كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
لا يحدِّد الدستور مهلة زمنيّة للرَّئيس المكلَّف نواف سلام لتشكيلِ الحكومة، وهذه ثغرة فيه، تطرح دائمًا ومنذ سنوات بعيدة عند تعثّر ولادة الحكومة التي امتدَّ بعضها إلى نحو أكثر من عام، وتتعلَّق بمطالب الكتل النِّيابيّة، والقوى الحزبيّة والسِّياسيّة، وأعراف دخلت على الدستور، بأن تكون الوزارات التي سمِّيت سياديّة، من حقِّ الطَّوائف الرئيسيّة، كالدَّاخليَّة والدِّفاعِ والخارجيّة والمال، والأخيرة تطالب بها الطَّائفة الشّيعيّة كعنوان للمشاركة في التَّوقيع الثَّالث، كما الثُّلث الضَّامن في الحكومة، وهذا ما تسبَّب بأزمات سياسيّة ودستوريّة بين الحين والآخر، عند تأليف الحكومات.
فالرَّئيس سلام، ومع عهد جديد برئاسة جوزاف عون، يحاول أن يخرج بصيغة غير مألوفة تحاكي اللّبنانيين الذين يطمحون إلى التّغيير، وهو الذي يعتبر نفسه آتٍ من "المجتمع المدني" ومن حراك ١٧ تشرين الأول وما سمِّي "بقوى التَّغيير"، فطرح معاييره لتأليف الحكومة، بأن لا تكون سياسيّة وحزبيّة، وأن تفصل النِّيابة عن الوزارة، ولا يترشَّح أعضاؤها إلى الانتخابات البلديّة والنيابيّة، وتتكوَّن من أصحاب كفاءات وطنيّة.
بهذه المعايير، يبتعد الرَّئيس المكلَّف عن شروط الكتل النِّيابيّة في المحاصصة، وعقدة الحقائب الوزاريّة، وتمثيل الطَّوائف، ويقترب من "التَّغييريين" الذين يلازمونه في منزله، يحرضونه على فرض حكومة "أمر واقع" طالما يحظى بدعم خارجي، وتحديدًا الأميركي - السعودي، وليواجه الحاكمون منذ عقود، المواطنينَ والعالم الخارجي، وفق ما ينقل عن ما يجري من أحاديث في صالون الرئيس المكلف الذي قطع الاتصالات مع كتل نيابيّة أساسيّة، لا سيما المسيحيّة والسّنيّة، ويحاول تقاسم الحقائب الوزارية مع الثُّنائي الشِّيعي، لجهة تحديد الأسماء، وبأن لا يكونوا من النُّواب، أو أسماء "مستفزّة"، وهذا ما يعمل له سلام، الذي بات تحت تأثير "قوى التَّغيير" الذين يروِّجون بأنَّ وصوله، كان بسبب تحرُّكهم في الشَّارع، ففرضوا استقالة الرئيس سعد الحريري، بعد حوالي أسبوعين على بدء "الحراك الشَّعبي" الذي أتى بالسَّفير مصطفى أديب، من خارج الطبقة السياسيّة، فلم ينجح في تشكيل الحكومة، فاستقال، ليخلفه حسان دياب، بدعم أميركي، ويضم في حكومته أكاديميين من الجامعة الأميركية، وهو ما يحاول سلام أن يفعله بمحاولته استبعاد شخصيّات كفوءة، ولكنها ليست من خريجي الجامعة الأميركية، لا سيما خريجو الجامعة اللبنانيةِ التي ردت عليها رئاستها.
فمع اقتراب تكليفه من الشهر، فإن سلام ما زال يتخبَّط في تشكيل الحكومة، وهو لا يستقر على رأي، ويعاني أزمة في كثرة طبّاخي حكومته، وبدأ يشكو من أن مهمَّته بدأت تلاقي صعوبات في تقديم حكومة، تزيد الأمل عند اللّبنانيين بالإصلاح، الذي يريد الرَّئيس عون لعهده أن ينجح في بناء دولة فعليّة وحقيقيّة، وهو يشكو من تأخير تشكيل الحكومة، بما يصيب بداية ولايته بإحباط لا يريده أن يستمر، في زحمة المطالب التي ترافق تشكيل الحكومة، وهي حالة عاشتها حكومات سابقة، إلَّا أن رئيس الجمهورية يبدو حذرًا من أن يتمكّن سلام من تشكيل الحكومة.