د. علي دربج- خاصّ الأفضل نيوز
مع إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن هوية طاقمه الدبلوماسي الذي سيدير السياسات الخارجية لواشنطن، والذي يضم أسماء وشخصيات متطرفة ذات خلفية دينية وتوراتية تدين بالولاء المطلق لإسرائيل وترفض أي اعتراف بالوجود الفلسطيني في الأصل، يحبس العالم وسكان منطقة الشرق الأوسط، وتحديدًا فلسطين ولبنان، أنفاسهم بسبب الأجندات والمشاريع الجهنمية التي سينفذها هؤلاء ـــ وستنتج حتمًا المزيد من الحروب والأزمات ـــ وفي مقدمتهم مايك هاكابي الذي اختاره الرئيس المنتخب ليكون سفيرًا له في الدولة اليهودية، ضمن أحدث تعييناته الداعمة لإسرائيل.
هاكابي وتأييده المطلق لضم الضفة الغربية
في الواقع، صحيح أن هاكابي ــ الذي شغل منصب حاكم ولاية أركنساس من 1996 إلى 2007 ــ ليس يهوديًا، على عكس معظم سفراء الولايات المتحدة لدى إسرائيل من الإدارات الأمريكية الأخيرة، لكنه معروف بدعمه القوي لإسرائيل وبدفاعه الشرس عن الاحتلال والاستيطان، الذي وصل إلى حدّ إنكاره أي حق للشعب الفلسطيني بأراضي الضفة الغربية، معتبرًا أن إسرائيل تملكها بالفعل.
وتبعًا لذلك، وفي أول مقابلة له بعد صدور قرار انتدابه إلى تل أبيب لتمثيل واشنطن، صرح القس المعمداني الجنوبي مايك هاكابي لراديو الجيش الإسرائيلي بأن ضم الضفة الغربية هو "بالطبع" احتمال وارد.
وقال هاكابي إنه لن يكون الشخص الذي "يضع السياسة"، وسيعمل فقط على "تنفيذ سياسة الرئيس"، مؤكدًا أن ترامب "أظهر بالفعل في ولايته الأولى أنه لم يكن هناك رئيس أمريكي على الإطلاق كان أكثر فائدة في تأمين فهم لسيادة إسرائيل"، في إشارة إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بمرتفعات الجولان كأرض إسرائيلية.
وفي رده على خبر تعيينه، قال هاكابي: "على المستوى الشخصي، هذه فرصة استثنائية لأتمكن من تمثيل بلدي في الأرض التي أحببتها منذ زيارتي الأولى هناك في يوليو من عام 1973". وأضاف: "لا أستطيع أن أخبركم كم هي فرحة أن أتمكن من الخدمة بهذه الصفة، وآمل أن تكون الثقة التي وضعها بي الرئيس قائمة على أسس سليمة".
كيف يرى هاكابي إسرائيل؟
غداة إصداره قرار تعيين هاكابي سفيرًا لواشنطن في إسرائيل، قال ترامب إن "هاكابي يحب إسرائيل وشعب إسرائيل، وكذلك شعب إسرائيل يحبه. وسيعمل مايك بلا كلل لتحقيق السلام في الشرق الأوسط".
من هنا، وبعيدًا عن شهادة ترامب بسفيره، فإن ولاء هاكابي لإسرائيل وأفعالها الإرهابية يتفوق على الصهاينة أنفسهم. فخلال زيارته إلى إسرائيل بعد وقت قصير من انتخاب ترامب للمرة الأولى، أشار هاكابي ضمنيًا إلى أنه يعتبر الضفة الغربية ملكًا شرعيًا لإسرائيل وليس للفلسطينيين.
أكثر من ذلك، واستنادًا إلى شبكة سي إن إن، قال هاكابي أثناء حملة انتخابية لمنصب رئيس الولايات المتحدة عام 2008: "في الأساس، لا يوجد حقًا شيء – أحتاج إلى توخي الحذر في قول هذا لأن الناس سوف ينزعجون حقًا – اسمه فلسطيني". وأضاف " لديك العرب والفرس وهناك تعقيد كبير في ذلك. ولكن لا يوجد شيء من هذا القبيل حقًا. لقد كانت هذه أداة سياسية لمحاولة إبعاد الأراضي عن إسرائيل".
