصلاً أزمة ثقة عميقة في السلطة القضائية التي تبدو أمام فرصة لترميم سمعتها وصدقيتها من خلال إثبات قدرتها على التعامل النزيه مع ملف سلامة، وفق ما تقتضيه قواعد العدالة وليس قواعد اللعبة اللبنانية.
من هنا، فإن السؤال المطروح الآن هو: هل سيخرج القضاء ب"سلامة" من ملف سلامة أم سيزداد تخبطًا وتصدعًا؟