كمال ذبيان - خاصّ الأفضل نيوز
ليست الحكومة برئاسة نواف سلام، والأولى مع بداية عهد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، التي تتشكَّل من كفاءات وأصحاب خبر، بل سبق لحكومات أخرى منذ مطلع الاستقلال في تشرين الثَّاني أن ضمَّت خبراء ورجال علم، والأسماء بالمئات، ممّا يعني أنَّ الحكومة ٧٤، ليست استثناءً عن ما مرَّ على لبنان من حكومات وبعض وزرائها كان أداؤهم جيِّدًا، وممارستهم تحلَّت بالأخلاق السِّياسيّة، وتركوا بصمات في تاريخ لبنان.
والحكومة التي ولدت بعد شهر من انتخاب الرئيس عون، وأقل منه بعد تكليف سلام، فإنَّ تشكيلها أتى في مهلة زمنيّة مقبولة، بعد تذليل كلِّ العقبات، وتوافقت مع المعايير التي وضعها رئيسها سلام، فهي لم تضم نوابًا، في فصل للنّيابة عن الوزارة، ولا وجود فيها لمرشحين للانتخابات البلدية والاختيارية والنّيابيّة، وهي ستجري في عهد هذه الحكومة، ولا منتمين من أعضائها إلى أحزاب التي سمَّتهم، وهذا ما ترك شكوكًا حول هذا المعيار.
ولم يقف الرَّئيس المكلَّف عند التَّمثيل السّنِّي في الحكومة، فأخرجه من كنف الكتل النِّيابيّة، وسمّى وزراء هو لوحده، لأنه يمثِّل الطَّائفة السِّنيَّة في النِّظام السِّياسي، وهو من يختارهم، في ممارسة وضعها نوَّاب ومرجعيّات سنيَّة، بالفوقيّة والانتقائيّة، وإدارة الظَّهر، على عكس ما فعله مع كتل نيابيّة أخرى، وقف وراءها، كمثل التَّمثيل الشِّيعي الذي أخذ سلام برأي الثُّنائي الذي سمّى الوزراء الخمسة واعترض على أسماء لحركة "أمل" و"حزب الله"، لكنه سلّم بما قرَّره "الثُّنائي الشِّيعي"، كما التزم بالاسمين اللَّذين أرسلهما الحزب التّقدُّمي الاشتراكي، وكذلك لبَّى مطالب "القوَّات اللّبنانيّة" والكتائب، أي أنَّ الحكومة ضمَّت وزراء سمَّتهم الأحزاب، وإن كانوا غير مُنتسبين لها رسميًّا، لكن تحت مظلَّتها السِّياسيّة.
فالرَّئيس سلام، قدَّم نفسه على أنَّه ممثِّل الطَّائفة السِّنيَّة السِّياسي، ولم يشاركه أحد في اختيار الوزراء السُّنّة، مستندًا إلى دعم سعودي - أميركي له، فلم تصدر أصوات سُنّة تعلن أن سلام أجحف بحقّ الطَّائفة، سوى من اعتراض شكليٍّ للنَّائب وليد البعريني، وللشَّيخ حسن مرعب حول توزير حنين السَّيد، وهي متزوِّجة من ماروني، ومسجَّلة مارونيّة.
وحظي سلام على مباركة وتأييد مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، وتلقَّى تهنئة من الرئيس سعد الحريري ومن رؤساء حكومات سابقين، فأمّن له بذلك الغطاء السِّنّي، السّياسيّ والدِّيني، كما التَّأييد السُّعودي خصوصًا والعربيّ عمومًا، إضافة إلى الدَّوليّ، وظهر ذلك في أثناء الاستشارات النِّيابيّة المُلزمة، بتسمية رئيس الحكومة أمام رئيس الجمهوريّة، فكان الاتجاه نحو نجيب ميقاتي ليتغيَّر بعد ساعتين نحو نواف سلام، الذي شكَّل الحكومة بهذا الاحتضان له، وبات مرجعيّة سياسيّة للطَّائفة السّنيَّة، بالتّنسيقِ مع السُّعوديّة، كأحد أعضاء "اللَّجنة الخماسيّةِ" المكلَّفة مساعدة لبنان على الخروج من أزماته الدستوريّة والسِّياسيّة، وإجراء إصلاحات إداريّة وماليّة واقتصاديّة وقضائيّة، وهذا هو دور الحكومة في محاربة الفساد، الذي بسببه تمنَّعت دول عن تقديم المساهمات الماليّة للحكومات المتعاقبة والتي كانت مشروطة.
فسلام، الذي كان عليه، أن يُخرج "حزب اللّه" من الحكومة بطلب أميركيّ عبّرت عنه مندوبة مساعد وزير الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس من القصر الجمهوري، كما غيرها من المسؤولين الأميركيين، لكن سلام ومعه الرئيس عون لم يرضخا للإملاءات الأميركية، وتشكَّلت الحكومة بخمسة وزراء شيعة بعضهم بجنسيات وثقافة أميركيّة.