مفيد سرحال - خاص الأفضل نيوز
ليس عصيًّا على الباحث الحصيف أو حتى المواطن العادي تلمس تأثير التركيبة الطائفية التعددية المتجذرة على المجال السياسي عمومًا والإعاقة البينة كحجر عثرة أمام قيام مشروع الدولة المدنية العادلة يعطل تلقائيًّا أي مشروع إصلاحي إنقاذي للبلد.
حقيقة الأمر أن إسقاط الطائفية من العسير لا بل من المستحيل أن يتم في مختبرات الطائفيين.
بناء عليه لا يستغربن أحد الاستعصاءات في سياق الاستحقاقات لا سيما عند تشكيل الحكومات.
إذ معلوم وجلي للقاصي والداني أن إدارات الدولة العامة تحولت بفعل التحاصص الطائفي إلى عقارات موسومة أو بالأحرى مرصودة لهذه الفئة أو تلك ما يعيق أي عملية إصلاحيّة جدية نزيهة وشفافة.
لا شك أن انتخاب فخامة الرئيس جوزيف عون وقسمه الدستوري في المجلس النيابي وما تضمنه الخطاب من جدية في طرح الاشكاليات وطرق معالجتها تحت سقف الدستور والقانون خلق بقعة ضوء نشطة وقابلة للاتساع تمهيدًا للخروج من عتمة دولة الطوائف وتطويب لبنان الوطن والكيان لتلك الدولة.
لقد آن الأوان للخروج من الشرنقة المقفلة التي تحتم على المواطنين اللبنانيين الانتماء إلى دولتهم بواسطة طوائفهم.
إن الأفكار التي طرحها الرئيس جوزيف عون في خطابه أعادتنا معها الذاكرة للحقبة الشهابية الرائدة في بناء المؤسسات وأن لا ننسى وصف الرئيس الراحل فؤاد شهاب للطبقة السياسية بأكلة الجبنة... وراهنًا نخشى على الجبنة واللبنة وكل إنتاجنا البلدي!!
لا شك أننا كما النمط المعهود عند كل تشكيلة حكومية يواجه الرئيس المكلف التهافت على الحقائب ومحاولات الاستحواذ على الدسمة منها لاستثمارها في مجال الزبائنية وكسب المؤيدين عبر الخدمات حيث الولاء مقابل الخدمة لتغرق الدولة برمتها في وحل الطائفية وتقاسم المغانم وتوزيع ما تيسر على الموالين أما الذين لا حول لهم ولا سلطة تحميهم يصح تسميتهم بالمهمشين المنذورين للهجرة لأنهم ليسوا على قائمة الفرز والضم السياسي.
صحيح أن أمام الرئيس نواف سلام مطبات كثيرة كونه من خارج النادي السياسي باصطفافاته المعهودة لكن لا تنقصه الجرأة على تسمية الأشياء بأسمائها وهذا ما يصبو إليه كل اللبنانيين وبالتالي أمام الرئيس سلام طريق شاقة: أولاً ألا يخضع للشروط الخارجية وفيتوات السفارات التي بدأنا نسمع تداولها لجهة رفض الأميركيين تمثيل حzب الله في الحكومة العتيدة بما يمثل انتهاكًا صارخًا للسيادة علمًا أن التشدق بالسيادة لدى الكثير من القوى استنسابي ما يفرض علينا كلبنانيين أن نخجل ونمحو هذا المصطلح من أدبياتنا بفعل موجة الضغوط والتهويل والتحكم والسيطرة الخارجية الفظة على قرارنا السياسي من الكاوبوي الأميركي.
في وقت لم ينبس أحد ببنت شفة إزاء الهمجية الصهيونية في جنوب الليطاني كما خرست الألسن إزاء إبلاغ العدو الإسرائيلي المعنيين بتمديد مهلة الغطرسة والتفجير لأيام بعد الستين.
علمًا أن دفاع المقاومة عن الجنوب والبطولات التي سطرت تستأهل وحدها صفة الدفاع عن لبنان السيد العزيز الحر المستقل.
أما الأمر الثاني المطلوب من الرئيس سلام ألا يخضع في عملية التشكيل لجشع القوى السياسية في هجمتها لاصطياد الوزارات وتوفير الخدمات لجمهورها على مقربة من استحقاقي البلديات والنيابة ويأتي وفق التوزيع الطائفي المعمول به إنما من خارج إرادة ونفوذ السياسيين بحيث يغدو الوزير موظفًا عند ولي نعمته لا حارسًا للجمهورية ومصالحها الوطنية والقومية والطوائف غنية بأصحاب الكفاءات بدلاً من أصحاب العاهات المتكورين على الذات الفئوية.
أملُ اللبنانيين كبيرٌ أن يوفق الرئيس جوزيف عون في ترجمة أفكاره ولعل كلمته بأنه (حكم وليس حاكمًا) تنطوي على جدية وإرادة خيرة بناءة تلتقي مع الرئيس سلام في صياغة حكم عادل سياسيًّا وحقوقيًّا والعين على التشكيلة الحكومية التي حتى الساعة رغم الجهود الحثيثة المبذولة لحلحلة العقد تبقى تتأرجح بين خياري الاعتذار والولادة القيصرية.