عماد مرمل - خاص الأفضل نيوز
القرار الرسمي بعدم منح طائرة إيرانية إذنًا بالهبوط في مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري، يتجاوز في دلالاته وتداعياته حدود المطار ليشير إلى مرحلة جديدة، يراد للبنان أن يدخل فيها، وإن تكن معالمها النهائية لم تكتمل بعد في انتظار ما سيؤول إليه مخاضها.. فما الذي تخفيه أزمة الطائرة؟
من الواضح أن حظر هبوط الطيران الإيراني في مطار بيروت، لا يمكن فصله عن سياق عام للأحداث، يوحي بالنسبة إلى أوساط سياسية مطلعة، أن البلد آخذ في الانزلاق شيئًا فشيئًا نحو عصر "الوصاية الأميركية"، إلا إذا نجحت القوى المضادة لها في لجمها، قبل أن تستكمل تمددها في اتجاه كل المفاصل الأساسية للسلطة، علمًا أن لواشنطن في الأساس نفوذًا وازنًا في داخل الدولة العميقة.
وما يفاقم خطورة هذه الوصاية، وفق الأوساط، أن لها أبعادًا إسرائيلية واضحة، بحيث أن تغريدة واحدة من أفيخاي أدرعي كانت كافية للتسبب في الإشكال مع الطيران الإيراني، بعدما زعم أن فيلق القدس وحزب الله يستعملان مطار بيروت لنقل أموال تُستخدم في إعادة تسليح الحزب، ما دفع المعنيين في لبنان إلى اتخاذ القرار المعروف، على قاعدة "حماية المرفق الجوي الوحيد من أي اعتداء إسرائيليٍّ محتمل"، تبعًا للتفسيرات الرسمية المتداولة، الأمر الذي أعطى البعض انطباعًا بأن أدرعي يتصرف وكأنه مدير المطار.
وتخشى تلك الأوساط من أن تصبح كل المرافق الحيوية للدولة خاضعة إلى "مزاج" الأميركي والإسرائيلي وتدخلاتهما، بذريعة ضرورة منع حزب الله من إعادة بناء قدراته، مشيرة إلى أن التعيينات المقبلة في مراكز مفصلية في المؤسسات الرسمية لن تكون بمنأى عن تأثير واشنطن ومعاييرها.
وتنبه الأوساط السياسية المطلعة إلى أن الشحن الزائد والاحتقان المتراكم قد يولدان في نهاية المطاف الانفجار والفوضى، لافتة إلى أن ما حصل في الشارع خلال الأيام الماضية ينطوي على جرس إنذار يجب التقاطه، بمعزل عن أن التجاوزات التي رافقته مرفوضة.
وتعتبر الأوساط أن العهد الجديد الحريص بطبيعة الحال على حماية انطلاقته وتفعيلها، يبدو المتضرر الأكبر من السعي الأميركي _ الإسرائيليّ إلى محاولة "الإطباق" على الحزب وبيئته في كل المجالات، لأن مثل هذا الاستهداف سيرتب ردود أفعال تصاعدية من شأنها أن تهز الاستقرار الداخلي الذي يشكل ممرًا إلزاميًّا للنهوض المنتظر.
وتشدد الأوساط على أن من مصلحة رئيسي الجمهورية والحكومة السعي إلى ضبط الإيقاع الأميركي على الساحة اللبنانية وعدم مجاراته، لتحصين تجربتهما في الحكم وتفادي إشعار مكون أساسي بأنه عرضة للحصار.
وتستغرب الأوساط كيف أن واشنطن التي كانت داعمة لانتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا، لا تسهل له مهمته، سواء على مستوى ترتيب الوضع الداخلي أو على مستوى ضمان الانسحاب الإسرائيليّ الكامل في 18 شباط، ولعل ما فعلته مورغان أورتاغوس بعد لقائها عون خلال زيارتها السابقة هو أكبر دليل على سوء التقدير في هذا المجال.