طارق ترشيشي - خاصّ الأفضل نيوز
عشية الإنتخابات الأميركية تحاول إدارة الرئيس جو بايدن أن تلعب ورقتها الإقليمية الأخيرة لدعم مرشحتها الديموقراطية نائبة الرئيس الأمركي كامالا هاريس في مواجهة منافسها الجمهوري دونالد ترامب، عبر السعي إلى تحقيق هدفين: الأول فرض هدنة في قطاع غزة بعد اغتيال رئيس حركة "حماس" يحيى السنوار. والثاني تحقيق وقف إطلاق نار وفرض "حل ديبلوماسي" بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 معدلا في المنطقة الحدودية الجنوبية.
يقول مصدر ديبوماسي لموقع "الأفضل نيوز" إن إدارة بايدن تسعى إلى فرض هدنة في غزة بين إسرائيل وحركة "حماس" معتقدة أنها قد تنسحب حتما على الجبهة اللبنانية وذلك قبل موعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في 5 تشرين الثاني المقبل ، أي بعد عشرة أيام من الآن بالتمام والكمال وذلك في محاولة لتحقيق بعض "المكتسبات" التي من شأنها أن تعزز الرصيد الإنتخابي للمرشحة الديموقراطية كامالا هاريس بعد تراجعه بعض الشيء في الآونة الأخيرة بسبب تغيير طرأ على المزاج الانتخابي للجاليات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة الأميركية بسبب موقف بايدن المنحاز لإسرائيل في الحرب التي تشنها على غزة ولبنان حيث أن بعض هذه الجاليات قرر الأحجام عن الاقتراع لهاريس وترامب.
ويقول مصدر سياسي تسنى له الاطلاع على خلفيات جولة وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن الحالية في المنطقة وكذلك خلفية زيارة الموفد الأمير آموس هوكشتاين الأخيرة لبنان، إن الأول مكلف تحقيق هدنة ووقف لإطلاق النار في قطاع غزة تسبق الإنتخابات الأميركية وتؤدي فيما تؤدي إلى إطلاق 26 أسيراً يهوديًّا يحملون الجنسية الأميركية وذلك بموجب صفقة تبادل سريعة يتم ترتيبها بين إسرائيل وحركة حماس مقابل إطلاق مئات من المعتقلين من الفلسطينيين لدى في السجون الإسرائيلية، فمثل هذه الصفقة إذا حصلت فستؤدي في اعتقاد الإدارة الأميريكية إلى اجتذاب مزيد من الأصوات اليهودية الأميركية وكذلك مزيدا من الأصوات العربية والإسلامية التي يمكن أن تتأثر بتوقف النار وتجنيب الفلسطينيين مزيدا من القتل والتدمير.
اما مهمة هوكشتاين فغايتها ، حسب المصدر نفسه، تحقيق وقف إطلاق نار في لبنان في حال حصول مثل هذا الوقف في غزة بحيث يستند هذا الأمر إلى تنفيذ القرار الدولي 1701 في جنوب لبنان معدلا إذا تسنى ذلك لمصلحة إسرائيل من جهة وبغية الدفع في اتجاه انتخابي رئيس جديد للبنان وفرض حل سياسي للأزمة اللبنانية يخدم المصالح الأميركية الراهنة والمستقبلية بالدرجة الأولى بعيدا من تأثير نفوذ حزب الله والمحور الذي ينتمي إليه بعد الضربات القاسية التي تعرض لها والتي كان أبرزها اغتيال أمينه العام السيد حسن نصرالله. بل أن الهدف الأميركي ـ الاسرائيلي هو أن ينفذ القرار 1701 بالشروط الاسرائيلية و بالتالي الدفع في اتجاه إقامة سلطة لبنانية جديدة تكون مستعدة لركوب موجة التطبيع الجديدة المنتظر هبوبها على المنطقة بعد الانتخابات الأميركية سواء فازت هاريس أو ترامب في الوصول إلى البيت الأبيض.
