عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
مع الاستمرار في استهلاك الوقت من دون ولادة الحكومة الأولى للعهد، بات البعض يخشى من أن يضيع أو يُستنزف زخم انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وتكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة، في متاهة الأسماء والحقائب الوزارية المتنازع عليها.
ويوجد من يعتبر في هذا السياق أن هناك لحظة إقليمية دولية مؤاتية، على لبنان التقاطها واستثمارها بلا تهاون أو استرخاء لاستكمال مسار إعادة تكوين السلطة ومعالجة الملفات المتراكمة بدعم خارجي غير مسبوق، وإلا فإن الفرصة قد تُهدر من جديد كما حصل مع غيرها سابقا.
وفي المقابل، هناك من يفترض بأن الحقيقة غير المموهة والتي يجب الاعتراف بها هي أن لبنان ليس أمام فرصة موضوعية للخروج من نفق أزماته بل هو بات يقع تحت تأثير وصاية ووصايا خارجية فرضتها التحولات الأخيرة بعد العدوان الإسرائيلي وسقوط نظام بشار الأسد، وبالتالي فإن التحدي الأكبر الذي يواجهه هو أن يحافظ قدر الإمكان على توازناته المرهفة في ظل محاولة فرض معادلة جديدة أو قواعد اشتباك سياسية مغايرة عما كان سائدا.
وبمعزل عن التباين في توصيف طبيعة هذه المرحلة، يبدو الرئيس المكلف نواف سلام أمام خيارين، الأول أن يضع تشكيلته الوزارية على أساس تفاهمات مع معظم القوى السياسية الأساسية حتى يضمن الحصول على ثقة وازنة في مجلس النواب، من شأنها تسهيل مهمة الحكومة وحمايتها بمظلة داخلية. ومعنى ذلك أن عليه التجاوب مع جانب من مطالب تلك القوى ومراعاة مصالحها.
اما الخيار الثاني فهو أن يبادر بعد جوجلة كل الآراء الى وضع التشكيلة التي يعتبر أنها مقنعة ومتناسبة مع متطلبات المرحلة، مستندًا الى قوة الاندفاعة الأميركية - السعودية التي هي أقرب إلى أن تكون "محدلة" سياسية، مهدت الطريق أمام انتخاب رئيس الجمهورية وتسمية الرئيس المكلف ولا شيء يمنع أن تزيل أيضا الحواجز التي لا تزال تعترض الولادة الحكومية.
وبهذا المعنى، فإن على سلام أن يختار بين مسارين: تشكيل حكومة "الواقع الآمر" التي تراعي الحساسيات والحسابات الحزبية والطائفية، أو تشكيل حكومة "الأمر الواقع" التي تعكس تطلعات الرئيس المكلف وقناعاته متكلاً على الحصانة الخارجية لتجاوز العقبات الداخلية.
فهل سيسلك سلام أحد هذين المسارين، أم قد يستطيع اجتراح مسار مركّب على قاعدة التوفيق بين طموحاته وطلبات الكتل النيابية ومعايير الدول الراعية للملف اللبناني في آن واحد؟ .
لا بد من الانتظار قليلا لمعرفة المنحى الذي سيتخذه سلام في عملية تشكيل الحكومة، فيما يؤكد العارفون به أن شخصيته قوية وقادرة على تحمل ضغوط اللعبة السياسية في لبنان ومناوراتها.