د. علي دربج - خاصّ الأفضل نيوز
لم يكن ينقص فريق إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، سوى ليندا مكماهون الآتية من عالم المصارعة، والتي تم اختيارها لوزارة التعليم، لتكتمل حفلة الجنون التي بدأها ترامب منذ بداية تشكيل حكومته، وتوّجها بترشيح مات غيتس لوزارة العدل، وبيت هيغسيث للدفاع، وكلاهما مرتبطان بفضائح جنسية.
المضحك المبكي، أنه بالرغم من أهمية الحقائب الوزارية المتربطة بشكل مباشر بشؤون البلاد والعباد في بلاد العم سام، إضافة إلى دورها في مصير العديد من الأمم والشعوب، غير الأشخاص الذين أسندت إليهم، هم أبعد ما يكون عن المسؤولية. بل المفارقة أن تاريخهم حافل بالفضائح، خصوصًا ليندا مكماهون وعائلتها، الآتية من عالم المصارعة، حتى أن حياتها العائلية تشوبها الكثير من الغرائب والعجائب التي يعجز العقل عن استيعابها.
مكماهون من المصارعة إلى السياسة
شغلت ليندا مكماهون الرئيسة التنفيذية لشركة "وورلد ريسلينغ إنترتينمنت" (WWE) من عام 1997 إلى عام 2009، ورئيسًا من عام 1993 حتى عام 2000، بينما ترأس زوجها فينس مجلس الإدارة، وفقًا لسجلات الشركة. كانت الأخيرة تظهر دائمًا كأنها في طريقها إلى اجتماع غرفة التجارة: شعرها مصفف بعناية، ترتدي مجوهرات بارزة وبدلات رسمية محتشمة.
أما حياتها فلم تقل صخبًا عن "بزنس" المصارعة الذي امتهنته. ففي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، انضمت إلى العرض التلفزيوني الأسبوعي المباشر Raw، الذي كانت تنظمه شركة WWE في راسلمينيا، حيث أخبرت خلاله الجمهور روايات جامحة عن عائلتها. كما تبادلت الفضائح المكتوبة مع ابنتها البالغة. وفي إحدى الحلقات الحية بشكل خاص، تظاهرت بأنها تحت تأثير المخدرات وفي كرسي متحرك، بينما كان زوجها، المؤسس المشارك لـ WWE، فينس مكماهون، يقوم بعلاقة علنية، لتنتهي القصة بركلها له، في المنطقة الحساسة، وسط هتافات عشرات الآلاف من الجماهير.
قبل 15 عامًا، استقالت ليندا مكماهون من شركة WWE، تاركة وراءها ذلك العرض المتلفز بينما كانت تصقل صورتها العامة كوسيط سياسي قوي. فتبرعت بعشرات الملايين من الدولارات للجمهوريين، وترشحت لمجلس الشيوخ الأمريكي، وقادت إدارة الأعمال الصغيرة خلال الولاية الأولى للرئيس المنتخب دونالد ترامب.
بعد اختيار ترامب لها لتتولى وزارة التعليم ــ بعدما كانت عملت مستشارة رئيسية في فريقه ــ تواجه ليندا دعاوى قضائية فتح ملفها من جديد بعد ترشيحها الوزاري، حول إساءة معاملة العاملين في شركة WWE للمصارعة.
وتعقيبًا على ذلك قال ديف ميلتزر، خبير المصارعة المحترف "إن ليندا هي مديرة تنفيذية تتحدث بطلاقة، ودودة، ذكية، وأنيقة الملابس، لكنها ساعدت في إدارة عمل يغذيه هرمون التستوستيرون (ويُعدّ مسؤولًا عن تطور الخصائص الذكورية في جسم الإنسان) والذي كان يُنظر إليه على أنه سيء لفترة طويلة، وقد يكون هذا مشكلة بالنسبة لها". وأضاف "يبدو أن كل شيء يسير على ما يرام في السياسة هذه الأيام".
فضائح عائلة مكماهون
في الحقيقة، إن عائلة مكماهون منغمسة من رأسها إلى أخمص قدميها بالفضائح. فزوجها فينس مكماهون، يواجه تحقيقًا فدراليًا مستمرًا من قبل المنطقة الجنوبية لنيويورك بشأن اتهامات بأنه استغل منصبه كرئيس لـ WWE لارتكاب وإخفاء اعتداءات جنسية واتجار بالبشر، (وفقًا لشخص مطلع على القضية تحدث لصحيفة الواشنطن بوست، بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة تحقيق يتعلق بإنفاذ القانون).
