عبدالله قمح - خاص الأفضل نيوز
يخطط العدو الإسرائيلي للاحتفاظ بـ5 نقاط (أو أكثر) في جنوب لبنان، عبارة عن مرتفعات استراتيجية منتشرة على طول خط الحدود مع فلسطين المحتلة، ابتداءًا بالقطاع الشرقي إلى الأوسط وصولاً للغربي. وعلى ما يتبين، بحثت الحكومة الإسرائيلية الاستحواذ على هذه النقاط مع الإدارة الأميركية الجديدة، فيما التسريبات داخل إسرائيل تتحدث عن أن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو سوف ينقل هذا الطلب إلى الإدارة الأميركية ويعرضه بشكل رسمي على هامش المباحثات مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء المقبل، في محاولة منه لتثبيته من ضمن التفاهمات الواسعة مع الإدارة الأميركية، وقبل حلول الموعد المفترض لإتمام العدو الإسرائيلي التزاماته "المخروقة من جانبه" في مسألة الانسحاب من جنوب لبنان في 18 شباط المقبل بناءً على التمديد الأخير لمهلة الـ60 يوماً التي انقضت بتاريخ 27 من الشهر المنصرم.
على أي حال، تقول أوساط في بيروت، إن العدو الإسرائيلي يتخذ من هذا الوجود وتحقيقه ذريعة لعدم إتمام انسحابه من الجنوب، أي أنه يحاول مقايضة انسحابه من ما تبقى من القرى الأمامية بوجود وتثبيت هذه المواقع. والجميع يعلم، أن الولايات المتحدة الأميركية، ليس على جدول أعمالها اليوم خلق أسباب إضافية لاشتباك في لبنان سيما وأنها، وشركاءها، يحاولون استثمار نتائج الحرب في إجراء تغيير سياسي عميق داخلي البيئة اللبنانية السياسية. على أي حال، قد يؤدي الضغط الإسرائيلي وفيما بعد إلصاق تهمة "عدم التعاون" بالنسبة إلى الجيش اللبناني، في سبيل تحقيق هدف البقاء ولو ضمن فترة معينة في هذه النقاط، رغم أن الوقائع تشهد أن حزب الله كمقاومة لن يهضم هذه الحالة العدائية إطلاقاً، سيما وأنه أطلق مقاومة شعبية أو ساهم في إحيائها داخل القرى الأمامية.
عملياً، ثمة أهداف استراتيجية لمحاولة البقاء ضمن هذه النقاط. ففضلاً عن الرغبة الإسرائيلية المزعومة في ترسيخ "بعد أمني" على طول الحدود يتيح للمستوطنين الاقتناع بأن جيشهم حقق إنجازاً نوعياً يضمن حمايتهم على كامل الحدود ما يمكنهم من العودة واستئناف حياتهم ونشاطهم كالمعتاد، يريد العدو ربط هذه المواقع بأخرى ينشئها أو أنشأها أو هي قيد الإنشاء داخل المناطق التي احتلها حديثاً من الجنوب السوري، وذلك بهدف بناء منطقة استعلام أمني تشكل قاعدة عمليات وبيانات ومراقبة متقدمة. أضف إلى ذلك أن العدو الذي يسعى لترسيخ الاحتلال، لا ينوي كما يزعم تكليف قوات عسكرية بمهام الإدارة ضمن هذه المواقع، إنما سيوظف أو يستعيض عنها بدرونات ومناطيد لتوفير حماية هذه المواقع التي يعلم جيداً أنها ستتحول في حال ترسيخها إلى هدف للمقاومة العسكرية في لبنان، بما يعني ان الجبهة جنوباً ستبقى موسومة بالوضعية الحمراء إلى أجل غير مسمى. غير أن الهدف الأساسي والاستراتيجي، يبقى في محاولة العدو ترسيخ أمر واقع يدفع إلى محاولة الوصول لاتفاق مع الدولة اللبنانية، من دولة إلى دولة، بهدف الوصول إلى آلية خروج وإخلاء لهذه المواقع، وهو فعل يتممه الآن في سوريا ويأتي على ما يبدو من ضمن استراتيجية أميركية هادفة، حيث أن تمدده داخل قرى ومناطق ريفي القنيطرة ودرعا وحوض اليرموك، تهدف إلى تأمين اتفاق مع النظام السوري الجديد يؤدي إلى انسحاب القوات الإسرائيلية المحتلة بشروط معينة، وليس مستبعداً أن تكون حكومة نتنياهو تخطط للتوصل مع سوريا إلى تطبيق ولو بالتدريج لمسار تطبيعي لن يكون لبنان في منأى عن تأثيراته.
من المحتمل أن يكون العدو يخطط للأمر ذاته في لبنان، عبر الانتقال من اتفاق وقف أعمال عدائية إلى اتفاق وقف إطلاق نار شبه دائم ومن ضمن شروط، بشرط بدء مفاوضات بين الجانبين برعاية أميركية. وقد يفهم من إيكال مهمة المبعوث إلى موظفة أميركية – يهودية تدعى مورغان أورتاغوس سبق أن عملت ضمن إدارة ترامب الأولى في ملفات اتفاقيات ابرهم، على أنه تحضير مسبق لبلوغ هذه المرتبة، بالتدريج أيضاً، فيما يستند البعض إلى المتغيرات السياسية الجاري تركيبها في الداخل اللبناني، على أنها قد توفر ظروف الوصول إلى هذا المسار ولو بعد وقت معين بداعي ما تسمى الواقعية السياسية والوضعية الإقليمية وتخلي الدول العربية عن فكرة تحرير فلسطين من النهر إلى النهر واستبدالها بما يسمى "حل الدولتين"!