طارق ترشيشي - خاصّ الأفضل نيوز
تأكد لعدد من المرجعيات السياسية والرسمية أن الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان سيزور لبنان قبل نهاية الشهر الجاري، بعد أن يكون سفراء المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية قد أنجزوا جولتهم الاستطلاعية الجديدة على رئيسي مجلس النواب والحكومة نبيه بري ونجيب ميقاتي والكتل النيابية وبعض القيادات السياسية والروحية البارزة، وهذه الجولة كانوا قرروا القيام بها في اجتماعهم السبت الماضي عند السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو في قصر الصنوبر السبت الماضي.
هذه الحركة "الخماسية" الجديدة، الغاية منها ، حسب مصادر مواكبة لها، إمرار مزيد من مرحلة الوقت الضائع التي يعيشها لبنان والتي ساهمت في إطالتها واستطالتها حتى الآن الحرب الإسرائيلية التدميرية التي يتعرض لها قطاع غزة وما تلاها من "حرب إسناد" تخوضها المقاومة من لبنان مؤازرة لحركة "حماس" وإخواتها في القطاع منذ اليوم التالي لعملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول الماضي.
وتؤكد هذه المصادر أن الخماسية باتت مقتنعة بأن الأزمة في لبنان باتت مرتبطة بغزة، بحيث إن الحرب إذا لم تتوقف في القطاع لن يكون في إمكان لبنان أن ينجز استحقاقاته الدستورية، وفي طليعتها انتخاب رئيس للجمهورية، ففي البداية كانت هناك إمكانية للفصل بين لبنان وغزة، وهذه الإمكانية ما تزال موجودة إذا أراد الأفرقاء اللبنانيون والعواصم المهتمة بالأزمة اللبنانية وفي طليعتها عواصم دول المجموعة الخماسية (واشنطن، باريس، الرياض، القاهرة، الدوحة) ولكن إمكانية التنفيذ لم تعد متاحة كما في السابق خصوصا في ظل التهديد الإسرائيلي اليومي بشن حرب واسعة النطاق على لبنان، وبات الأمر متروكا إلى أن يرسو الوضع في غزة والجنوب على بر معين سلما أو حربا لكي يبنى على الشيء مقتضاه.
ولم يعرف ما إذا كانت زيارة السفير السعودي وليد البخاري العائد من الرياض للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الديمان على مدى ساعة، هي باكورة الجولة الجديدة لسفراء الخماسية. ولكن حسب بيان لمكتب إعلام البطريركية المارونية فإن البخاري أكد للراعي "وقوف المملكة العربية السعودية دائما إلى جانب لبنان واهتمامها بمساعدته على تخطي أزماته على الصعد كافة". وقال البيان إنه "جرى خلال اللقاء مناقشة أبرز النقاط التي تناولتها اجتماعات اللجنة الخماسية، وما سوف تساهم به زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان في سبيل الدفع بملف الاستحقاق الرئاسي. كما كان بحث في الأوضاع الراهنة في الجنوب والحرب في غزة".
وفي أي حال فإن سفراء الخماسية يفترض أن تكون جولاتهم على الأفرقاء اللبنانيين قبل مجيء لودريان إلى بيروت لإطلاعه على نتائجهاـ لأنه لن يقوم بجولة مماثلة إذ قد تكون جولته مختصرة وقد تقتصر على المسؤولين الرسميين وفي مقدمهم رئيس مجلس النواب نبيه بري كونه صاحب المبادرة الحوارية المتجددة في شأن انتخاب رئيس الجمهورية، وفي ضوء ذلك يمكن أن يقرر من يمكن أن يلتقيه من رؤساء كتل نيابية أو قيادات سياسية مؤثرة في الاستحقاق الرئاسي.
ولكن ما لم تفصح عنه الخماسية قبل اجتماع قصر الصنوبر الأخير وبعده، هو أن الغاية الفعلية من جولتها الاستطلاعية الجديدة هي التعمية على الخلافات الكبيرة التي تجددت بين أركانها بسبب غزة ما انعكس وسينعكس على الخيارات التي تتعاطى بها مع لبنان، وقمة الخلاف هي تحديدا بين السعودية ومصر من جهة وقطر من جهة ثانية، بل إن الخلاف الأكثر حدة هو بين مصر وقطر. فالمصري الذي لا يؤيد حماس ضمنا يستعجل وقف النار في قطاع غزة يعتبر أن في إمكان قطر التأثير بقوة على "حماس" التي تحصل منها على الدعم المادي لكي تقبل بالطرح الأميركي لوقف النار وإطلاق الأسرى الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين، ولكنها لم تفعل ذلك لكن قطر ترى أن المقترحات المطروحة ليست في مصلحة الفلسطينيين وتمكن إسرائيل من استئناف الحرب لاحقا على حماس وإخواتها، بينما المطلوب حل ثابت ومستدام وهو ما ليس متوافرا بعد في كل المقترحات المطروحة حتى الآن.
وتقول المصادر المواكبة لـحراك "الخماسية" إن من الصعب إعادة وصل ما بات في حكم المقطوع تقريبا بين مصر وقطر على رغم الانفتاح المصري على تركيا التي تربطها علاقات متينة جدا بالدوحة والجميع لا ينسى الماركة التركية بآلاف الجنود ورجال الأمن والاستخبارات في حماية دورة العاب المونديال الأخيرة التي أقيمت في قطر كتعبير عن عمق العلاقة بين البلدين.
وحسب المصادر نفسها، فإن ما دل إلى حدة الخلاف بين قطر من جهة مصر والسعودية من جهة ثانية هو أن ديبلوماسيين قطريين نقلوا تفاصيل هذا الخلاف إلى عدد من الأفرقاء السياسيين في لبنان، إلى درجة أنهم أكدوا لهم أن قطر باتت تميل إلى الخيارات الرئاسية والسياسية للثنائي الشيعي وحلفائه ولم تعد تتمسك بأي من الخيارات التي كانت تطرحها أو تستمزج رأي بعض القوى السياسية اللبنانية بها. بل إن أحد هؤلاء الديبلوماسيين قال لمحدثيه بصريح العبارة إن الدوحة تؤيد انتخاب رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية اللبنانية .