كمال ذبيان - خاصّ الأفضل نيوز
لن يكون تشكيل الحكومة صناعة لبنانية، كما هي الاستحقاقات الدستوريّة الأخرى من رئاسة الجمهوريّة، إلى تسمية رئيس الحكومة، وواكب اللبنانيون، كيف أن الخارج، لا سيما الدول المؤثرة في لبنان، هي من سمَّت رئيس الجمهورية، ووقع اختيارها على قائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي بدأ التداول باسمه منذ نحو أكثر من عامين ونصف العام، وبات أي قائد جيش مرشَّح ثابت لرئاسة الجمهوريَّة منذ وصول اللواء فؤاد شهاب إلى رئاسة الجمهوريّة في آب ١٩٥٨، ثم مع انتخاب العماد إميل لحود وميشال سليمان وميشال عون رؤساء جمهورية، وهم قادة جيش كانوا في الخدمة، أو خارجها كالعماد ميشال عون.
فرئاسة الجمهورية تطبخ في الخارج وتنضج في لبنان، ومثلها رئاسة الحكومة، التي وصلت إلى نواف سلام، الذي هو مطلب أميركي - سعودي ولا يوجد عليه "فيتو" من دول أخرى، إذ كان الدور الأميركي وما زال هو الأقوى في لبنان، بمشاركة طرف دولي أو عربي، ومنذ عقود، وقد يتراجع أحيانًا لكنه يستمر، وهو بات الآمر الناهي في لبنان، لا سيما بعد الحرب الإسرائيليّة المدمِّرة على لبنان، والتي تعتبر واشنطن أن "حزب الله" في لبنان خسرها وانهزم فيها، ولم يعد قادرًا على فرض سلطته، أو يمنع حصول استحقاق لا يريده، كما في انتخابات رئاسة الجمهوريّة، أو الاستشارات النِّيابيّة المُلزمة لتكليف رئيس الحكومة، وهذا ما يعبّر عنه المسؤولون الأميركيون من رأس الهرم في البيت الأبيض إلى كل مواقع القرار في المؤسسات الأخرى.
فالنفوذ الأميركي قوي في لبنان كما في المنطقة، عما كان عليه، مع انحسار "محور المقاومة" على كل الساحات من فلسطين إلى لبنان فسوريا والعراق واليمن وإيران، الذي بخسارته للحرب مع العدوِّ الإسرائيليِّ، وفق ما يؤكد رئيس حكومته بنيامين نتنياهو، فإن خارطة جديدة للمنطقة سترسم تحت اسم " الشرق الأوسط الجديد"، ولبنان داخله، وأن السلطة فيه ستكون من ضمن تنفيذ هذا المشروع الأميركي - الصهيوني، الذي بدأ يظهر مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي بترحيل أهالي غزة وإقامة مكانها "ريفييرا" الشرق الأوسط، الذي سماه نتنياهو بـ "النقمة"، وإيران وحلفاءها بمحور "النقمة".
لذلك فإن لبنان بصلب "مشروع الشرق الأوسط الجديد"، ولن يكون لـ "حزبِ اللّه" وجود فيه، وهو ما أبلغه المسؤولون الأميركيون للرئيس جوزاف عون وللرئيس المكلف تشكيل الحكومة نواف سلام، بأن الحكومة التي يعمل على تشكيلها، يجب أن تكون خالية من "حزبِ اللّه"، الذي يجب أن يختفي من الوجود العسكري والسياسي، وفق ما يؤكد المسؤولون الأميركيون، وهذا ما يعمل به سلام الذي رفض حكومة حزبيين وسياسيين ومن خارج مجلس النّواب ويحملون شهادات من جامعات أجنبية لا سيما الأميركيّة، حيث تقارب هذه المعايير تلك التي تطلبها واشنطن التي تدقق بالأسماء، ورأت بعض ما قدمه الثنائي "أمل" و"حزب الله" لا يتطابق مع شروطها، لأنها تسعى إلى أن يكون ممثلو الطائفة الشيعية، هم من المقربين من سفارتها، ويعملون معها، وهم من كان يطلق "حزب الله" عليهم "شيعة السفارة"، وهذا ما يعرقل تشكيل الحكومة، التي لم يتأخر رئيسها المكلف عن التجاوب مع الرغبة الأميركية.