عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
هل سيكتمل انسحاب العدو الإسرائيليّ من الأراضي اللبنانية مع انتهاء المهلة الممددة حتى 18 شباط أم أن الاحتلال سيستمر لوقت إضافي بذرائع واهية؟
يحاول لبنان الرسمي من جهته الضغط دبلوماسيًّا خلال ما تبقى من الفترة الفاصلة عن انقضاء المهلة لإلزام العدو بإتمام انسحابه. ويساهم رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون شخصيًّا في تفعيل الاتصالات والمشاورات مع الجهات المعنية، لدفع الكيان الاسرائيلي إلى التقيد بالموعد الجديد لخروجه من لبنان، حيث يسعى عون إلى توظيف الزخم الدولي والإقليمي الذي أدى إلى انتخابه في اتجاه الضغط على تل أبيب، خصوصًا أنه يعلم أن عهده الوليد سيكون المتضرر الأكبر من إطالة أمد الاحتلال مرة أخرى بعد تجاوز مهلة الستين يومًا الأصلية التي كان يلحظها اتفاق وقف إطلاق النار.
وضمن هذا السياق، فإن الدعم الخارجي الكبير، خصوصًا الغربي، الذي حظي به انتخاب عون يخضع حاليًّا إلى اختبار حقيقي على أرض الواقع، إذ ما قيمة هذا الدعم في حال كان أصحابه، وأغلبهم أصدقاء للكيان، لا يستطيعون أو لا يريدون إقناع بنيامين نتنياهو بالخروج من لبنان، لا سيما أن الانسحاب هو شرط أساسي من شروط تأمين انطلاقة قوية للعهد.
ولا يُخفى أن الموقف الأميركي إنما يشكل عاملًا حاسمًا في رسم وجهة السير الإسرائيلية، ذلك أن واشنطن، وتحديدًا في ظل رئاسة "العائد" دونالد ترامب، تملك القدرة الأكبر على التأثير في سلوك نتياهو، وبالتالي إذا كان ترامب مقتنعًا بوجوب إتمام الانسحاب الإسرائيليّ من الجنوب في 18 شباط، فإنه يستطيع أن يقنع رئيس وزراء العدو بالأمر أو أن يفرضه عليه، أما اذا كانت للرئيس الأميركي حسابات أخرى فإن هامش المناورة لدى نتنياهو سيكبر والاحتلال سيستمر حتى إشعار آخر.
ومن المؤكد أن الخيارات الإسرائيلية المستقبلية في لبنان نوقشت خلال اللقاء الذي عقد الثلاثاء في واشنطن بين ترامب ونتنياهو.
وبعيدّا من الاستنتاجات والاجتهادات، فإن حقيقة نيات الرجلين حيال مسألة الانسحاب من الجنوب، ستتكشف تلقائيًّا في الميدان، وتحديدًا في يوم 18 شباط الذي سيكون تاريخًا مفصليًّا، وسيخضع خلاله ترامب ونتنياهو إلى فحص جهاز كشف الكذب.
وفي الانتظار، هناك من يعتبر أنه يُفترض بترامب أن يكون قد طلب من نتنياهو استكمال الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، وذلك على قاعدة أن من مصلحة الولايات المتحدة تعزيز عهد الرئيس عون وتقوية دور الجيش على حساب حزب الله، وأن الانسحاب سينزع من "الحزب" أي ذريعة لمواصلة المقاومة والإبقاء على سلاحها في جنوبي الليطاني وشماله، في حين أن بقاء قوات إسرائيلية في بلدات جنوبية سيعيد تجديد شرعية المقاومة المسلحة والالتفاف الشعبي حولها وسيحرج الحكم الجديد ويضعفه لأنه سيبدو عاجزًا عن استعادة السيادة وحمايتها.
على كلّ حال، فإن الأيام المقبلة وحدها ستُبين خفايا ما دار بين الرجلين، وهل أن ترامب دعم فعلًا نظرية الانسحاب ودفع ضيفه نحو اعتمادها، أم أن نتنياهو هو الذي جر مضيفه إلى ملعبه، وأخذ موافقة على تمديد الاحتلال لبعض الأجزاء الجغرافية التي يعتبرها حيوية بالنسبة إلى أمن المستوطنات الشمالية؟
وحتى ذلك الحين، يمكن الجزم أنه في حال لم يغادر جيش العدو المنطقة الحدودية بكاملها في التوقيت المعدّل، فإنه سيطرد منها بالوسائل المناسبة التي قد تكون مدنية أو عسكرية تبعًا لما تقتضيه المصلحة العليا.