الياس المر - خاص الأفضل نيوز
ليس غريب عن مجتمعنا الإجرام الإسرائيليّ المتمادي عبر العقود والمتنقل بين الأشلاء في فلسطين ولبنان والمنطقة، وهو واضح وجلي ولا يحتاج إلى الدليل البرهان،
ليس غريبًا عنا، ولا يصدمنا تفوق القوة الجوية التدميرية والتكنولوجية للكيان، المدعومة بلا قيد أو شرط من أكبر الدول في العالم، وأكثرها تفوقاً وتقدماً على مستوى التمويل والتسليح والتجهيز، وآخرها الجانب التكنولوجي النوعي الذي شكل فارقًا كبيرًا في المعركة منذ عام ٢٠٠٦ إلى اليوم.
أما الغريب حقاً فهو أمران نقيضان: الأول صمود المقاومة الميدانية بعد أكثر من عام كامل، للضربات الإسرائيلية والتدمير الممنهج للقرى الحدودية على طول الحافة الأمامية بالقطاعات الثلاث، الشرقي، الغربي والأوسط، أقول أنها أمر غريب في ظل كل هذا الإجرام والدمار والتفوق العسكري والتكنولوجي، لأنها فعلًا ملحمة ميدانية سيدرس حتمًا في كبريات الكليات والمعاهد العسكرية.
الغريب أيضاً في هذا السياق، منع إسرائيل من التقدم وإن فعلت فبكلفةٍ باهظة، لم يعد الداخل الإسرائيليّ يحتملها، وهو المنقسم المنهزم النازح، رهين معاقبة حكومته وحكامه لما وصلوا إليه، وتعلقهم بهم وبفكرة الحرب ودعمهم لها ظناً منهم أنها السبيل الوحيد لاستعادة الأمن والأمان، والرفاه الموعود واستعادة أبنائهم من الأسر فأصبحت إسرائيل أسيرة جبهات وحروب لا تنتهي ولا تجدي نفعًا وأصبحت الجبهة الداخلية معها، أسيرة صافرات الإنذارِ وأسراب المسيرات من كل حدبٍ وصوب، هل هذه هي إسرائيل التي نزح إليها اليهود من أصقاع العالم للسكن والاستقرار بها؟
الغريب الآخر، هو ذاك الغباء لبعض الفرقاء في الداخل الذين يتعاملون بلا بدل ويراهنون بلا أفق، هم يقدمون الخدمات المجانية للعدو في ظل الحرب الطاحنة وهذه جريمة يعاقب عليها القانون في المادة ١٣٩ من قانون العقوبات، وهم لا يعلمون أن أي صرف داخلي بعضلات خارجية لن يتم.
من قال أن النقاش مرفوض، وأن الاختلاف في وجهات النظر حرام، أمّا التوقيت فلا يغتفر، ومن يراهن على إسناد داخلي للعدوان الخارجي العسكري والسياسي وهو واهم وغبي، وأكثر من ذلك، فهم لا يعلمون ماذا يدور في الأروقة، وما هي الأفكار المطروحة والبدائل الموضوعة على الطاولة، ولا يعلمون أن لا دور لهم في التسوية المقبلة، هم أدوات، والأدوات تستعمل لتنفيذ المهة وتعود إلى الرف أو المستودع، وقد يكون فوق أو تحت الأرض، ألم يحصل ذلك بعد الحرب الأهلية؟
القادم من الأيام حتى العاشر من كانون الأول ميدانياً سيحمل في طياته معالم الاتفاق المقبل من وقف النار إلى شكل الحكم لسنوات مقبلة، والتفاوض بالنقاط ومركز النقاط في الميدان وهذا ما يفسر التصعيد من كلا الجانبين اللبناني والإسرائيلي.
المقاومة تعمل على خطين متوازيين، الميدان الحدودي، والضربات إلى العمق، في الميدان أثبتت التفوق وحققت الآمال، في الضربات الصاروخية ولا زال المطلوب أكثر ليرتفع مستوى الإيلام فيستعجل الحل ويحسن شروط التفاوض.
المرحلة المقبلة محكومة بلاءات ثلاث:
- لا حديث بغير ال ١٧٠١ بالنموذج اللبناني وليس الإسرائيليّ ولا تفاوض تحت النار
- لا غنى ولا إقصاء لدور الطائفة الشيعية أو أي طائفة أخرى، في هذه التركيبة، في المستقبل السياسي اللبناني، ولا حديث بالسلاح بمعزل عن استراتيجية دفاعية تصون السيادة وتؤمن التوازن
- لا دور لأدوات الإسناد الداخلي في المستقبل السياسي الجديد فما كان مقبولاً من حزب الله قبل الحرب، في زمن "خذوا كل شيء" واحفظوا السلاح لم يعد مقبولاً اليوم.