كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
يُراهن أطراف سياسيّون وأحزاب، على هزيمة "حزب اللَّه" العسكريّة، ونهاية وجوده السّياسي، وهم من سبق لهم، وتعاونوا مع العدوِّ في غزوه للبنان صيف ١٩٨٢، وتمكين رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" بشير الجميل من الوصول إلى رئاسة الجمهوريّة، لعقد اتفاق سلام مع الكيان الصّهيونيِّ، وإنهاء المقاومةِ فيه، والتي كانت ممثّلة في المنظَّمات الفلسطينيّة المُتحالفة مع الحركة الوطنيّة بما سُمِّي "القوّات المشتركة" أثناء الحرب الأهليّة في لبنان.
وبدأ من يُسمُّون أنفسهم "السّياديّون" من أحزاب "القوات اللبنانيّة" والكتائب والأحرار و"نوّاب تغيير" و"دعاة الاستقلال" بإنهاء "الاحتلال الإيراني" وأداته أو أذرعه "حزب اللَّه"، وأن التّحرير آت، من "الاحتلال الإيراني" الذي أسس له النائب السابق فارس سعيد، مجلسًا وطنيًّا ضمه مع النائب السابق أحمد فتفت وآخرين بانتصار العدو الإسرائيليّ على "حزب الله" وتدمير بنيته العسكرية، كما حصل مع فصائل منظّمة التّحرير الفلسطينيّةِ في صيف ١٩٨٢، التي خرجت مع قواتها العسكريّة من لبنان، وهذا ما جرى أيضًا بعد اغتيال رفيق الحريري في ١٤ شباط ٢٠٠٥، بانسحاب القوات السورية من لبنان بعد شهرين.
هذه الرِّهانات من قبل فريق سياسيّ لبنانيّ، بأنَّ لبنان سيخرج من "الاحتلال الإيراني" هو ما يعمل له هؤلاء، الذين حاولوا في أثناء حرب تموز صيف ٢٠٠٦، تنفيذ مطلب اجتثات وجود "حزب الله"، الذي كان سبق لـ "قوى ١٤ آذار" إن تعاونت معه في الانتخابات النيابية في أيار ٢٠٠٥، لتحصل على الأكثريّة النيابيّة وتتحكّم بقرار الحكومة، وتطلب من "حزبِ اللّه" تسليم سلاحه كما ورد في القرار ١٥٥٩ الذي صدر في ٢ أيلول ٢٠٠٤، بطلب أميركي - فرنسي من مجلس الأمن الدّولي.
فالتَّحرير الثّالث، هو ما يراهن عليه فريق سياسي، وهذه المرة من خلال العدوِّ الإسرائيليِّ، الذي لن يتمكّن أن يقوم بغزو لبنان، كما فعل صيف ١٩٨٢، ويغيِّر المعادلة السّياسيّةِ الداخلية، لأن المقاومة تقف بوجهه وتمنعه من الدخول إلى الجنوب، وهي تتصدَّى له عند الحافة الحدوديّة مع فلسطين المحتلّةِ، ففشل جيش الاحتلال من التقدُّم في أكثر من محور، وعندما كان يتوغّل، كانت له المقاومة بالمرصاد، فأخرجته من الخيام في القطاع الشرقي ومن يارون في القطاع الأوسط ومن الضهيرة في القطاع الغربي، وهذا الجيش وبعد ٣٥ يومًا من المواجهة بينه وبين "حزبِ اللّه" تكبد خسائر فادحة بالأرواح والمعدات ولن يحقّق هدفه في إبعاد "حزبِ اللّه" شمال الليطاني، ولا إعادة سكان المستوطنات إلى شمال فلسطين المحتلّة.
فالفشل العسكريّ الإسرائيليّ، يراه المنتظرون للسِّيادةِ على أنه هزيمة لـ "حزبِ اللّه" الذي عليه أن يستسلم ويسلّم سلاحه، ويرفع يده عن قرار الدولة، إذ بدأت قوى ومجموعات من السَّاحة الشّيعية، تعمل على البديل عن "حزبِ اللّه" أولاً، ثمَّ عن حركة "أمل" ثانيًا، فينتهي معهما "الثّنائي الشّيعي" الذي يمسك بالقرار الشّيعي منذ ثمانينات القرن الماضي، فبدأ مع حركة "أمل" التي كانت فاعلة في المقاومةِ المسلحةَ والمدنية، وأسقطت اتفاق ١٧ أيار للسّلام مع العدوِّ الإسرائيليِّ مع قوى وطنيّة ودعم سوريا لها، فتمَّت محاصرة حكم أمين الجميل الكتائبي.
فالمُراهنون على انتهاء المقاومةِ وإزالة "حزبِ اللّه" عسكريًّا وسياسيًّا، وإضعاف حركة "أمل"، لم يقرأوا التاريخ والقريب جدًّا، وتحديدًا من الثمانينات، فتمَّ إسقاط الحكم التّابع للعدوِّ الإسرائيليِّ، ثمَّ في مرحلة ما بعد الانسحاب السوري ٢٠٠٥، استعادت المقاومة حضورها في حرب ٢٠٠٦، وفي محاولة نزع سلاح الاتصالات منها في أحداث ٧ أيار ٢٠٠٨، وفي الحالتين فشل المشروع الأميركي - الإسرائيليّ، وقوى مشروع المقاومة، الذي ينهض في ساحاته، لا سيما في لبنان وفلسطين، والذي منع العدوَّ الإسرائيليَّ من تحقيق أهدافه بتصفية المقاومة وإقامة مشروعه للشَّرق الأوسط الجديد وفيه "إسرائيل الكبرى".