عماد مرمل - خاصّ الأفضل
اشتد السباق بين تاريخين في الروزنامة السياسية، المحلية والدولية: 9 كانون الثاني موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية، و20 كانون الثاني موعد استلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب مقاليد السلطة رسميا في الولايات المتحدة الأميركية.
صحيح أن الحدثين مختلفان من حيث الطبيعة والمكان، لكن ما يجمعهما هو أن كليهما يؤثر في مسار الاستحقاق الرئاسي اللبناني، حتى بات البعض يعتبر -على سبيل الطرفة السياسية- أن الانقسام الحالي في البلد أصبح بين حزبين جديدين، الأول حزب 9 كانون وهو يضم المتحمسين لانتخاب الرئيس في هذا التاريخ، وحزب 20 كانون وهو يجمع في صفوفه محبذي تأجيل الانتخاب إلى ما بعد تولي ترامب زمام الحكم.
يدفع الفريق الأول نحو إنجاز ولادة الرئيس في الجلسة المحددة باعتبارها فرصة ثمينة ينبغي اقتناصها للتوافق على شخصية مقبولة تحظى بأوسع دعم نيابي ممكن حتى يتسنى لها الحكم بأريحية وسط التحولات الجذرية في المنطقة.
أما الفريق الآخر، والذي يتكون بشكل أساسي من القوات اللبنانية وحلفائها في المعارضة، فيفضل إرجاء الولادة الرئاسية إلى وقت آخر إذا كانت جلسة 9 كانون ستنجب رئيسا لا يتحلى بالمواصفات المحددة من قبل المعارضة التي تفترض أن الانتظار إلى ما بعد مباشرة ترامب مهماته رسميا سيسمح لها بتحسين شروطها والإتيان بشخصية تحمل ملامحها السياسية.
من هنا، بدأت تتسع المخاوف من احتمال أن تلجأ المعارضة إلى إجهاض الجلسة المقبلة في حال شعرت بأنها لن تستطيع التحكم بمسارها وضمان وصول شخصية تحظى برضاها إلى قصر بعبدا، خصوصا أن قوى المعارضة تعتبر نفسها منتصرة بعد سقوط نظام بشار الأسد والحرب الإسرائيلية على حزب الله، معطوفا عليهما انتخاب ترامب في أميركا، وبالتالي هي تحاول صرف هذا الانتصار المفترض في السياسة الداخلية، على قاعدة أن التوازنات المحلية تبدلت حكما على وقع الانقلاب المستجد في موازين القوى الخارجية.
أكثر من ذلك، أصبح هناك انطباع لدى القوات اللبنانية بأن الظروف المتغيرة باتت تسمح بوصول سمير جعجع نفسه إلى بعبدا أو على الأقل من يسميه، ولذلك لا داعٍ، في رأيها، للاستعجال في سلق الرئيس سلقا خلال الجلسة المقبلة تحت ضغط الوقت، بل من الأفضل انتظار تنصيب ترامب رسميا حتى يكتمل عقد الأوراق الرابحة وبالتالي يصبح مفعولها أقوى وتأثيرها أشد.
وبهمس بعض المطلعين على حسابات معراب إن جعجع يفترض أنه إذا كانت فرصه صعبة، فلم يعد هناك عقب التطورات الأخيرة ما يمنع من ترشيح زوجته ستريدا إلى المركز الأول في الجمهورية اللبنانية.
ولكن خصوم "القوات" يلفتون إلى أن أي حسابات من هذا النوع هي أقرب ما تكون إلى "مراهقة سياسية"، تتجاهل ركائز المعادلة الداخلية التي لا تسمح لأحد بتجيير أي تطور خارجي لصالحه، ذلك أن قواعد اللعبة في لبنان هي أقوى من طموحات اللاعبين.