سحر ضو - خاصّ الأفضل نيوز
يشهد لبنان حراكًا سياسيًا مكثفًا لتشكيل حكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات حيوية، خاصة في القطاع الزراعي، الذي يواجه تحديات متزايدة تتعلق بتلوث المياه الجوفية والاستخدام غير المنظم للمبيدات. ومع التوجه نحو الزراعة الحديثة والعضوية، تبرز الحاجة إلى سياسات فعالة تعزّز الاستدامة البيئية، تحمي الموارد الطبيعية، وتدعم المزارعين في تبني ممارسات أكثر أمانًا وإنتاجية.
وفي هذا السياق يقول رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع الأستاذ إبراهيم الترشيشي، في حديث خاصّ للأفضل نيوز بأن: هناك تحديات كبيرة تواجه المزارعين اللبنانيين نتيجة الجفاف وقلة الأمطار، مما يهدد مصادر الري والإنتاج الزراعي. ورغم معرفة مصادر التلوث، فإن مسؤولية معالجة مشكلة الري بالمياه الملوثة تقع على عاتق الجهات الرقابية.
و في ظل هذه الظروف، هناك توقعات بهطول 200 ملم من الأمطار خلال الأسبوع المقبل، بحسب الترشيشي، ما قد يخفف الأزمة، لكن استمرار الجفاف سيؤثر على لبنان بأكمله، في القطاع الزراعي إلى مياه الشرب .مما يرفع كلفة الإنتاج والأسعار.
في المقابل، يبقى التزام المعايير الأوروبية في استخدام المبيدات ضرورة لضمان القدرة على تصدير المنتجات الزراعية، وهو ما بدأ لبنان بتحقيق تقدم فيه من خلال تحسين جودة الإنتاج والالتزام بالمواصفات العالمية.
بدوره قال المهندس والناشط البيئي شربل أبو جودة للأفضل نيوز: أن الحل يكمن في تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين تحظى بدعم سياسي واسع، لضمان قرارات قائمة على الكفاءة والمصلحة الوطنية بعيدًا عن التجاذبات. ومن الضروري دعم المزارعين ماليًا وتقنيًا، وتحسين البنية التحتية، خصوصا أنظمة الري وطرق، تعزيز الإنتاج المحلي عبر تسهيلات تصديرية وأسواق مستقرة، مع تقليل تصدير المواد الخام وتصنيعها محليًا لخلق فرص عمل وتعزيز الاكتفاء الذاتي.
التدهور البيئي، خصوصًا في البقاع، يشكل تحديًا خطيرًا نتيجة الاستخدام المكثف للمبيدات وتلوث المياه الجوفية، مما يستدعي استصلاح الأراضي وحمايتها لضمان استدامة القطاع الزراعي.
أما على صعيد إدارة الموارد المائية فهي تحتاج إلى مراجعة الاتفاقيات القائمة، مثلا "اتفاقية نهر العاصي"، وتحسين البنية التحتية للحد من الهدر والتلوث، مع مسح شامل للأراضي الزراعية لضمان توزيع عادل ومنع الاحتكار. كما أن تعزيز الزراعات العضوية ضروري لتعزيز الأمن الغذائي، إلى جانب سياسات صارمة لحماية المياه الجوفية ومنع البناء العشوائي في المناطق الجبلية.
وعلى الصعيد الخارجي، تبرز فرص كبيرة أمام المنتجات اللبنانية، خصوصا في أسواق الخليج وأوروبا، غير أن النجاح في هذه الأسواق يتطلب تحسين الجودة والتوضيب لرفع القدرة التنافسية. كما أن تشجيع استخدام الطاقة المتجددة في الزراعة، وتوفير قروض ميسرة لصغار المزارعين، يمكن أن يعزز القطاع بشكل كبير. في هذا السياق، يعد تنظيم زراعة القنب الهندي فرصة لدعم الاقتصاد وتقليل الاعتماد على الإستيراد.
في ظل التحديات السياسية والاقتصادية والبيئية التي يواجهها لبنان، تبدو الإصلاحات ضرورة لا خيارًا. ويبقى السؤال الأهم: هل يستطيع لبنان تجاوز الانقسامات السياسية لتنفيذها، أم سيستمر الجمود في عرقلة التقدم؟