كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
بعد أسبوعين على تكليف نواف سلام بتشكيل الحكومة، فإنه لم يتمكَّن من حلِّ العقد التي تعترض كل تأليف حكومة في لبنان، لجهة توزيع الحقائب التي غالبًا ما تكون على السّياديّة منها، وهذا ما بدأ يبرز منذ سنوات غير بعيدة، بعد أن تمَّ حصرها في الطَّوائف والمذاهب الرَّئيسيّة في عُرف جديد ليس له أساس دستوريّ، كما توزيع الرِّئاسات الثّلاث، الجمهوريّة ومجلس النّواب ومجلس الوزراء، فدخلت وزارة المال على أنها من حصَّة الطَّائفة الشِّيعيّة في تشكيل الحكومة.
وخلال الأسبوعين اللَّذين تواصل الرَّئيس المكلَّف مع الكتلِ النِّيابيّة والقوى السِّياسيّة، خلص إلى وضع أربعة معايير لتشكيل الحكومة ونقلها إلى رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون وهي:
١- فصل النِّيابة عن الوزارةُ.
٢- أن لا تكون حزبيّة، بمعنى انتماء أعضائها إلى أحزاب.
٣- من أصحاب خبرة وكفاءات يطغى عليها الطَّابع الأكاديمي والتِّقني.
٤- أن تكون ممثَّلة لكلِّ مكوِّنات المجتمع اللُّبنانيِّ.
من هذه المعايير سيبدأ الرَّئيس سلام مشاوراته، وتجمَّعت لديه لائحة من الأسماء، سيتَّخذ قراره النِّهائي في الأيَّام القليلة المقبلة، ليقدِّم التَّشكيلة الحكوميَّة لرئيس الجمهوريَّة، الذي وافقه على المعايير، دون أن تستبعد أيَّ طرف، وتنال الثّقة الكبيرة في مجلس النّواب، بحيث لا يمانع الرَّئيسان عون وسلام، أن تقدِّم الكتل النِّيابيّة أسماء أكاديمية، وسبق لها وفعلت ذلك، كمثل توزير الثُّنائي حركة "أمل" و"حزب الله" لشخصيَّات غير منتمية لهما، في الحكومة الحاليّة برئاسة نجيب ميقاتي كالوزراء علي حمية ومصطفى بيرم ومحمد وسام مرتضى وعباس الحاج حسن، وهذا ما طلبه الرَّئيس المكلَّف من "الثُّنائي الشِّيعي"، لا سيَّما من الرَّئيس نبيه برّي الَّذي وعده خيرًا، وأبلغه بأنَّ ياسين جاء ليس منتميًا إلى حركة "أمل"، وهو مطابق للمعايير التي وضعها سلام، كما نقل عن الرئيس نبيه برّي.
وبإعلان الرَّئيس المكلَّف عن المعايير، فهو يكون قد تجاوب مع دعوات دول خارجيّة تريد أن ترى إصلاحًا في لبنان، والتَّجاوب مع تطلُّعات الشَّعب اللُّبنانيِّ في أحداث تغيير في لبنان، الذي يعاني منذ عقود، من الطَّبقة السِّياسيّة الحاكمة الموصوفة بالفساد والهدر والمحسوبيّة، فأثقلت لبنان بالديون وانهيار القطاع المصرفي، ونهب أموال المودعين، إضافة إلى شلل المؤسَّسات الدستوريّة سواء في شغور رئاسة الجمهوريّة لمدّة عامين وثلاثة أشهر، ورافق ذلك حكومة تصريف أعمال، وشلل في العمل التَّشريعي لمجلس النّواب.
فالرَّئيس سلام يقول أمام زوَّاره لا سيّما الوفد الذي التقاه في منزله، وجاء يطالبه بحكومة من خارج الأحزاب والمحاصصة، بأنه يلبِّي طموحات المواطنين الذين خرجوا في ٢٧ تشرين الأول ٢٠١٩، ولم يكن هو بعيدًا عنهم، واعتبر"النّواب التَّغييريّون" أنه يمثِّلهم، وأنَّ انتصارهم تحقَّق بوصوله إلى رئاسة الحكومة.
من هنا، فإنَّ الرَّئيس المكلَّف سيفاجئ اللّبنانيين بحكومة أكاديميين وأصحاب اختصاص وغير حزبيِّين، ليخلق صدمة ترافق تلك التي أتت بقائد الجيش جوزاف عون رئيسًا للجمهوريّة وبنواف سلام رئيسًا للحكومة، بحيث ستكون حكومة العهد الأولى مختلفة عن سابقاتها من الحكومات، التي سبق وضمت كفاءات وأصحاب اختصاص منذ حكومة الشَّباب برئاسة صائب سلام في أوَّل عهد الرَّئيس سليمان فرنجية في العام ١٩٧٠، فهل يكرِّر نواف سلام ما قام به صائب سلام، ولم يتمكن من تحقيقه تمام سلام؟.
"فالسّلام الثالث" الذي يتولَّى رئاسة الحكومة من آل سلام، وكجوزاف عون، وهو الثّاني من آل عون الذي ينتخب رئيسًا للجمهوريّة بعد الرَّئيس ميشال عون مباشرة، فيشكِّل هذا الثُّنائيُّ الآتي من خارج المألوف بالسِّياسة في لبنان، هزَّة في الممارسة السِّياسيّة، لجهة الأداء الذي سيكون ترجمة لخطاب القسم للرَّئيس عون، الذي سيترجم في حكومة تملك بيانًا وزاريًّا متطابقًا مع خطاب القسم، بعد عبورها استحقاق التَّشكيل الذي عليه أن يجتاز عقليّة تأليف الحكومات السَّابقة.