كمال ذبيان - خاصّ الأفضل نيوز
يلعب رئيس حزب "القوّات اللّبنانيّة" سمير جعجع لعبة تأجيل جلسة انتخاب رئيس للجمهوريّة التي حدَّد موعدها رئيس مجلس النّواب نبيه بري في ٩ كانون الثاني الحالي، وهي ستكون في دورات متتالية، كما كان يدعو جعجع وحلفاء له في ما يسمَّى المعارضة، ويتَّهمون برّي بتعطيل الانتخاب، فرمى رئيس مجلس النّواب الكرة في ملعب الجميع، ودعا الكتل النيابيّة إلى أن تمارس دورها، وهو بذلك كشف من يريد انتخاب رئيس للجمهورية ومن لا يريد، وأوَّلهم جعجع الذي يطمح ويعمل أن يكون هو رئيسًا للجمهوريّة، مع تغيير حصل في موازين القوى الداخليّة، يعتبرها أتت لصالحه، مع خسارة محور المقاومة لدوره ونفوذه ليس في لبنان بل في المنطقة.
ولذلك فإنَّ جعجع يعمل باتِّجاهين، الأوَّل، وهو أن يحظى على تأييد أكثريّة نيابيّة له، وهذا صعب الحصول عليه، أو على تأييد "الكتل النِّيابيّة المسيحيّة له" ومن بينها "تكتّل لبنان القويّ" الَّذي يرأسه النائب جبران باسيل، الذي اعترف بامتلاك جعجع لأكثريّة نيابيّة مسيحيّة، تؤهِّله لأن يكون رئيسًا يمثِّل المسيحيين كما في تجربة العماد ميشال عون، فتسرَّبت معلومات عن أنَّ باسيل قد يلجأ إلى تأييد جعجع، لقطع الطريق على وصول مرشَّحين هما رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون، وهي اللُّعبة نفسها التي لعبها جعجع، بتأييد وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهوريّة، وعقد معه "اتِّفاق معراب"، على أن يصل فرنجية إلى رئاسة الجمهوريّة.
وبدأ جعجع اتصالاته الدَّاخليَّة والخارجيّة، من أجل تأمين انتخابه رئيسًا للجمهوريّة، وأرسل ممثِّلًا عنه، هو النَّائب بيار أبو عاصي إلى السعودية، ليلتقي فيها مسؤولين في الخارجيّة، بعد أن انتقل ملف لبنان إليها، بدلاً من المخابرات السعودية، وعُهد إلى الأمير يزيد بن سعود ملف لبنان فكان نزار العلولا.
ولم يعد أبو عاصي من المملكة بجواب إيجابيّ، لأنَّ مواصفات جعجع لا تنطبق مع تلك التي تقارب فيها القيادة السعودية الوضع في لبنان، فهي تريد رئيساً للجمهورية ليس من الطَّبقة السِّياسيّة الحاكمة التي لها ملفَّات عدَّة، وتتطلَّع إلى أن يتقدَّم الإصلاح على أيِّ شيء آخر.
ويحاول رئيس "القوّات اللبنانيّة" الاستفادة من الإدارة الأميركية الجديدة التي ترغب بأن يؤجل الاستحقاق الرئاسي في لبنان إلى ما بعد استلام الرئيس الحالي جو بايدن، والذي عبر عنه المستشار الرئاسي من أصل لبناني بولس مسعد، الذي تربطه علاقة نسب مع ترامب بزواج ابنه من ابنة الرئيس الأميركي، الذي يريد أن يبدأ عهده الثاني في البيت الأبيض بـ "صفر مشاكل" في العالم، وأن يكون للبنان رئيس للجمهورية، بمواصفات أميركية.
من هنا، فإنَّ جعجع يعمل وفق ظروف يراها هو بأنَّها لمصلحته، وأن الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس للجمهورية، قد تخطف منه رغباته التي لا تلتقي مع المعلومات التي تؤكد بأنَّ الداخل اللُّبناني لا يقبل بجعجع رئيسًا للجمهورية، لأنه رئيس تحدٍّ وفريق مستفز، حتَّى داخل السَّاحة المسيحيّة، التي تخشى أن يكون وصوله تجديدًا لـ "حرب أهلية"، لأنَّ سقفه السِّياسيّ عالٍ جدًّا وتحديدًا ضدَّ "حزب الله"، الذي يطالبه جعجع بالاستسلام، وتسليم سلاحه، والاعتراف بالهزيمة.
فرغبات جعجع لا تقفز فوق الـ ٣١ صوتاً من المقاومة التي التقى أطرافها في معراب وأيَّدوا ترشيح جعجع، وعبَّر عن ذلك النائب أشرف ريفي قبل أيَّام، وهو يطمح أن يكون رئيسًا للحكومة مع وصول جعجع إلى الرئاسة الأولى.
فحظوظ جعجع مُتدنِّية في انتخابه رئيسًا للجمهوريّة، وحاول في العام ٢٠١٤، بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان وأيَّدته قوى في ١٤ آذار، فلم يحصل سوى على ٤٦ صوتاً وفي أكثر من جلسة، إلى أن انسحب من السِّباق الرِّئاسي وأقام تسوية مع العماد ميشال عون بعد عامين ونصف العام من الشُّغور الرِّئاسي.