أما الطامة الكبرى، فإن هاكابي ذهب إلى أبعد من معظم السياسيين الأمريكيين بموقفه من الضفة الغربية، حيث قال: "هناك كلمات معينة أرفض استخدامها. لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية. إنها يهودا والسامرة. لا يوجد شيء اسمه مستوطنة، إنها مجتمعات، إنها أحياء، إنها مدن".
وفيما يتعلق بالحرب في غزة، دعا هاكابي في السابق إلى اتخاذ موقف متشدد ضد حماس، وقال في يونيو/حزيران الماضي، إن الحركة "غير قادرة على إجراء مفاوضات مشرّفة".
هاكابي وارتباطه العاطفية بإسرائيل
منذ أن شغل منصب حاكم الولاية لأكثر من عقد من الزمن، حافظ هاكابي على مكانة بارزة في السياسة الأمريكية، حيث سعى سابقًا للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري لمنصب الرئيس في عامي 2008 و2016.
كانت رحلته الأولى إلى الدولة اليهودية بعد المدرسة الثانوية قبل حرب تشرين عام 1973. علاوة على ذلك، يُعدّ هاكابي زائرًا منتظمًا طوال حياته، حيث قاد عشرات الجولات إلى الدولة اليهودية، ورافق عشرات الآلاف من الأمريكيين في جولاتهم داخل الكيان الغاصب. ومن المقرر أن يترأس رحلة أخرى في فبراير/شباط ومارس/آذار المقبلين.
ليس هذا فحسب، وفي أعقاب 7 تشرين الأول/أكتوبر، جال هاكابي برفقة العديد من القادة الإنجيليين على المستوطنات الصهيونية الجنوبية المتاخمة للحدود مع قطاع غزة.
وكان سبق ذلك قيام هاكابي في أغسطس/آب 2018 بوضع حجر أساس احتفالًا ببناء مستوطنة إفرات الإسرائيلية في الضفة الغربية، لافتًا إلى أنه قد يشتري يومًا ما منزلًا لقضاء العطلات هناك.
موقف الجماعات الصهيونية من تعيين هاكابي
في الواقع، تفاوتت ردود أفعال العديد من الكيانات والوكالات الصهيونية في الولايات المتحدة على قرار تعيين هاكابي سفيرًا في الكيان. ففي حين اعتبر كل من الرئيس الوطني للائتلاف اليهودي الجمهوري (RJC)، نورم كولمان، والمدير التنفيذي مات بروكس، أنه "بينما تواصل الدولة اليهودية خوض حرب وجودية من أجل البقاء ضد إيران ووكلائها الإرهابيين، فإن الحاكم هاكابي سيمثل التزام أمريكا الصارم بأمن إسرائيل بامتياز".
بالمقابل، أعربت مجموعة جي ستريت، وهي جماعة صهيونية ليبرالية غير ربحية، عن معارضتها لتعيين هاكابي، قائلة إنه ليس في مصلحة اليهود الأمريكيين. وقال جيريمي بن عامي، رئيس المجموعة: "هذا الإعلان هو دليل آخر على أن عبارة "مؤيد لإسرائيل" بالنسبة لترامب منفصلة تمامًا عن أي اهتمام بالقيم اليهودية أو السلامة أو تقرير المصير".
في المحصلة:
إذا نظرنا إلى مسارعة رئيس الحكومة الإسرائيلية الفاشي بنيامين نتنياهو لتهنئة ترامب، ووصف فوزه بـ"العودة التاريخية"، ومن ثم فرحة وزرائه النازيين في حكومته بالرئيس المنتخب، وأبرزهم وزير المالية الإسرائيلي والمدافع عن الاستيطان بتسلئيل سموتريش، وتأكيده بأن عام 2025 سيكون عام السيادة في يهودا والسامرة (في إشارة إلى الضفة الغربية باسمها التوراتي)، ندرك حينها أن ترامب سيستكمل ما بدأه الرئيس جو بايدن ـــ بعد تدمير الأخير لغزة والقضاء على قسم كبير من سكانها ـــ من خلال السير بمشروع إنهاء القضية الفلسطينية، والأهم أن لبنان لن يكون بمنأى عن هذه الأخطار. فهل من يعتبر في بيروت ورام الله؟

alafdal-news
