مارينا عندس - خاص الأفضل نيوز
في الساعات الأخيرة، خلّفت الغارات الجوية الإسرائيلية، دمارًا كبيرًا في جميع أنحاء مدينة بعلبك شرقي لبنان، حيث أصابت معالم تاريخية ومبانٍ حكومية ومناطق مدنية.
وقال رئيس اتحاد بلديات بعلبك شفيق قاسم، إنّ منزلًا مدنيًّا استهدف أيضًا في بلدة دورس القريبة، ما أدّى إلى تدميره بالكامل. وأضاف أنّ أضرارًا جسيمة لحقت أيضًا بالمنطقة المحيطة، بما في ذلك مبنى البلدية والمقابر المسيحية. ما أدّى إلى نزوح قسم كبير من أهالي المنطقة، إلى منطقة القاع.
فكيف نصف المشهد هناك؟ وماذا عن تجهيزات المنطقة لاستقبالهم؟
النازحون في مأزق حقيقي
في حديثه لموقع "الأفضل نيوز"، يقول رئيس بلدية القاع بشير مطر، إنّ الجمعيات الإنسانية يوم كانت تُساعد وتُعيل النازحين السوريين، هي غائبة اليوم وغير مُكترثة لمساعدة النازحين اللبنانيين.
ولمن يعنيه الأمر: حوالي الـ4300 شخص موجودون في القاع، حاولوا الهرب من الحرب ليعيشوا في مناطق آمنة.
وحتّى الآن وسائل التدفئة غير مؤمّنة، والحرامات والفرشات غير كافية لأعدادهم، ولا يزالون حتّى الآن عرضة للبرد وللأمراض. ونحن في الوقت الراهن بحاجة إلى مستلزمات طبيّة وإلى جهوزية المستشفيات لتلبّي حاجات الجرحى وتداويهم.
وها نحنُ اليوم نواجه الإهمال الفاضح أكان من ناحية البرد وعدم وجود وسائل تدفئة أو من ناحية الحرب وما نتج عنها من أزمات أمنية واقتصادية.
وأضاف: الإجراءات لا ترقى لمستوى الأزمة والكارثة، بعد أن تعرّضنا لزلزل فجائي. ومن المفترض أن تكون الدولة قد تحضّرت لهذه الحرب الشرسة، على الأقل لندفع أقل ثمن كشعب لبناني. وها نحن اليوم ندفع ثمن غباء دولتنا للأسف.
أرضنا وملاجئنا ومستشفياتنا غير مجهّزة، ونريد أن نخوض حربًا؟ على الأقل تحضير المازوت والبطانيات. ولا سمح الله، في حال تكرّرت الانفجارات في بعلبك، مستشفياتها ستكون خارج نطاق الخدمة، ولا من مساعدٍ ولا معينٍ، لا من قبل الدفاع المدني ولا الصليب الأحمر ولا بنك الدم ولا أي مؤسسات أخرى. نستلم فقط بعض الحرامات والبطانيات والفرشات من قطر والسعودية. وندفع الثمن مضاعفًا.
لذلك وللأسف، الوضع لا يُبشر بالخير، ومن المفترض أن نطبّق الخطط وليس أن نواجه ردات الفعل.
التصنيع الغذائي في خطر
يؤكد رئيس البلدية مطر، أنّ الأوضاع الصناعية في القاع تعدّ صعبة، بعد تعرّضها للقصف العدواني، سيّما التصنيع الغذائي الذي تضرّر نتيجة عدم تصريف الإنتاج.
ولفت إلى أنّنا لا نرى النور منذ أكثر من 40 يومًا، لأنّنا فقدنا الكهرباء تمامًا، نتيجة الأعطال المُتراكمة. ولا زلنا نناشد ونطالب بحلّ أزمة الكهرباء في أسرع وقتٍ ممكنٍ.
إقفال معبر القاع
ويشير إلى أنّ إقفال معبر القاع يضرب البلد ويشلّه اقتصاديًٌا، فهل سنتمكّن بعد الآن من شراء الدّواء والمستلزمات الطبية وتأمين المعدّات؟
في السابق، كنّا مطمئنّين أنّه في حال أقفلت مستشفيات بيروت أو عجزنا من الوصول إلى العاصمة، سنستعين يومها بمستشفيات سوريا في الحالات الطارئة.
ضف إلى ذلك دخول السّوريين وما نتج عنه من حركة كبيرة جدًا، إلّا أنّ اليوم خفّت وتيرتها. وأيضًا، واجهنا الفرص المهدورة فمنذ أكثر من 5 سنين، كنّا قد أخذنا القرار برفع تصنيف معبر القاع إلى فئة أولى، وكان من المتوجب أن يُستكمل هذا الإجراء بمراسيم تطبيقيّة بزيادة عدد العناصر والكوادر وبناء المباني وتوسّع البنى التّحتيّة ليمرّ من خلال هذا المعبر كل أنواع البضائع، كونه الشريان الأساسي لربط لبنان بسوريا وبتركيا والعراق. وللأسف نحن في دولتنا الكبيرة لا أحد يحسب حساب هذه الأمور.
الدمار الاقتصادي والأمني
يقول مطر إنّنا نعيش حصارًا برّيًا بحكم إجراءات دولتنا، لكنّها بطبيعة الحال كانت أفضل ممّا هي عليه اليوم. وبالمختصر، وضعنا الاقتصادي يعتبر كارثيًا في القاع.
أمّا أمنيًّا، فقد كان المعبر يحمينا من دخول أيّ من الأطراف خلسةً على لبنان. واليوم لم يعد للسوريين مصلحة لدخولهم لبنان. وكنت أتمنى أن ندرك- نحنُ كلبنانيين- فلتان الحدود قبل تطبيق الحصار الإسرائيلي أو الحصار بالنار عبر الطائرات. وأن ندرك أنّ الاقتصاد لا يحمل التهريب ولا دخول وخروج الناس خلسةً من لبنان وإلى سوريا، ولا يحمل تواجدنا ضمن عصابات ومافيات في الأراضي السورية، بدءًا من قضية باسكال سليمان، رحمه الله، وصولًا إلى شيوخ الدّروز والفلسطينيين الذين تعرّضوا إلى عمليّات احتيال.
كل هذه الأمور عشناها نتيجة تفلّت المعبار الحدوديّة.
وفي الحاضر، تضرب إسرائيل المعابر الرسمية وغير الرسمية، بفضل أولئك الذين يُباعون بالمئة والـ200 دولار بعد تهريب البضائع إلى سوريا، وتعرّض الأجهزة الأمنية للخطر من دون أن يرفّ لهم جفن.
ومن هنا نناشد القضاء أن يركّز على هذه القضية وأن يكون المجرم عبرة لمن لا يعتبر، لافتًا إلى تفشّي العصابات الذين يقومون بعمليات سرقة وتهريب ويعرضون الدولة اللبنانية والأجهزة الأمنيّة للخطر.