عماد مرمل - خاص الأفضل نيوز
ما إن هدأت في لبنان حتى انفجرت فورًا في سوريا، الأمر الذي يثبت أننا أمام وجهين لحرب واحدة.
ساعات قليلة بعد تهديد بنيامين نتنياهو للرئيس بشار الأسد بأنه يلعب بالنار، اندلع الحريق الكبير في الشمال السوري ثم راح يتمدد في اتجاهات عدة، وسط علامات استفهام وتعجب رافقت السقوط السريع لبعض المدن في حوزة المجموعات المسلحة.
المؤكد حتى الآن هو أن هناك إعادة ترسيم للجغرافيا السياسية في سوريا ومحاولة لتغيير موقعها ودورها الاستراتيجيين بعيداً من إيران وصولًا إلى تمزيق الشريان الحيوي الذي يربط بين طهران والمقاومة في لبنان.
أما الغامض في ما يجري فهو سلوك بعض القوى الإقليمية والدولية التي تملك نفوذًا في سوريا، حيث تتباين الاجتهادات حول حدود التقاطعات والافتراقات بين مصالح وحسابات اللاعبين الكبار.
المرتابون في ما يحصل، يميلون إلى الاقتناع بأن هناك صفقة ما تمت بين الكبار في سوريا وانعكست انقلابًا في موازين القوى على الأرض لصالح الجماعات الإرهابية التي خضعت إلى "عملية تجميل" كان من شأنها تغيير "لوك" قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني الذي ظهر بشكل معدّل وباسمه الأصلي أحمد الشرع، في محاولة لتكييفه مع متطلبات المرحلة الجديدة.
في المقابل، تعتبر أوساط لبنانية قريبة من دمشق أن سيناريو "الصفقة المريبة" ينتمي إلى نظرية المؤامرة التي لا صلة لها بالواقع، مؤكدة أن لا أحد من حلفاء دمشق "باع واشترى" على حساب الرئيس السوري، ولا الأسد "متواطئ" مع جهات إقليمية لإخراج إيران من سوريا، كما يروج البعض، بل أن "المواقف الروسية والإيرانية تؤكد بشكل قاطع الوقوف إلى جانب الدولة السورية، مع التشجيع في الوقت نفسه على الحل السياسي مع المعارضة الشرعية."
وتشير الأوساط إلى أن معركة حمص لن تكون نزهة للمجموعات الإرهابية، موضحة أن الجيش السوري حشد القوات اللازمة للدفاع عن المدينة بالتعاون مع الحلفاء، ومن ثم الانطلاق في هجوم معاكس لاستعادة المناطق التي سيطر عليها المسلحون.
وبهذا المعنى، بات واضحًا أن مسار المعركة الحالية في سوريا يتوقف على دينامية الساعات والأيام القليلة المقبلة وما ستحمله من تطورات تتصل بالوضع في محيط دمشق وبمصير حمص التي تختزن أهمية استثنائية في الجغرافيا والسياسة، فإذا تمكنت الجماعات المسلحة من اقتحامها تكون قد امتلكت "الأفضلية" الواسعة ووضعت القيادة السورية في موقف صعب من شأنه أن يعزز التساؤلات حول القطبة المخفية في التحولات المتلاحقة والمتدحرجة على مستوى الواقع الميداني، أما إذا استطاعت القوات النظامية وتلك الحليفة لها حماية حمص واستعادة المبادرة على الجبهات المخترَقة فتكون بذلك الدولة السورية قد التقطت أنفاسها وأعادت تحسين موقعها التفاوضي، الأمر الذي سيُضعف كل فلسفة سيناريو "المساومة" على رأسها ضمن مقايضات لعبة الأمم.
وهناك من يفترض بأن صمود الرئيس الأسد سيدفع في اتجاه لجم اندفاعة المسلحين ورعاتهم، وإيجاد تسوية سياسية قد تكون أقرب إلى طائف سوري، وبالتالي لا بد من الانتظار لأيام قليلة حتى ينقشع الغبار ويتضح المنحى الذي سيتخذه الوضع السوري المرشح لكل الاحتمالات.
وتعتبر شخصية لبنانية على صلة بالملف السوري أن ما يحصل حاليًّا هو أن العوامل الروسية والأميركية والإيرانية والتركية والإسرائيلية وُضعت في ال"مولينكس"، معتبرة أن الرسم النهائي لمستقبل سوريا وخرائط الإقليم مرتبط بما سيخرج من هذا "الخلاط" في نهاية المطاف.