ميشال نصر - خاصّ الأفضل نيوز
بعد ساعات من خطاب أمين عام حزب الله، السيد حسن نصرالله، الذي وجه فيه رسائل كثيرة وكبيرة، أهمها تلك التي خصَّ بها "جماعة" ما بعد بعد إسرائيل، وصولا إلى نيويورك، ردًّا على الرسائل التي تصل إلى حارة حريك عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية، الضاغطة باتجاه "إيقاف جبهة الإسناد"،وجهت إسرئيل ضربة للبنية العسكرية للحزب، مستهدفة اجتماعا لقادة الرضوان، تردد أنه خصص للبحث في مراجعة خطط اقتحام الجليل.
وبعيدا عن آلية التنفيذ والذخائر المستخدمة، فقد كشفت العملية الأخيرة عن خرق جديد، لا يقل بخطورته عما سبقه، إذ إن الغارة استهدفت أحد المقرات المحصنة، والتي هي من "غرف العمليات" التابعة لقوة الرضوان، ما يطرح التساؤلات عما إذا كانت شبكة الأنفاق قد باتت غير آمنة.
أما التساؤل الثاني، فيتمحور حول قدرة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية على التعامل السريع مع المعلومات التي وصلتها صباح أمس، بحسب ما سُرِّب، وأبلغت الأميركيين بها دون تفاصيل، إذ إن الاجتماع جاء تنفيذا لتعليمات الأمين العام، وترجمة لقوله عن الرد الذي ستعده الدائرة الضيقة.
في كل الأحوال فإن الأمين العام لحزب الله لم يخطئ بالأمس عندما تحدث عن الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة، دون أن يسميها، متطرقا إلى عناصرها، والتي هي عادة تعتمد في المواجهة المفتوحة والتي تذهب حتى النهاية، وليس في المعارك المحدودة، وهو ما أكدته عملية الأمس بالانتقال إلى مرحلة جديدة من الحرب وليس المواجهات.
ففي معرض كلامه بالأمس أشار السيد نصرالله صراحة إلى هدفين أساسيين يسعى الإسرائيلي إلى تحقيقهما:
-ضرب بيئة المقاومة، وهو ما حصل بداية هذا الأسبوع من خلال عملية الاستهداف الجماعي للكوادر، والتي لم يظهر سوى رأس جبل جليدها، حيث أصيب جسم الحزب بقدر إصابة بيئته الحاضنة، والأهم هو الضرر الذي لحق بمجتمع المقاومة، وهنا أخطر ما حصل، علما أنه في السابق حاول الإسرائيلي اللعب على هذا الحبل من خلال إغراق هذه البيئة بآفة المخدرات، والتي نجحت المواجهة في الحد من آثارها إلى حد كبير.
-ضرب بنية الحزب، وهو ما بدا واضحا، بداية مع اغتيال فؤاد شكر، وأمس باغتيال إبراهيم عقيل، رفيق درب شكر ومغنية، والمسؤول عن تنسيق عملية "الأربعين" والتخطيط لها، ما يعني أن المخابرات الإسرائيلية تمكنت من تحديد هوية خليفة شكر بسرعة، وتمكنت من الوصول إليه، وهو ما دفعها إلى توجيه ضربتها في توقيت لافت، وهو وقت الذروة في شارع مكتظ، نظرا إلى أهمية الهدف والخوف من فقدان الفرصة.
وهنا يشير أحد ضباط المخابرات الخارجية الفرنسية إلى أن حزب الله بات أمام إسرائيل "كشجرة عيد الميلاد المضاءة"، بعدما كشفت العمليات الأمنية الأخيرة جزءا كبيرا من هيكليته، كان الإسرائيلي قد بدأ في تركيب صورتها منذ انطلاق الحرب السورية، من هنا يأتي ترجيح أن تكون ضربة "البيبرز" والأجهزة اللاسلكية، قد جاءتا في التوقيت الموضوع لهما.
في كل الأحوال يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، أراد أن يطل من على منبر الأمم المتحدة وفي يده ورقة تدغدغ الشارع الأميركي، حيث إن إبراهيم عقيل هو الاسم الأول على لائحة الإرهاب الأميركية، لاتهامه بتفجير مقر السفارة الأميركية، ومقر قيادة المارينز في بيروت عام 1983، فضلا عن دوره الأساسي في العمليات في سوريا.
بناء على ما تقدم، يتضح مشهد إضافي مما قاله السيد نصرالله في ختام كلامه الذي جاء على خلاف العادة منذ بدء حرب "طوفان الاقصى"، إذ ختم بحرفيته : “هنا أمام مستقبل المعركة الكبير أقول: الأيام والليالي والأسابيع والشهور وقد تكون السنوات، هذه معركة كبيرة وطويلة”، وترجمته أن المعركة طويلة ومفتوحة، فيها يوم للمقاومة ويوم عليها، يوم للفرح ويوم للحزن.