مارينا عندس - خاص الأفضل نيوز
في الماضي القريب، تمّ وقف إطلاق النّار ما بين العدو الإسرائيلي ولبنان وعاد الهدوء إلى المنطقة، لتكون الصدفة سيّدة الموقف. فمع بدء شهر عيد الميلاد المجيد ورأس السنة، دخل لبنان مرحلة السّلم وبدأ يتحضّر للأعياد. فكيف نصف المشهد من داخل أزقّة البترون؟
أسواق البترون تستعيد نشاطها
لا يعرف لبنان "سويسرا الشرق"- البلد المُستعدّ دائمًا للاحتفالات والسهرات- معنى الاستسلام لو مهما مرّت عليه الظروف القاسية من فقرٍ وجوعٍ وبطالةٍ وحروباتٍ. بل، على العكس، هو دائمًا يبحث عن الفرح والإيجابية للنهوض.
"سويسرا الشرق" هكذا لُقّب لبنان في عصرٍ مضى... بلدٌ مضيءٌ لا يؤمن إلّا بالحياة، وكيف يعيش هذه الحياة بأبسط تفاصيلها، هكذا عرف لبنان في عصره المضيء يومذاك.
والوضع مماثلٌ اليوم مع اقتراب زمن الأعياد في البترون التي تستقبل الأعياد المجيدة بأبهى حللها. فكيف نصف المشهد؟
لا يختلف اثنان على أنّ البترون هي الأولى من حيث الزينة الرائعة في عيد الميلاد، لذلك لُقّبت بـ"عاصمة الميلاد" 3 مرّات على التوالي، بعد تنافسها مع باقي المناطق اللبنانية. ومع اقتراب الأعياد، تتحوّل دائمًا إلى لوحةٍ مزخرفةٍ بألوان العيد التي تطغى على ساحاتها الرئيسية وأحيائها وأزقتها. وتُجدّد نفسها في كل عامٍ في مثل هذه الأيام لتكون الأفضل.
البهجة على وجوه اللبنانيين والبترون السبب
في جولةٍ قام بها موقع "الأفضل نيوز" في شوارع البترون الضيقة، بسياراتها الصغيرة التي تسير على الكهرباء، يستقبلك سائقها بأحلى استقبال ويدلّك على المعالم الأثرية وتاريخها. عن يمينك تسمع الموسيقى الميلادية وعن يسارك الناس "الدّبيكة". وعند وصولك لساحة البترون، منهم من يتصوّر مع بابا نويل ومنهم من يتصّور مع الدباديب الكبيرة وشخصيات معروفة من الرسوم المتحرّكة.
أصوات الكنائس والقداديس تعمّ المكان، وأفضل ما في الموضوع أنّ جميع الطوائف تحتفل مع بعضها البعض، وتعيش هذا الزمن بحبٍّ وسلامٍ في زمنٍ صعبٍ عاشه اللبنانيون منذ حوالي الخمس سنوات.
كما أنّه يتم تنظيم نشاطات مجانية مختلفة ترضي الكبار والصغار بعد تنظيمٍ تم تحضيره بالتعاون مع البلدية ولجنة مهرجانات البترون على مدى أيامٍ.
أمّا الزحمة التي تشهدها المنطقة، تتطلب تحديدًا في هذا الموسم من زوارها أن يمارسوا هواية السير على الأقدام سيّما في شوارعها الضّيقة. وكل شارع من شوارع البترون يستوقفك لأخذ صورةٍ تذكاريةٍ مميزةٍ فيه.
السوق العتيق يساهم في العجلة الاقتصادية
عُرفت البترون بأجمل مدينة سياحية في لبنان لسنواتٍ طويلةٍ، فما بالكم في فترة الأعياد؟ فترة التأمل والعطاء والهدايا والاحتفالات.
على امتداد الساحة، تتوزع بسطات الخشب بينها ما يعرض أعمالًا حرفيةً ولوحات فنية ومونة لبنانية على أنواعها، بما فيها المربيات والكشك والدبس والعسل. بالإضافة إلى الأكسسوارات والحلي وأشغال الحياكة والصوف. ولا نستطيع أن ننسى طبعًا أكشاك الأكل والمشاوي والحلوى.
وما ميّز البترون هذا العام عن باقي الأعوام، استديوهات التصوير الخاصة، التي تستقبل العائلات لالتقاط الصور التذكارية أمام خلفيات زُيّنت بأرقى الزينات.
وفي حديثٍ خاصٍ، تقول ريتا وهي تبيع الأحجار الكبيرة المنحوتة على اليد إنّ العام هذا هو بمثابة استعادة أملنا بالحياة. فنحن أولى الناس المؤمنين بأنّ الحياة ستسمرّ. وتتابع: نبيع جميع أنواع صور القديسين وغيرها، ورغم أنّها منحوتة على اليد إلّا أنّها تناسب جميع الطبقات لأنّ الأسعار مدروسة. تبدأ بـ12 دولارًا وصولًا للـ350 دولار. ولحسن الحظ أنّنا نربح أكثر ممّا توّقعناه حتّى الساعة.
وتبقى البترون صيفًا وشتاءً وجهة معروفة يقصدها كل من يزور لبنان. من سياح أو مقيمين أو مغتربين أو أجانب لا بفوّتون هذه الفرصة في تجوّل شوارعها والتنزه على شواطئها.