وعليه، تُظهر ملفات لجنة الأوراق المالية والبورصات الصادرة عن الشركة الأم لـ WWE، TKO Group Holdings، أن مكماهون وافق على دفع مبلغ 14.6 مليون دولار فيما يتعلق بـ "ادعاءات سوء السلوك" — وهو مبلغ أفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأنه وُعِد به لنساء اتهمنه بسوء السلوك الجنسي بين عامي 2006 و2022. كما تم رفع دعوى قضائية ضد مكماهون من قبل موظفة سابقة في WWE، وتدعى جانيل غرانت، وهي تتهمه بالاعتداء الجنسي والاتجار بها لرجال آخرين. الجدير بالذكر أن ليندا ليست متورطة في القضية.
ومع ذلك، تواجه ليندا وزوجها فينس مكماهون دعوى مدنية منفصلة قُدمت في أكتوبر الفائت، من قبل خمسة مدعين مجهولين كانوا يعملون قبل عقود كـ "أولاد الحلبة"، وهم مراهقون كانوا يساعدون في تجهيز فعاليات WWE. وتبعا لذلك، يزعم المدعون، أن عائلة مكماهون كانت على علم بتعرضهم للاعتداء الجنسي من قبل موظفين كبار آخرين في WWE، لكنها لم تفعل ما يكفي لحمايتهم. ووفقًا لمحامية ليندا، لورا بريفيتي، فإن الزوجين منفصلان حاليًا، ووصفت دعوى "أولاد الحلبة" بأنها "لا أساس لها".
علاوة على ذلك، تتعارض ثروة عائلة ليندا مكماهون الهائلة أيضًا مع واجباتها العامة كرئيسة مشاركة في الفترة الانتقالية وفي حكومة ترامب.
فعلى سبيل المثال، تعقد مجموعة TKO Group Holdings فعاليات في المملكة العربية السعودية وأبوظبي بالإمارات العربية المتحدة. وبحسب تقريرها السنوي، يجب أن تمتثل "لللوائح الحكومية الأمريكية والأجنبية الشاملة". وبينما تبلغ حصة فينس مكماهون حوالي 950 مليون دولار، تمتلك ليندا مكماهون أسهامًا بقيمة 67 مليون دولار.
إلى جانب ذلك، تتولى ليندا مكماهون 76 عامًا ـــ التي قادت معهد السياسة الأمريكية أولًا، وهو منظمة غير ربحية محافظة وساعدت في تمهيد الطريق لولاية ثانية لترامب ـــ منصب مديرة في مجلس إدارة مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا، الشركة الأم لمنصة ترامب للتواصل الاجتماعي، Truth Social ، ولذلك، قالت محاميتها لورا بريفيتي، إن "ليندا ستضع مصالحها المالية في ثقة عمياء وستستقيل من جميع المناصب الخارجية وعضوية مجلس الإدارة إذا خدمت في الإدارة المقبلة".
ليندا مكماهون وتنفيذ خطط ترامب لتهجير الإدارة
بصفتها رئيسة مشاركة لفريق الانتقال، تساعد مكماهون في فحص حوالي 4,000 من المعينين السياسيين، الذين، بموجب خطة الرئيس المنتخب لتقليص الخدمة المدنية، سيقودون قوة عاملة معاد هيكلتها بشكل جذري تضم أكثر من 2 مليون شخص، الكثير منهم قد يتم فصلهم حسب الإرادة. اشارة الى أن ترامب، وفريقه الانتقالي، كانوا تخلوا عن العديد من البروتوكولات التي عادة ما توجه عملية انتقال السلطة، مثل عدم توقيع تعهدات الأخلاقيات، فضلا عن التوقف عن التواصل مع الوكالات الفيدرالية، أو السماح لمكتب التحقيقات الفيدرالي بفحص المعينين.
وتعليقًا على ذلك قال المتحدث باسم فريق الانتقال: "ليندا أجابت النداء، وتعمل بلا كلل لدعم الرئيس ترامب بينما ينفذ الأجندة التي أيدها أغلبية ساحقة من الأمريكيين". وأضاف: "قيادة ليندا وجهودها الصادقة ستضمن أن تبدأ انتصارات الرئيس ترامب لأمتنا من اليوم الأول".
في المحصّلة:
إذا ما علمنا أن ترامب كان قد حلق رأس فينس مكماهون على شاشة التلفزيون الوطني في عام 2007 بعد فوزه في "معركة المليارديرات"، ثم دخل إلى قاعة مشاهير شركة WWE للمصارعة في عام 2013، نعلم حينها أن هذه الإدارة لن تجلب سوى الكوارث والويلات لأمريكا أولًا، وللعالم ثانيًا.