لكن حزب الله وحلفائه، يقول المصدر، يدركون جيدا حقيقة هذا المخطط الأميركي الاسرائيلي ، فالحزب وأن كان يحتاج أو له مصلحة في هدنة قصيرة لاسعادة الأنفاس وتنظيم الصفوف استعدادا لجولة جديدة فإنه لن يكون في وارد القبول بوقف للنار أو بحل يقوم عل وقف النار يخدم المشروع الأميركي ـ الإسرائيلي الهادف إلى انهائه كحركة مقاومة وكفريق سياسي وحلفائه في اعتبار أنه من وجهة نظر الأميركيين والإسرائيليين كان ولا يزال الآن يشكل تهديدا خطيرا لامن إسرائيل لما يمتلكه من قدرات قتالية وتسليحية كبيرة. وكذلك يشكل في نظرهم رأس حربة كل حركات المقاومة ضد إسرائيل في المنطقة وتلقى دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تخطط تل أبيب الآن لتوجيه ضربة عسكرية مدمرة إليها ردا على الهجوم الصاروخ الأخير الإيراني انتقام لاغتيال السيد نصرالله ورئيس حركة "حماس" اسماعيل هنية.
لذلك، يقول المصدر نفسه، أن هذه المحاولة الأميركية إن نجحت في تحقيق هدنة لأيام قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية فإنها لن توفر الحل الشافي والوافي للحرب الاسرائيلية على غزة ولبنان : أولا لأن إسرائيل لم تحقق أهدافها لا في القضاء على حماس في غزة ولا في القضاء على حزب الله في لبنان. وثانيا لأن حزب الله ليس في وارد وقف الحرب قبل دحر العدوان ومنع من تحقيق أهدافه في القضاء عليه واحتلال منطقة الجنوب أو أقله منطقة جنوب الليطاني التي تريدها إسرائيل منطقة عازلة بينها وبين لبنان تحت عنوان " إعادة النازحين الى المستوطنات الشمالية وحماية أمنهم بنحو مستدام بابعاد حزب الله والمقاومة من الحدود الى شمال الليطاني وذلك عبر فرض تنفيذ القرار 1701 معدلاً بما يلبي شروط اسرائيل التي حملها هوكشتاين أخيرا إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورفضها لبنان بشدة لانها تقوض سيادته وتمكن إسرائيل من انتهاكها ساعة تشاء بلا أي مانع او وازع من ضمير دولي تبين بالتجربة أنه يناصر العدوان ولا يدافع عن الشعوب وحقوقها، بدليل سكوت العالم عن الإبادات الجماعية المتلاحقة التي ترتكبها إسرائيل يوميا في قطاع غزة، فضلا عن التدمير اليومي الممنهج للأبنية والممتلكات والبنى التحتية والفوقية وغيرها منذ اكثر من سنة، وكذلك تلك الابادات والتدمير الذي يتعرض له لبنان على الأقل منذ اغتيال السيد نصراالله. علما أن إسرائيل وطوال "حرب الإسناد" لغزة التي بدأها حزب الله غداة عملية "طوفان الأقصى" لم توفر أي بلدة حدودية جنوبية من القتل والتدمير.
ولذا، يقول المصدر نفسه، إن حزب الله ينظر بعين الريبة والشك في النيات الأمريكية المستجدة لوقف النار في غزة وكذلك في لبنان معتبرا أن واشنطن بمقدار ما تسعى وراء مصالحها الانتخابية لمصلحة هاريس بمقدار ما تستمر في تأييد الحرب الإسرائيلية على لبنان وغزة حيث أنها تلتقي وتل ابيب على ضرب حزب الله وحماس تمهيدا لتوجيه الضرب العسكرية المقررة ضد إيران في اعتبارها الراعية والداعمة لكل حركات المقاومة في المنطقة منذ انتصار ثورتها على النظام البهلوي عام 1979. بل أن حزب الله يشتبه في أن واشنطن تريد من وقف النار في لبنان وغزة تحييده وحماس عن الاستمرار في مواجهة اسرائيل لتخلو لها ولواشنطن الساحة لتوجيه ضربات مدمرة لإيران يتوقع يأتي الرد الإيراني عليها قاسياً جدا ومدمرا جدا بما من شأنه أن يؤدي الى نشوب حرب شاملة في المنطقة يعرف الجميع كيف تبدأ ولكنهما لا يعرفون كيف ستنتهي وما سيكون عليه مستقبل الوجود والمصالح الأميركية في المنطقة وكذلك وجود إسرائيل، فهذه الحرب ان نشبت فانها هي التي ستغير وجه الشرق الاوسط، وليست تهديدات نتنياهو ولا الابادات الجماعية اليومية التي يرتكبها بتغطية أميركية في لبنان وغزة .