كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
يفصل لبنان عن تطبيق قرار وقف إطلاق النَّار بينه وبين العدوِّ الإسرائيليِّ، ٢٠ يومًا، ليحصل الانسحاب الكامل لجيش الاحتلالِ من كامل الأراضي اللُّبنانيّة، والعودة إلى مرحلة ما قبل ٨ تشرين الأول ٢٠٢٣، عندما فتح "حزب الله" جبهة إسناد غزة، بقصفِ المواقع العسكريّة الإسرائيليّة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلّة، ولكن قواعد الاشتباك مع العدوِّ الإسرائيليِّ، والتي أرادها "حزب الله" محدودة ومحصورة، توسَّعت بقصف الجيش الإسرائيليِّ للمدن والبلدات والقرى، خارج الشَّريط الحدوديّ، إلى أن حصلت الحرب الواسعة التي شنَّها العدوُّ الإسرائيليُّ في ٢٧ أيلول الماضي، على لبنان، وتركَّزت اعتداءاته على المدنيِّينَ في الجنوب، وسبق ذلك عمليّاتِ تفجير واغتيال، بدأها العدوُّ الإسرائيليُّ في ١٧ أيلول، لخلق إرباك في قيادة "حزب الله"، وتحديدًا بعد استشهاد الأمين العام للحزب الشَّهيد السَّيد حسن نصرالله.
وخلالَ شهرين من الحرب الإسرائيليّة المدمِّرة على لبنان، صمد المقاومون، ومنعوا جيش الاحتلالِ من التقدم من الحافة الأمامية، إلى أن حصل اتفاق وقف إطلاق النار في ٢٧ تشرين الثاني الماضي، وهذا ما وفّر للعدوِّ الإسرائيليِّ، أن ينفِّذ في السِّلم ما لم يتمكّن منه في الحرب، فتمَّ خداع لبنان، بأنَّ لجنة مراقبة خماسيّة سترعى هي وتشرف على تطبيق قرار وقف إطلاق النار، وفيها جنرال أميركي هو جاسبر جيفرز وآخر فرنسي، إضافة إلى ممثِّلين عن الجيش اللُّبنانيِّ والجيش الإسرائيليِّ والأمم المتحدة.
فخلال أكثر من شهر على تشكيلِ اللّجنة، وعلى صدور قرار وقف إطلاق النَّار، فإنَّ العدوَّ الإسرائيليَّ، لم يلتزم به، بل هو توغَّل في الأراضي اللُّبنانيةِ إلى مناطق خارج جنوب اللِّيطاني، واستمرَّ بعملياتِ القصف والقتل وتدميرِ المنازلِ، دون أيِّ رادع، مستغلًّا وقف إطلاق النار، الذي التزمت به المقاومة، وتركت للدولة أن تقوم هي بالمهمة لوقف الاعتداءات وتحديدًا الجيش اللبنانيّ الذي لم يتمكّن من الانتشارِ بسبب استمرار الاحتلالِ الإسرائيليِّ، الذي أبلغ قادته الجنرال الأميركي، بأن فترة الـ ٦٠ يومًا لن يلتزم بها العدوُّ الإسرائيليُّ، وينسحب، بل هو سيمدد احتلاله، وهذا ما رفضه "حزبُ اللَّه" على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، الذي قال بأنَّ صبر المقاومةِ بدأ ينفذ مع استمرار العدوانِ الإسرائيليِّ وصمت المراجع الدوليّة، وتقييد حركة الجيش اللبنانيِّ، فإنَّ المقاومة ستردّ في الوقت المناسب والمكان المناسب، وقبل انتهاء مدة الـ ٦٠ يومًا التي حدَّدها اتفاق وقف إطلاق النار، حيث سُجّل حوالي ألف خرق إسرائيلي له، واستشهاد نحو ٤٠ مواطنًا، وتدمير مئات المنازل، وجرف الحقول، ممّا وضع "حزبُ اللَّه" في موقع دقيق، وأظهره بأنَّه خسر فعليًّا، وفقد قوَّة الرَّدع، وهذا ما دفع بقيادته أن تكثر من الإطلالات الإعلامية، للتأكيد بأنَّ المقاومة استعادت المبادرة، وهي تعافت منذ ما بعد استشهاد السيد نصر الله والسيد هاشم صفي الدين وقادة "الرضوان"، بدليل خوض المقاومة، لمعارك عسكرية مباشرة لمدة شهرين، وقبلها لحوالي عام في المواجهات، إسنادًا لغزة.
فالانسحاب الإسرائيليّ لم يتأكد إذا كان كاملًا في ٢٧ كانون الثاني الحالي، بعد أن أعلن وزير الحرب يسرائيل كاتس، بأن جيش الاحتلالِ سيمدِّد وجوده حتّى شهر نيسان القادم، لإكمال مهمته في تدمير كل منشآت "حزب الله" العسكرية، وهي المهمة التي لا يقوم بها الجيش اللبنانيّ، وفق المزاعم الإسرائيليّة التي تسرب معلومات عن أن جيش الاحتلال سيبقى متمركزًا في نقاط استراتيجية في الجنوبِ، وهو بات في وضع عسكري مريح بعد أن احتل مناطق في جبل الشيخ، وتوسع في القنيطرة السورية وريفها.
وحضر المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، وقبل حوالي أسبوعين من انتهاء مهمَّته، إلى لبنان، وقدَّم انسحابًا إسرائيليًّا من الناقورة، كهدية للبنان الذي اشتكى أمام هوكشتاين عن الخروقات الإسرائيليّة، فوعد بمعالجتها، وطمأن بأنَّ الانسحاب الإسرائيليَّ الكامل سيحصل في موعده المحدَّد بالاتفاق، لكن تطمينات هوكشتاين لم تطمئن المسؤولين اللبنانيين، الذين يتخوَّفون من أن لا يحصل الانسحاب الإسرائيليّ في موعده، وينتهي صبر المقاومةِ، وينفِّذ "حزب الله" تهديده بالرَّدِّ.