لولو سليمان - خاصّ الأفضل نيوز
في شوارع لبنان، لم يعد العنف مجرد أخبار عابرة، بل بات ظاهرة يومية تهدد أمن المجتمع. جرائم القتل تتزايد بوتيرة مقلقة، والصور القادمة من مسارح الجرائم تعكس واقعًا خطيرًا لم يعهده اللبنانيون بهذه الحدة من قبل. فما الذي يدفع البلاد نحو هذا المنحدر الدموي؟ هل هي الأزمة الاقتصادية، أم تفكك سلطة القانون، أم أن هناك عوامل أعمق تعيد تشكيل ملامح الجريمة في لبنان؟
جرائم هزّت الرأي العام في الآونة الأخيرة
سلسلة جرائم وقعت في فترة زمنية قياسية تنذر بواقع مأساوي بات يعيشه المجتمع اللبناني، ويشعر خلاله المواطن بانعدام الأمن والأمان.
جرائم وحشية صادمة هزّت الشارع اللبناني خلال أيام، بدأت منذ فترة مع رولان المر في الأشرفية، جورج روكز صاحب معرض سيارات في الضبية، إميل حديفة في مزرعة يشوع، الأرشمندريت أنانيا كوزانيان في بصاليم، صاحب محل "OMT" في الأشرفية، الشاب خليل خليل في فاريا، واليوم حادثة إضرام النار في مجدليّا - زغرتا بحقّ قاصر يعمل في كاراج تصليح سيارات.
هذه الجرائم تلقي الضوء على الأسباب الحقيقية وراء هذه الظاهرة المخيفة، وتأثيرها على مستقبل البلاد، والحلول الممكنة للخروج من هذا النفق المظلم.
هل تحوّل العنف إلى سلوك يومي في لبنان؟
عن هذا الأمر تتحدث المتخصّصة في علم النفس السلوكي سارة عكل معتبرةً أنّ تزايد جرائم القتل في لبنان يعكس مجموعة من العوامل النفسية والاجتماعية التي تدفع الأفراد إلى العنف، ليس أوّلها الصدمة الجماعية واضطراب ما بعد الصدمة، إذ يعاني المجتمع اللبناني من تراكم الصدمات نتيجة الحروب، والأزمات السياسية، والانهيار الاقتصادي.
وتتابع عكل "هذه الصدمات تؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، مما قد يزيد من السلوكيات العنيفة لدى بعض الأفراد".
وترى أنّ "بعض حالات جرائم القتل قد تكون نتيجة اضطرابات نفسية غير مُعالَجة، مثل اضطرابات الشخصية المعادية للمجتمع (Antisocial Personality Disorder) أو الذهان. في غياب الدعم النفسي والعلاجي، قد تتفاقم هذه الحالات لتؤدي إلى أفعال إجرامية خطيرة".
وتضيف، "إنّ ضعف الضوابط الأخلاقية والاجتماعية هو أحد الأسباب الجوهرية لتواتر الجرائم في المجتمع اللبناني،
أي عندما يشعر الأفراد بأن القانون غير مطبّق بشكل عادل، وأنّ الجريمة قد تمر دون عقاب، تضعف الضوابط الأخلاقية ويصبح ارتكاب الجرائم أكثر احتمالًا".
غياب دور الدولة ومحاولات أمنية خجولة
في هذا الإطار، أعرب وزير الداخلية والبلديات السابق مروان شربل عن التماسه خوف الناس من الجرائم التي تحصل، معتبرًا أنّ هذه الجرائم هي أعمال فرديّة وأنّ الأجهزة الأمنية تقوم بواجباتها كاملةً، وصرّح، "أطمئن المواطنين إلى أنّ الأجهزة تعمل على إلقاء القبض على المُجرمين سريعًا".
السبيل القانوني للخلاص!
في هذا الوقت، يفيد مصدر قانوني - للأفضل نيوز - أنّه من المفترض تكثيف تطبيق القوانين الجنائية المتعلقة بالعنف والقتل، بما يشمل فرض عقوبات صارمة على مرتكبي الجرائم. وتعزيز دور الأجهزة القضائية والشرطة في التحقيق ومتابعة القضايا من أجل ضمان محاسبة مرتكبي الجرائم بشكل سريع وفعال.
ويؤكّد المصدر أنّه "لا بدّ من تعديل القوانين لتشديد العقوبات على جرائم القتل، خصوصًا في الحالات التي يتبين فيها وجود نيّة مبيتة أو تكرار للجريمة".
ويوضّح أنّه "يجب العمل على تحديث وتطوير النظام القضائي اللبناني لتسريع المحاكمات وتحقيق العدالة بسرعة، وذلك من خلال تكثيف الدعم للمحاكم وتدريب القضاة على التعامل مع قضايا العنف بشكل أكثر كفاءة".
ويلفت إلى " ضرورة إطلاق حملات توعية تستهدف المجتمع اللبناني لتعزيز ثقافة احترام القانون ورفض العنف، بما في ذلك المدارس والجامعات والمجتمعات المحلية."
أخيرًا، نستطيع القول إن تزايد جرائم القتل في لبنان يشكل تهديدًا خطيرًا ليس فقط للأمن الفردي، بل للمجتمع ككل. ومع تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، أصبح من الواضح أن الحلول التقليدية لا تكفي لوقف هذا الانحدار المستمر. ومن خلال تفعيل الحلول القانونية، وتطبيق الأنظمة الصارمة، وتعزيز العدالة، يمكن أن يبدأ لبنان في استعادة قدرته على مواجهة العنف بشكل فعال.