نبيه البرجي - خاصّ الأفضل نيوز
أن يقول لي مراسل أوروبي "وأنا أتابع الغارات على مناطق مختلفة من لبنان، أشعر كما لو أنهم يلقون بالقنبلة النووية على الجنة".
ما كتب عن "ليلة الصبي الصغير" في هيروشيما لا يرقى إلى ما يفترض أن يكتب عن "ليالي الموت في لبنان".
أي سلام يدعو إليه الأميركيون مع ذلك النوع من البرابرة؟
أثناء انعقاد جلسة المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر (تموز 1983)، فوجئت بالكاتب الإسرائيليّ البارز آمون كابليوك، وقد تعرفت عليه عبر مقالاته في شهرية "لوموند ديبلوماتيك" الفرنسية. سألته "كيف أنت هنا؟".
أجاب "لا تنس أنني فرنسي أيضاً". وكانت جلسة مستفيضة مع مثقف استثنائي كتب أكثر من مرة في الصحيفة أن الحروب مع العرب تعني أنه "لن يكون لنا هنا مكان في المستقبل. وهنا الهولوكوست الآخر"!
قال لإسحق رابين، وكان آنذاك رئيساً للأركان، وهو من قاد عملية احتلال مرتفعات الجولان، "كان يفترض، لبقاء إسرائيل، أن نغزو قلوب العرب لا أن نغزو أراضي العرب".
الآن، أمام تلك المشاهد الأبوكاليبتية، كم حطم الإسرائيليون قلوب اللبنانيين وقلوب الفلسطينيين؟
تعليقات في الصحف الإسرائيليّة ترثي لواء "غولاني" الذي هو بمثابة "درة التاج" في الجيش الإسرائيليّ.
المعلق الإسرائيليّ حاييم هرتسوغ قال، بعد معاينة إحدى المناورات، "بالعين المجردة، رأيت اليوم جنود الرب"، مستوحياً الوصف التوراتي ليهوه بـ"رب الجنود".
منذ البداية، قال الجنرال إسحق بريك لبنيامين نتنياهو "احذر هؤلاء اللبنانيين الذين اختبرناهم أكثر من مرة، والذين لن تتمكن، مهما فعلت، من كسرهم". قراره "كسرنا". ولكن ماذا حين يتحدث العسكريون عن التخلخل الكارثي الذي حدث في لواء غولاني.
أين هم "جنود الرب" إن لم نسأل "أين هو رب الجنود"؟
نتوقف عن تعليقات إسرائيلية تتعامل، ولو بالحد الأدنى من العقلانية، مع ما يجري على الأرض. أي انتصار عسكري يتحدث عنه بنيامين نتنياهو وصحبه حين يكون دور القاذفات، والبوارج، تدمير الأبنية على قاطنيها أو حين يلاحق أشخاص قد لا تكون لهم أي صلة بمسار الأحداث في الميدان.
أسئلة أيضاً من قبيل "هل إسرائيل هي التي تحارب ما دامت الطائرات أميركية، والقنابل أميركية، وحتى الإحداثيات أميركية"؟
ذات يوم، تحدثت النجمة الهوليوودية جين فوندا عن "ديبلوماسية الغثيان" التي تمارسها الإدارات الأميركية. هنا في لبنان، من زود الإسرائيليين بكل وسائل القتل هو، ولا أحد سواه، من يفتح الباب الديبلوماسي، لتعلق السناتور اليزابت وارن "هنا قرون الشيطان لا أجنحة الملائكة".
سواء كان آموس هوكشتين، قائد الدبابة السابق في إسرائيل، أم ديفيد شينكر الذي كان يأتينا بتكشيرة يهوذا، ويغادرنا بتكشيرة يهوذا، لمصلحة من يتحرك المبعوثون الأميركيون؟
عندهم هذا السؤال "أي إسرائيل بعد الحرب؟"
زملاء فرنسيون يقولون لنا "عليكم أن تأخذوا بالاعتبار أن ثمة هولاكو، من نوع آخر، سيظهر قريباً في البيت الأبيض".
بعد الضربات العسكرية لجو بايدن، الضربات الديبلوماسية لدونالد ترامب. لكن هل يعرف الرجل أن الأسطورة الإسرائيلية سقطت تحت أقدام المقاومين في لبنان، وتحت أقدام المقاومين في غزة. وقد ظهرت للملأ نقاط الضعف البنيوية أن في الشخصية الإسرائيلية، أو في الأداء الإسرائيليّ، وحيث الشبق المغولي لصناعة الجثث.
ولكن هناك أصواتاً بدأت تعلو في الساحة الإسرائيلية أو في الساحة الأميركية.
إلى أين يمكن أن تذهب لوثة الدم بالدولة العبرية؟ على مواقع التواصل "ارتفاع أسعار الأزهار التي نضعها على قبور أبنائنا" !!
لا نتصور وجود أي شخصية محورية في الإدارة المرتقبة لدونالد ترامب إلا وتنبعث النيران من أذنيها. من الولايات المتحدة، يقول الديبلوماسي المخضرم آرون ميلر "قد تكون إسرائيل بحاجة إلى من يضيئ أمامها الطريق لا إلى من يقودها إلى الظلام".
استطراداً، أي لبنان بعد الحرب؟
يفترض أن نعرف أننا على فوهة البركان. ثمة من يلعب، بأصابع السلحفاة، في الزوايا.
ذات يوم قال لنا الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل "هذه الجنة بحاجة إلى ملائكة لإدارتها". هل من ملائكة في لبنان؟
قطعاً لم تخطر في بالنا جمهورية أفلاطون التي لا مكان لها إلا في رأس الفيلسوف الإغريقي. لكننا لا نريد في أي حال... جمهورية علي بابا.